“وصلت العلاقات الثنائية بين تركيا ودولة الكويت إلى مستوى مثالي؛ فعلاقاتنا السياسية إيجابية وقوية، ونهجنا تجاه التطورات الإقليمية والعالمية متشابه”، بهذه الكلمات عبرت السفيرة التركية في الكويت عائشة هلال صايان كويتاك عن طبيعة العلاقات بين البلدَيْن المسلمَيْن الشقيقين، وذلك من خلال هذا الحوار الذي أجرته معها “المجتمع” في مقر سفارة بلادها بالكويت.
وقد تطرق الحوار لعدد من القضايا والملفات الساخنة، سواء على الساحة الداخلية التركية، أو العلاقات التركية بمختلف الأطراف الخارجية.
وقالت السفيرة عائشة: إن تركيا تمكنت من الانتقال من تركيا التي كانت تتأثر بشكل كبير من أي هزة تشهدها لتتسبب بأضرار كبيرة تصيب الديمقراطية والاقتصاد وبنيتها السياسية والاجتماعية؛ إلى تركيا التي وصلنا إليها اليوم قوية تجتاز كافة الاختبارات الإقليمية والعالمية بكل أنواعها بنجاح تام.
بداية، نرحب بك سعادة السفيرة في هذا الحوار، ثانياً اسمحي لنا أن نتعرف على عدد الجالية التركية بالكويت، وكذلك نسبة السياح الكويتيين في تركيا.
– أهلاً ومرحباً بكم وبمجلة “المجتمع” العريقة، وبهذه المناسبة أود أن أتقدم بأصدق التهاني القلبية إلى صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح؛ بمناسبة توليهما مهامهما الجديدة.
قبل تفشي وباء “كوفيد- 19”، كان يعيش في الكويت أكثر من 8 آلاف مواطن تركي؛ حيث يعمل غالبية مواطنينا في البنية التحتية ومشاريع البناء الكبرى في الكويت، وقد غادر جزء كبير منهم بصفة مؤقتة خلال إيقاف حركة الطيران بسبب تفشي الوباء عائدين إلى تركيا على متن رحلات الإجلاء التي نظمتها سفارتنا في تلك الفترة، وفي الوقت الحالي يوجد نحو 5 آلاف مواطن تركي بالكويت.
أما بالنسبة للسياح الكويتيين في تركيا؛ فتعد تركيا إحدى أهم الوجهات التي يفضلها أشقاؤنا الكويتيون، وقبل تفشي الوباء كانت الكويت أكثر دول الخليج من حيث عدد الرحلات الجوية إلى تركيا.
وقد استمر عدد الكويتيين الذين يزورون تركيا في الزيادة عاماً بعد عام؛ حيث زار بلادنا أكثر من 374 ألف سائح كويتي في عام 2019م، وبالنسبة لعدد سكانها، فإن الكويت هي أكبر دولة من حيث عدد السياح إلى تركيا.
ما أوجه التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين الكويت وتركيا؟
– وصلت العلاقات الثنائية بين تركيا والكويت إلى مستوى مثالي؛ فعلاقاتنا السياسية إيجابية وقوية، ونهجنا تجاه التطورات الإقليمية والعالمية متشابه، وأمامنا مجالات واسعة للتعاون؛ حيث تشهد تجارتنا الثنائية زخماً إيجابياً، رغم الظروف المعاكسة الناجمة عن تفشي وباء “كورونا”؛ حيث تدعم شركات المقاولات لدينا جهود التنمية في الكويت ومشاريع البنية التحتية.
ويبدي إخواننا الكويتيون اهتماماً متزايداً ببلدنا من حيث السياحة وشراء العقارات والاستثمار، بالإضافة إلى ذلك ومنذ اليوم الأول لتولي مهامي سفيرة لبلادي لدى دولة الكويت، وضعنا مجالات التعاون الصحي والتعليم العالي كمجالات ذات أولوية من حيث وجوب تنشيطها.
وأعتقد أن الكويت ستكون قادرة على تقييم الفرص المتاحة في بلدنا حول هذه المجالات بشكل أفضل، كما أن تطوير تعاوننا سينعكس إيجاباً على كلا البلدين على المدى الطويل، وقد بدأ عملنا المستمر يؤتي ثماره؛ فنحن نساوي من حيث الأهمية بين أمن واستقرار الكويت وأمن واستقرار بلدنا، واستناداً إلى هذا المفهوم، فإننا نولي أهمية خاصة للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية.
