– الغنوشي: خطاب مفعم بقيم الحرية والثورة ودولة القانون
– الشاهد: بلادنا تتقدم بثبات على طريق ترسيخ احترام الدستور والمؤسسات وإعلاء سلطة الشعب
– مورو: الرئيس سعيّد يحتاج إلى فريق وتشاور والتعامل مع الأطراف الفاعلة
– الناصر: يوم مشهود في تاريخ تونس
ثمَّن عدد من السياسيين التونسيين خطاب الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد، الأربعاء 23 أكتوبر 2019م، واعتبروه علامة فارقة على طريق الانتقال الديمقراطي وتعزيز الحريات في البلاد.
قال رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي، أحد المرشحين لتولي حقيبة رئاسة الحكومة: إن خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيّد كان خطاباً مفعماً بقيم الحرية وقيم الثورة ودولة القانون، وتأكيد على استمرارية الدولة وعلاقات تونس الجيدة والقضية الفلسطينية، وتابع: كان خطاباً منهجياً مفعماً بالقيم الإنسانية والثقافية التونسية والإسلامية عامة.
واعتبر القيادي في التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، أن خطاب سعيّد بعد أداء اليمين الدستورية يحمل العديد من الرسائل للتونسيين، تتمثّل في المحافظة على مكتسبات المرأة، والمحافظة على دولة القانون والمؤسسات، وأنّه لا مجال للمس من الحقوق والحريات، وعبّر عن أمله في أن يتم تطبيق هذه الرسائل على أرض الواقع، وأن يساهم في تجاوز الأزمة السياسية وتشكيل الحكومة المقبلة.
من جانبه، دعا رئيس الحكومة التونسية السابق، الحبيب الصيد، الجميع إلى مساعدة رئيس الجمهورية على تحقيق الأهداف التي تحدّث عنها في خطابه، وفق قوله.
وفي السياق ذاته، قال أمين عام حركة مشروع تونس، محسن مرزوق: إنّ المهم بعد تنصيب رئيس الجمهورية هو النتائج، وإنّه على الجميع أن يتعاون من أجل أن تكون هذه النتائج إيجابية.
وكان الرئيس المؤقت، محمد الناصر، قد وصف ما جرى قبل وبعد موكب تسليم وتسلّم السلطة بـأنه «يوم مشهود في تاريخ التونسيين»، وتابع: إنّ الانتقال تم بسلاسة وهدوء ومسؤولية وفي الآجال القانونية التي حددها الدستور.
وكشف عبدالفتاح مورو، رئيس مجلس النواب بالنيابة، عن الحوار القصير الذي دار بينه وبين رئيس الجمهورية قيس سعيّد، إثر أدائه اليمين الدستورية وإلقائه للخطاب في مجلس نواب الشعب، قائلاً: قلت له: إنك بعثت أملاً جديداً في المجلس وفي الشعب التونسي، وهناك انتظارات كبيرة، ومن كانوا وراءك يصفقون لك سيصبحون أمامك يطالبونك.
وتابع مورو: رئيس الجمهورية أجابني بأنه شاعر بذلك، واعتبر أن هذه مسؤولية، وأنه يعوّل على التونسيين في أن يساعدوه.
واعتبر مورو خطاب سعيّد طموحاً، وفيه سقف عال جداً، مشدداً على أن الرئيس قيس سعيّد يحتاج إلى فريق وتشاور والتعامل مع الأطراف الفاعلة، وأن رئيس الدولة يلزمه حزاماً سياسياً.
وكان رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، قد كتب تدوينة في صفحته الرسمية على «فيسبوك»، تحدث فيها عن الجلسة العامة الممتازة بالبرلمان، قائلاً: للمرة الثانية بعد المصادقة على دستور الجمهورية الثانية، تعيش بلادنا تداولاً ديمقراطياً على مسؤولية رئاسة الجمهورية، وتتقدم بثبات على طريق ترسيخ احترام الدستور والمؤسسات وإعلاء سلطة الشعب التي يمارسها عبر ممثليه المنتخبين، مرة أخرى يحق للتونسيين أن يفتخروا بمكسبهم الديمقراطي.
