“حدث خطير ومقلق”.. هكذا وصف المراسل العسكري للقناة 13 العبرية، حادثة إسقاط طائرة بدون طيار على ارتفاع 12000 قدم.. تصريح شكّل حالة من الإرباك في الوسط “الإسرائيلي”.
وقد قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إن القصة ليس اعتراض الطائرة فوق غزة، لكن القصة الرئيسية هي أنه أصبح في غزة قدرات عسكرية على رفع الطائرات بدون طيار إلى ارتفاع أكثر من 10000 قدم.
وأكدت الصحيفة العبرية: “هذا بحد ذاته دليل على وجود عمل مستمر لدى حماس لتطوير قدراتها”.
المقاومة لديها عقول خلّاقة
من جانبه، أفاد الباحث المتخصص بالشأن العسكري والأمني، رامي أبو زبيدة، بأن “العقول الخلّاقة والمُبدعة لدى المُقاومة عوَّدتنا بعد كلِّ مواجهةٍ تطويرَ قدراتِها واستخلاص العبر”.
وقال أبو زبيدة في حديث لـ “قدس برس”، إن المقاومة في تطوّر مستمر، وقادرة على مراكمة الإنجازات ومصادر القوة لديها، وهي على أهبة الاستعداد لأية تطور وفعل من العدو في ظل حالة عدم الاستقرار التي يعيشها الكيان.
وأشار: “هناك بعض المؤشرات التي تذهب باتجاه إمكانية إقدام الاحتلال على تنفيذ ضربات استباقية أو تنفيذ عمليات اغتيال كتولي آفي ديختر نائبًا لوزير الدفاع الصهيوني المعروف بتبني سياسة الاغتيالات، إلى جانب الاجتماعات المتكررة للكابينيت الصهيوني واستمرار التحليق المكثف للطيران الحربي”.
توازن الرعب
واستطرد: “وبالتالي فالمقاومة أرادت تثبيت استراتيجية توازن الرعب بعد أن أصبحت واقعا فرضته باستمرار امتلاكها الصواريخ والطائرات المسيرة والأسلحة الكاسرة للتوازن”.
وشدد على أن “أي عمل قد يقدم عليه الاحتلال سيترتب عليه إدخال وسائل قتالية نوعية تؤثر بشكل كبير على مجريات الأحداث والجبهة الداخلية الصهيونية”.
وأوضح: “المقاومة بغزة لم تُعلن حتى اللحظة عن امتلاكها أو إطلاقها هذه الطائرة، لأن هذه الرواية صدرت عن جيش الاحتلال فقط، لكن الثابت أن المقاومة تواصل تطوير قدراتها العسكرية في هذا المجال وسبق أن أنتجت من هذه الطّائرات ثلاثة نماذج”.
وذكر أن المقاومة تمتلك نماذج؛ طائرة A1A ذات مهام استطلاعية، وA1B وهي ذات مهام هجومية (إلقاء)، وA1C وهي ذات مهام هجومية (انتحارية)، وقد استخدمتها خلال المواجهات الأخيرة في ضرب أهداف إسرائيلية.
تهديدات جديدة
وأكد أن جيش الاحتلال يتجهز للتهديدات الجديدة النّاشئة أمام أعينه، “فالطّائرات الصَّغيرة تهديدٌ جديدٌ يتنبَّأُ العدوُّ باستخدامه في أيَّةِ مواجهةٍ قادمةٍ، وهي تُمثِّل تهديدًا حقيقيًّا”.
واستدرك: “المخابرات الإسرائيلية ترى أنَّ حماس تصبُّ جزءًا كبيرًا من تركيزها على تحسين قدرات الطائرات المسيَّرة في قطاع غزَّة”.
وأشار إلى أن تل أبيب لم تألُ جهدًا في إيجاد وسائل للحد من خطر هذه الطائرات “وكان ذلك واضحًا، باغتيال أبرز القادة الذين ساهموا في مشروع (طائرة حماس)، كالمهندس فادي البطش، الذي اغتيل في ماليزيا عام 2018، والمهندس التونسي محمد الزواري الذي اغتيل في تونس عام 2016”.
من أهم إنجازات الصناعات العسكرية
وأوضح: “الطائرات المسيرة أحد أهم إنجازات الصناعات العسكرية التابعة للمقاومة، وسيكون لها دور مهم وبارز في أي مواجهة قادمة، في نقل العبوات النّاسفة ووضعها في أماكن حسّاسة”.