هل هناك رؤية لتعميق العلاقات بين البلدين؟ وما مظاهر هذا؟
– نحن مصممون على زيادة جهودنا لتعميق وتوطيد علاقاتنا الحالية مع الكويت في كل المجالات، وأكبر ضمانة لنا في هذه العملية هو أن مشاعر الصداقة والمودة المتجذرة التي تستند إلى تاريخ عميق بين شعبينا تشكل أساساً لعلاقاتنا.
لقد ترك الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، إرثاً قيماً في مجال العلاقات الكويتية التركية، ونحن نؤمن تماماً بأن هذا الإرث سيستمر في الازدهار بعهد صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله.
ولدينا رغبة صادقة في توطيد وتعزيز علاقاتنا في كافة المجالات بما يتماشى مع المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين تحت القيادة الحكيمة لصاحب السمو الأمير، وولي عهده الأمين، وهما رجلا دولة وصاحبا خبرة واسعة.
هل تركيا مستعدة لبناء تعاون ثقافي وعمالي مع الكويت؟
– بينما نسعى لتطوير علاقاتنا على جميع الأصعدة، فمن الأهمية أن ندعم هذه العلاقات بمشاريع تهدف إلى الالتقاء المتكرر وتحقيق التقارب بين شعبينا على أسس ثقافية، وفي هذا السياق نرغب بافتتاح “مركز يونس إمري الثقافي التركي” في الكويت.
وبما أن اللغة هي أحد أهم عناصر التفاعل الثقافي؛ لذلك فمنذ أن توليت مهامي قمنا بتوسيع وتكثيف دورات اللغة التركية في الكويت، وتفعيل منح اللغة العربية المخصصة للطلاب الأتراك من قبل الحكومة الكويتية بعد أن كانت في حالة من الخمول.
وفي واقع الأمر، هناك تزايد باهتمام الشباب الكويتي باللغة التركية، ويبادلهم الشباب التركي الاهتمام بتعلم اللغة العربية في الكويت، ومن ناحية أخرى؛ لدينا جامعات تحتل مراتب عالية في التصنيف العالمي وتوفر التعليم باللغة الإنجليزية، ولدينا القدرة والإمكانات لتوفير التعليم بجودة عالية لشبابنا في كافة المجالات سواء في الطب أو الهندسة أو العلوم الاجتماعية، وأدعو الشباب الكويتي لتلقي التعليم في تركيا حيث يشعرون بأنهم في وطنهم.
بهذه المناسبة، شركة “ليماك” التركية تقوم ببناء مطار الكويت الجديد، متى ينتهي؟ وهل أثرت أزمة “كورونا” على سير العمل؟
– كما تعلمون، فإن وباء “كوفيد- 19” لم يؤثر سلباً على الكويت فحسب، بل على العالم بأسره، وفي هذا السياق؛ فقد أثر الوباء على مشروع المطار الجديد، كما أثر على جميع المشاريع الأخرى، فعلى سبيل المثال؛ انخفضت القوى العاملة بسبب القيود المفروضة، وبالرغم من ذلك تم البدء خلال هذه الفترة بمشروع مواقف السيارات وهو المرحلة الثانية من مشروع المطار، ويستمر العمل حالياً بأقصى سرعة، ويسعدنا هذا التطور، وتبذل الشركة قصارى جهدها لاستكمال أعمال البناء لمبنى الركاب ومواقف السيارات في الوقت المحدد.
إذا وسعنا مجال الحديث عن باقي دول الخليج، فهل لك أن تلقي الضوء على العلاقات الخليجية التركية؟
– تقع تركيا في شمال منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من الأزمات وعدم الاستقرار، وفي الجنوب من تلك المنطقة تقع دول الخليج، التي تبرز كمنطقة مستقرة وآمنة، ويحمل التآزر بين تركيا ودول الخليج والانفتاح بين الشمال والجنوب أهمية كبيرة من أجل تحقيق الاستقرار في هذه المناطق المضطربة، ويعد الخليج العربي أيضاً منطقة تجارية مهمة اليوم، ويمكن لدول الخليج -التي لديها مصادر دخل حتى أثناء الأزمات المالية العالمية؛ بسبب صادرات الطاقة المنتظمة ورؤوس الأموال- أن توفر فرصاً كبيرة للاستثمار والتجارة، ومع ذلك ومن أجل توسيع العلاقات الاقتصادية والإقليمية على أسس أكثر صلابة، يجب توسيع الاستقرار إلى ما بعد المستوى الثنائي ليصبح على المستوى الإقليمي.