بدوره، أكد رئيس الجمهورية المتخلي، محمد الناصر، أن انتقال السلطة تم بهدوء وسلاسة ومسؤولية، ولم يمس من استمرارية الدولة في جميع مسؤولياتها، خاصة فيما يتعلق بتأمينها للخدمات وللمرافق، وحماية الأرض والحدود، وبالخصوص الإيفاء بالتزاماتها بالداخل والخارج.
وأضاف في تصريح أدلى به لـ”التلفزيون التونسي” الرسمي قبيل موكب التسليم والتسلم لمنصب رئيس الجمهورية، بقصر قرطاج، أن اليوم (23 أكتوبر 2019م) هو يوم مشهود في تاريخ تونس، لأنه يمثل تغييراً وانتقالاً مهماً في حياة التونسيين، وذلك بانتخاب قيادة جديدة للبلاد لمدة خمس سنوات.
وأكد الناصر، الذي تقلد منصب رئاسة الجمهورية منذ 25 يوليو 2019م بعد وفاة الرئيس الراحل محمد الباجي قايد السبسي، أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية تم في ظرف قصير، جدد خلاله الشعب التونسي تمسكه بالخيار الديمقراطي، قائلاً: هذا الخيار لا رجعة فيه.
ودعا القيادة الجديدة، من برلمان ورئيس الجمهورية، إلى القيام بما من شأنه أن يتماشى مع حاجيات المواطنين وتطلعاتهم وإعادة الأمل إلى الشباب، مضيفاً أن تحقيق ذلك يتطلب أن يكون الشعب التونسي متضامناً.
لقاء الغنوشي
وفي إطار واجباته، نظّم الرئيس التونسي قيس سعيّد لقاءات مع عدد من رؤساء الأحزاب، في مقدمتهم رئيس حزب حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي، الذي حاز حزبه على أعلى الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (52 مقعداً) متقدماً على الحزب الذي يليه “قلب تونس” ب 14 مقعداً.
وأكد الغنوشي أن اللقاء مثّل مناسبة جدّد فيها تهانيه للرئيس المنتخب على ما حظي به من تفويض كبير من الناخبين التونسيين، وأكّد أهميّة هذه الشرعيّة الواسعة في جمع كلمة التونسيين، وإعطاء مزيد من الأمل للشباب.
وأوضح الغنوشي أنّه أطلع رئيس الدولة على النتائج الأولية للمباحثات التي أجراها حزب حركة النهضة مع عدد من الأحزاب والمنظمات الوطنيّة في إطار تكوين الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى سبل دعم العلاقات في الفضاء المغاربي، وتعزيز دور تونس في تحقيق السلام في ليبيا الشقيقة.
من جانبه، جدّد الرئيس قيس سعيّد التأكيد على دوره الجامع لكلّ التونسيين والضامن لوحدتهم خدمة للمصلحة الوطنية، كما شدّد على أهمية اعتماد معيار الكفاءة في تكوين الحكومة الجديدة وتقديم برنامج في مستوى طموحات التونسيين، بعيداً عن كل التقسيمات الحزبيّة.
خروج تونس من القائمة السوداء
بعد الانتخابات مباشرة حصلت تغييرات كثيرة سواء على صعيد علاقات تونس بالخارج أو على المستوى المحلي، فلم يمض وقت طويل على إعلان فوز قيس سعيّد حتى أعلن محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي خروج تونس من قائمة الدول الخاضعة لمتابعة مجموعة العمل المالي (GAFI)، وقال: إن ذلك كان إشارة إيجابية لثقة المستثمرين برجوع تونس للسوق المالية بأكثر وضوحاً وبفتح آمال الاستثمار على المدى الطويل.
وقال العباسي، يوم الجمعة 25 أكتوبر 2019: إنّ العمل في الفترة القادمة يجب أن يكون بأكثر فاعلية وحرفية من الفترة السابقة، وإن البنك المركزي يتابع بشكل متواصل مدى جدية البنوك التونسية في التعامل مع هذه الإجراءات.
وتابع العباسي: الوضع خلال السنوات الماضية كان دقيقاً، بما أن عديد البنوك الأجنبية عادة ما تقلص نسبة تعاملها مع الدول التي تخضع لمراقبة “غافي”.
وكانت مجموعة العمل المالي قد أعلنت، في 18 أكتوبر الماضي، خروج تونس رسمياً من القائمة السوداء.