ونوه إلى أن المخاوف الرئيسيّة من هذه الطائرات تكمنُ في استغلالها لاستخدام صاروخٍ دقيق التَّوجيه يمكن استخدامه لضرب أهدافٍ استراتيجيَّة، كالقواعد العسكريَّة للجيش الإسرائيلي والسفن الحربية في عرض البحر، أو منشآت “قومية”.
واستدرك: “ومن مهام المركبة الجوية بدون طيار الإنذار المبكر، حماية القوات، إرسال الصور الملتقطة إلى محطات التحكم الأرضية أو أي نظام استقبال آخر، بالغالب مثل هذه الطائرات تستطيع الطيران بحمولة تصل لأكثر من 30 كجم، والأخطر من كل شيء هو أن طيران الإسناد القريب (المروحي والاستطلاعي) يمكن أن يفقد ميزة الإسناد للقوات الأرضية إذا حلقت طائرات المقاومة فوقه”.
رسائل ردع
بدوره، يعتقد سليمان بشارات؛ الباحث في مؤسسة “يبوس” للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تعمد بشكل مباشر وغير مباشر بين الفترة والأخرى إيصال رسائل “ردع” للاحتلال الإسرائيلي من خلال ما تكشف عنه أو تقوم بتجريبه.
وبيّن بشارات في حديث لـ “قدس برس” أن الهدف من ذلك أولًا محاولة منع أي مغامرة قد يسعى الاحتلال لخوضها ضد القطاع، أما الهدف الثاني فيقع ضمن محاولات التطوير والتجريب.
وأضاف: “المقاومة لا تنتظر حتى لحظة المواجهة لتختبر قدراتها، بل على ما يبدو أنها تعمل ضمن خطة مدروسة لتطوير هذه القدرات بشكل منهجي، وهذا يدفعها لتنفيذ تجارب مستمرة”.
ولفت النظر: “هناك رسائل أخرى أرادت المقاومة إيصالها وهي رسائل لجمهور الاحتلال من جانب، بهدف الضغط أكثر على حكومة الاحتلال لمنح المقاومة مطالبها في أي مفاوضات تهدئة، كذلك أيضًا رسائل للمجتمع الفلسطيني الداخلي تؤكد من خلالها حتى إن لم يكن هناك مواجهة على الأرض مع الاحتلال إلا أن الإعداد مستمر ولم يتوقف وأن المقاومة يمكن أن تمتلك العديد من القدرات التي ربما لم تكشف عنها بعد”.
دلالات التوقيت
وعن دلالات التوقيت، بيّن بشارات أن توقيت الاستعراض لمثل هذه القدرات له دلالات أخرى مشيرًا لاجتماعات الكابينيت “الإسرائيلي” في الأسبوعين الماضيين.
وذكر: “الكابينيت قام بعقد الجلسات دون أن يفصح عن أسباب انعقادها أو القضايا التي تمت مناقشتها”.
وتابع: “ربما جعل المقاومة تبعث برسائل أن هناك الكثير من القدرات التي تحتفظ بها إن كانت هناك نوايا إسرائيلية لتنفيذ أي هجمات ضد القطاع”.
واستبعد بشارات “أي رد فعل على الأرض بعد اسقاط الطائرة لتجنب أي مواجهة محتملة”.
وأشار إلى أن “المجتمع الإسرائيلي أولًا غير مهيأ لأي مواجهة، وكذلك الوضع السياسي الغير مستقر داخليًا سبب آخر يحول دون اتخاذ خطوة بهذا الاتجاه”.
ويرى سليمان بشارات، أن المقاومة بالمقابل تخفي العديد من القدرات ولن تكشف عنها إلا في ظروف هي تقدرها.
وكان جيش الاحتلال قد أعلن، الثلاثاء، اعتراض مقاتلاته الحربية لطائرة بدون طيار أطلقت من قطاع غزة. وأضاف البيان أن حركة “حماس”، التي تحكم القطاع، “لن تتوانى عن مواصلة أعمال جوية كهذه”.
فيما ذكرت القناة 13 العبرية، أنّ الطائرة المسيرة كانت تحلق في سماء قطاع غزة على علو 12 ألف قدم، والجيش أسقطها باستخدام طائرة f-15.