وفي هذا السياق، تولي تركيا أهمية خاصة للعلاقات مع دول المنطقة.
ننتقل إلى الداخل التركي، كيف استطاعت تركيا الإفلات من الدائرة الجهنمية التي تحتكر التقدم وتمنع الدول الإسلامية من النهوض؟
– تمكنا والحمد لله من الانتقال من تركيا التي كانت تتأثر بشكل كبير من أي هزة تشهدها لتتسبب بأضرار كبيرة تصيب الديمقراطية والاقتصاد وبنيتها السياسية والاجتماعية؛ إلى تركيا التي وصلنا إليها اليوم قوية تجتاز كافة الاختبارات الإقليمية والعالمية بكل أنواعها بنجاح تام.
ومما لا شك فيه أن أهم التغيرات الحاسمة لقفزة بلادنا الكبيرة إلى الأمام هو انتقالنا إلى نظام إدارة جديد؛ حيث وصلت هذه العملية، التي كانت أولى مراحلها الانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية من قبل الشعب، في 10 أغسطس 2014م، إلى نقطتها النهائية مع استفتاء 16 أبريل 2017م، وانتخابات 24 يونيو 2018م.
في هذه العملية، فإن القيادة الموهوبة لرئيسنا “رجب طيب أردوغان”، والخطوات الحاسمة التي اتخذتها حكومتنا من خلال مراعاة مصالح بلادنا وتنفيذها بتضامن تام بين الدولة والأمة من بين الأسباب المهمة لنجاحنا.
ما الخطط التنموية التي تقوم بها تركيا لتكون في مصاف الدول المتقدمة؟
– كشفت خطة التنمية الحادية عشرة (2019-2023م)، وهي أول خطة تطوير للنظام الرئاسي للحكم، عن الرؤية التنموية لبلدنا من منظور بعيد المدى؛ فمن خلال هذه الخطة -التي تم تصميمها كأول فترة 5 سنوات من منظور مدته 15 عاماً- نهدف إلى تحويل هيكل الاقتصاد بطريقة تضمن الاستقرار والاستدامة على المدى الطويل، وتعزيز رأس المال البشري مع التحرك التعليمي، وزيادة القدرة على تطوير التكنولوجيا والابتكار مع حملة التكنولوجيا الوطنية.
ما أبرز المعوقات أمام نمو الاقتصاد التركي؟
– في الوقت الذي يكتسب فيه اقتصادنا زخماً إيجابياً، كانت بداية وباء “كوفيد- 19” من أشد وأندر الاختبارات قسوة التي يواجهها ليس الاقتصاد التركي فحسب، بل الاقتصاد العالمي.
في جميع أنحاء العالم، تباطأ النشاط الاقتصادي بشكل حاد، وتحت وطأة المجهول ونتيجة لتحول رؤوس الأموال إلى ذهب والاحتياطي إلى سيولة، نجم في البلدان النامية مثل تركيا موجات من تقلبات أسعار صرف العملات، كما أدى الانخفاض الحاد في عائدات السياحة إلى ظهور خلل في تحقيق التوازن في العمليات الجارية.
ومع ذلك، كشفت حكومتنا عن برنامج جديد لكيفية التعامل مع هذه الاختلالات المالية والاقتصادية الكلية التي ظهرت مع التأثير الوبائي في الاقتصاد، من خلال “برنامج الاقتصاد الجديد”، وستساعدنا التطورات في مجالات مثل زيادة الاستثمارات الأجنبية، وإعادة تطوير السياحة، ونمو حجم التجارة على تخطي هذه الفترة، والخروج منها أكثر قوة ومتانة؛ فلدينا ثقة كاملة في مستقبل اقتصادنا.
ما دور المرأة التركية في تنمية الدولة؟
– للمرأة قيمة مهمة في الثقافة التركية وتقاليد الدولة، وقد مارست النساء في تركيا دوراً مهماً ليس فقط في الحياة الاجتماعية، ولكن أيضاً في الحياة السياسية عبر التاريخ؛ فالمرأة هي أحد العناصر الأساسية التي تتكون منها الأسرة، وإذا كانت الأسرة جيدة أصبح المجتمع جيداً، وإذا كان المجتمع جيداً فستقف الدولة بمتانة على قدميها لفترة طويلة، ولطالما كان الأتراك يقدّرون المرأة ويوصلونها إلى مناصب مهمة في الحياة السياسية والاجتماعية.