سياسيون: تونس تخطو نحو ترسيخ قيم الحرية والتداول السلمي للسلطة
أكد سياسيون وكتَّاب وإعلاميون أن تونس تخطو خطوات أخرى نحو الديمقراطية، من خلال انتخاب قيس سعيَّد رئيساً للجمهورية التونسية.
ففي البداية، قال النائب الكويتي السابق د. جمعان الحربش: ربيع تونس ما زال يزهر وينجو من الثورات المضادة التي أحرقت خيارات الشعوب، مبروك لتونس اختيارها الحر قيس سعيد، وحفظها الله وبلاد المسلمين من مكر الليل والنهار.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية والمفكر د. عبدالله النفيسي: إن خطاب الرئيس التونسي قيس بن سعيّد عربي الهوى واللغة، وأضاف في حسابه عبر «تويتر»: يا له من مشهد هؤلاء التوانسة! تَقدّموا على العرب من خلال التداول السلمي على السلطة بلا دم.
وعلى صعيد متصل، قال المحلل العسكري فايز الدويري: فوز قيس سعيّد يعيد لـ«الربيع العربي» ألقه، ويثبت أن الثورات المضادة وداعميها غثاء كغثاء السيل، مؤكداً أن مخططات قادة الثورات المضادة فشلت، وتابع: قيس سعيد يستحق الاحترام والتقدير، فهو صاحب فكر ناضج ولغة عربية سليمة وخلفية عروبية إسلامية، ويعتبر علامة فارقة، ومن خلال ردود الأفعال تتضح المواقف، متسائلاً: هل الأشخاص والدول مع الثورات الحقيقية أم مع الثورات المضادة؟
وقال الكاتب والمحلل السياسي مهنا الحبيل: الاحتفال الشعبي التونسي بفوز قيس سعيّد كأنه انتصار في معركة استعادة الثورة، وهو درس كبير لأطراف المشهد داخل تونس وخارجها، لكن مهمته القصوى اليوم وضع برنامج يتحالف معه كل مخلص لهذا الاستقلال النوعي، لتنجح تونس اقتصادياً وتختط مشروع نهضتها، قبل تآكل الأمل وتطوير عراقيل الخصوم.
ومن ناحيته، قال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، عزت الرشق: فازت تونس مجدداً، فازت ثورتها بشبابها الملهم، مبروك للرئيس قيس سعيّد ثقة شعبه العظيم، مبروك لفلسطين رئيس تونس الذي يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب ويعتبره جريمة خيانة عظمى.
وأوضح الكاتب الصحفي جابر الحرمي أن احتفالات الشعب التونسي بفوز قيس سعيد بالانتخابات الرئاسية التونسية لم تقتصر على مدن تونس فحسب، بل هي تطوف في أرجاء الوطن العربي، تحمل آمال الشعوب العربية.
أما الباحث في العلاقات الدولية والحركات الإسلامية جلال الورغي، فأوضح أن تونس تخطو مرة أخرى نحو ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية والتداول السلمي على السلطة، مبيناً أنه في تونس من يحكم الشعب لا يأتي عبر البراميل المتفجرة، ولا يأتي عبر الانقلابات العسكرية، مؤكداً أن شعب تونس صاحب القرار.
وقال الكاتب الصحفي ياسر الزعاترة: إن تونس الخضراء منحت الأمة أمل الربيع، فهي تجدد أمل الأمة بانتخاب قيس سعيد كضمير للثورة، وتعلن رفضها للفساد والفاسدين، وللثورة المضادة.
وقال الإعلامي بقناة «الجزيرة»، عثمان آي فرح: فوز قيس سعيّد يرسل رسالة واضحة للإعلام المضلل بأنه يخدع نفسه عندما يتوهم أن باستطاعته تزييف وعي الشعوب الحرة، وأن الشعب الحر لن يعود إلى القفص ولن يرضى بالفتات.
وقد تسلم رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد رسمياً، 23 أكتوبر 2019م، مهامه بقصر قرطاج للسنوات الخمس المقبلة، وذلك بعد أدائه اليمين الدستورية أمام البرلمان، وتعهد في خطاب ألقاه بهذه المناسبة بالحفاظ على الدولة، وضرورة أن تبقى مرافقها العمومية خارج الحسابات السياسية، وتعهد بضمان إعلاء القانون.