الشائعات سلاح مدمر للمجتمعات، ومفسد للحياة، ولها مخاطر على الفرد والأسرة، وتعمل على خلط الأوراق، وضياع الحقيقة، وشيوع المظالم، ومن نواتجها الهزيمة النفسية، وتؤدي إلى اليأس والإحباط، وتقضي على الروح المعنوية، الشائعات عمل شيطاني بامتياز، والتاريخ يزخر بكثير من الشائعات التي غيرت مجرى الأمم، وأشعلت الحروب، ودمرت الجماعات، وأراد صناع حديث الإفك الذي ذكر في القرآن الكريم وصحيح السُّنة، الدمار للأمة، ولكن الله سلَّم، وكانت الحادثة خيراً لهذه الأمة، لما فيها من دروس وعبر؛ (لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ) (النور: 11).
وتعرّف الإشاعة بأنها الترويج لخبر مختلق، لا أساس له من الصحة، أو المبالغة أو التهويل والتشويه في سرد خبر فيه جانب ضئيل من الحقيقة، أو إضافة معلومة كاذبة أو مشوهة لخبر معظمه صحيح، أو تفسير خبر صحيح والتعليق عليه بأسلوب مغاير للواقع والحقيقة.
والشائعات –في الغالب- ليست أمراً عبثياً ارتجالياً، بل إن الإشاعة أمر مدروس، ووراءه مدبر، أو مدبرون، قد يكون على مستوى فردي أو جماعي، عام أو مؤسسي.
وهناك من يتابعها ويعمل على تناقلها بين الشرائح المطلوبة، وإن لكل شائعة هدفاً ما، يراد له أن يتحقق، وهذا الأمر بطبيعة الحال يختلف من حال إلى حال، ومن واقعة إلى أخرى، وهذا بدوره يؤكد النقطة الأولى؛ ألا وهي التخطيط والتدبير، ولو بشكل فردي.
أما عن السؤال الملح: كيف نواجه الشائعات؟
يمكن مواجهتها بما يأتي:
1- تعميق الإيمان بالله تعالى، ومراقبته، والخوف منه، مع ربط ذلك بمسؤولية الكلمة؛ «وكفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع».
2- العناية بفقه الواقع: ومعرفة لوازمه، ومعرفة قواعد الحذر، ومعالم أخذ الحيطة.
3- التربية على قاعدة حسن الظن، مع ملاحظة أن «المؤمن كيس فطن»، و»لست بالخب ولا الخب يخدعني»، وأكبر مأساة في هذا المجال «غفلة الصالحين».
4- الصبر والأناة: مواجهة الشائعات والحرب النفسية تحتاج إلى صبر وأناة، وتريث وهدوء، وقوة إرادة، أما الغضب فلا يثمر خيراً، ولا يأتي بفائدة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً قال: يا رسـول الله، إن لي قرابة أصلهـم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إليَّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليَّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن كنت كما قلت، فكأنما تُسِفهّم المَلّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك» (رواه مسلم).
5- الحكمة: عليك أن ترصد الموقف بدقة، وتتمتع بحكمة بالغة.
6- الثبات: أمام هذه الشائعات، والحرب النفسية، فلا انكسار، ولا هزيمة، بل على المرء المسلم أن يشعر، إزاء مثل هذه المصائب، بالقوة المعنوية، ويرفع همة من حوله من الناس.
7- الأخذ بالأسباب الناجعة في معالجة الموقف، وتفنيد الشبهات، وكشف المفتريات.
8- التربية الوقائية: وحسن تقدير الموقف في الأشخاص والأحداث، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.
9- الحذر كل الحذر من الدخول في معارك، لا نفع منها، وذلك من خلال ترتيب الأولويات بشكل مدروس، وتنظيم جدول التصدي بصورة دقيقة، فكثير من الشائعات ينبغي ألا نلتفت إليها، ولا تشغلنا عن مهامنا، وبعض الأشخاص يروق له أن ترد عليه، حتى يشتهر، وفي بعض الأحيان، الأخذ والرد هو السبب في نشر القضية، فالأمر دقيق وحساس، ولا بد من فهمه الدقيق في التعاطي معه.
10- التوعية والتوجيه والإرشاد للصنف الذين ذكروا بقول الله تعالى: (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) (التوبة: 47)، هذا الصنف هو مدخل الشر، ونافذة السوء، وباب المصائب، حيث يسيرون وراء كل ناعق، ويركضون وراء كل صيحة.