وفي تقاليد الدولة التركية القديمة جداً، كان يُنظر إلى الرجال والنساء على أنهم يتمتعون بحقوق متساوية من حيث القيم الإنسانية، ومع دخول الأتراك إلى الإسلام، ازدادت أهمية المرأة أكثر، واستمر هذا المفهوم بشكل عام حتى يومنا هذا.
ما تقييمكم للتعاون العربي التركي؟
– تعتبر تركيا -وهي إحدى الدول المهمة بالمنطقة- أن استقرار وأمن وسلام الدول العربية مرتبط بشكل مباشر باستقرارها وأمنها وسلامها، وفي هذا السياق؛ تحاول تركيا الوقوف بجانب الدول العربية، وتبذل جهدها لدعمها والتضامن معها إزاء كافة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجهها هذه الدول، ونؤمن تماماً بأنه لا يمكن حل المشكلات إلا من خلال التعاون والتنسيق والحوار، وإيجاد الحلول الدائمة بالطرق السياسية، وتهدف رؤية تركيا حول مستقبلها مع الدول العربية إلى تطوير التفاعل الاجتماعي والتجاري والثقافي على أساس مبدأ الربح للجميع في بيئة من الاستقرار السياسي والأمني الدائم والمستدام، وبالتالي زيادة رفاهية وسلام شعوب جميع دول المنطقة، بما في ذلك بلدنا.
يعد الملف السوري من أخطر الملفات العربية التركية؛ فما الذي تم إنجازه في هذا الملف؟
– المعالم الأساسية لسياسة بلدنا والسياسات التي اتبعتها منذ اليوم الأول تجاه التطورات في سورية هي سلامة أراضي سورية ووحدتها، وإنهاء النزاعات وتلبية المطالب المشروعة للشعب السوري بتحقيق عملية التغيير السياسي بطريقة سلمية، وقد ساهمت تركيا بمواردها وقدراتها الوطنية بالعمليات العسكرية التي نفذها التحالف الدولي ضد “داعش”، كما قامت تركيا بتنفيذ 3 عمليات رئيسة لمكافحة الإرهاب في الأراضي السورية، مستندة في ذلك إلى القانون الدولي.
ووفقاً لحقوق الدفاع عن النفس وقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بمكافحة الإرهاب المنبثقة عن المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، من أجل إيجاد حل سلمي للصراع في جميع المبادرات الدولية التي تم القيام بها حتى الآن؛ شاركت تركيا بنشاط وفعالية في سورية من أجل منع المزيد من التصعيد والحد من انتشاره إلى دول الجوار، وتبذل كافة الجهود باتجاه التعجيل في عملية إيجاد حل.
وتستمر تركيا بدعم العمل الذي تقوم به اللجنة الدستورية في جنيف، التي تعتبر زخماً كبيراً في العملية السياسية وعلامة فارقة من أجل القضاء على أسباب الصراع في سورية، وفتح الطريق الصحيح أمام تغيير سياسي حقيقي وشامل، ونأمل أن تؤدي هذه العملية إلى التأسيس السلمي لنظام حر وديمقراطي يضمن دستورياً الحقوق والحريات الأساسية لجميع السوريين على أساس المساواة، بغض النظر عن العرق والدين والمذهب، بما يتماشى مع المطالب والتوقعات المشروعة للشعب السوري.
ما المعوقات التي تمنع الحسم في هذا الملف؟
– إن الصراعات التي تعيشها سورية، التي تجمعنا بها حدود برية تمتد إلى 911 كيلومتراً، تسببت حتى اليوم بفقدان الكثير من أرواح الأبرياء، كما تسببت بهجرة ملايين السوريين من أراضيهم التي يعيشون فيها؛ إما إلى مناطق أخرى بسورية، أو دول أخرى بما فيها تركيا، ووضعت بلدنا في مواجهة مسؤوليات وامتحانات سياسية وأمنية وإنسانية كبيرة.
وفي إطار الصراع في سورية، تؤدي سياسات النظام التي تجر البلاد إلى أزمة عميقة يوماً بعد يوم إلى عدم الاستقرار الإقليمي، وتسبب تهديدات إقليمية تكتسب بُعداً جديداً، وبسبب هذه السياسات، كوَّن “داعش” والجماعات المتطرفة الأخرى أرضية لها في المنطقة.
إذا انتقلنا إلى الملف الليبي؛ هل استطاعت تركيا التوصل إلى اتفاق حول الأزمة الليبية؟
– لقد دعمت بلادنا عملية الحوار التي انطلقت في ليبيا منذ نهاية عام 2014م، وتتطور علاقاتنا مع ليبيا في جميع المجالات الممكنة على أساس المنفعة المتبادلة والمساهمة في إقامة سلام واستقرار وأمن دائم في ليبيا.
في هذا السياق، تم التوقيع على مذكرتي تفاهم “ترسيم الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط”، و”التعاون الأمني والعسكري”، مع حكومة الوفاق الوطني، في 27 نوفمبر 2019م، كما تدعم بلادنا بنشاط الجهود الدولية لإيجاد حل سياسي للمشكلة في ليبيا، تحت قيادة الأمم المتحدة ومن خلال الحوار بين الليبيين.
هل هناك أنباء عن تحسن في العلاقات التركية المصرية؟ وما أبرز نقاط الالتقاء؟
– العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر منذ عام 2013م مستمرة على مستوى القائم بالأعمال، هذا بالإضافة إلى وجود حوارات قصيرة بين وزيري خارجية البلدين جرت في مناسبات مختلفة، والسفارة المصرية في أنقرة وقنصليتها العامة في إسطنبول، كما سفارتنا في القاهرة وقنصليتنا العامة في الإسكندرية تعمل بتواصل دون انقطاع، بالإضافة إلى ذلك، يتم الحفاظ على الروابط الاقتصادية والاجتماعية العميقة المتجذرة التي تستمد قوتها من الإرث التاريخي المشترك بينهما، ويقيم حالياً ما يقارب 3500 مواطن تركي في مصر، وهي أكبر شريك تجاري لنا في القارة الأفريقية.
واللقاءات والزيارات المتبادلة بين رواد الأعمال الأتراك والمصريين مستمرة، هذا بالإضافة إلى مواصلة مركز “يونس إمري الثقافي” لأنشطته هناك، حيث تم افتتاحه بالقاهرة عام 2010م بموجب اتفاقية تم عقدها بين البلدين.
أين تقف تركيا من الحرب الدائرة باليمن؟
– تدعم تركيا السلام والاستقرار ووحدة الأراضي اليمنية، حيث تجمعهما علاقات تاريخية وثقافية متجذرة، وقد دعت تركيا منذ بداية الأزمة في اليمن إلى حل كافة المشكلات بالحوار والطرق السلمية على أساس احترام الشرعية، وتدعم تركيا الحكومة الشرعية منذ العملية التي بدأت باستيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، وتدعو لإيجاد حل سياسي شامل للمشكلة في إطار قرار مجلس الأمن (2216) عام 2015م، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني (IAC)، ومبادرة دول مجلس التعاون، التي يتم قبولها كمعايير ثابتة.
وتراقب بلادنا عن كثب عملية الحل السياسي والوضع الإنساني المتدهور في اليمن، وتواصل إرسال مساعداتها الإنسانية بهدف مداواة جراح الشعب اليمني الشقيق.
ما أبرز المستجدات في قضية الحدود البحرية والصراع على الغاز في شرق البحر المتوسط؟
– تركيا هي الدولة ذات الخط الساحلي الأطول في شرق البحر الأبيض المتوسط، لذلك فإن التطورات في هذه المنطقة لها تأثير مباشر على أمن بلادنا وحقوقها ومصالحها.
من ناحية أخرى، فإن العديد من البلدان، سواء كان لديها ساحل على البحر المتوسط أم لا، تتابع عن كثب الأحداث وتحاول التدخل، وأحد الأسباب الرئيسة لذلك هو الموارد الهيدروكربونية الغنية التي يعتقد وجودها في هذه المنطقة.
وتشير بعض الدراسات إلى أن كمية الغاز الطبيعي القابل للاستخراج في المنطقة تزيد على 3.5 تريليون متر مكعب، وهذا الرقم، الذي يمكن أن يلبي احتياجات الغاز الطبيعي لأوروبا بأسرها لسنوات، هو قوة اقتصادية لا يمكن لأي دولة تجاهلها، هذه الإمكانات الاقتصادية هي التي تقف وراء استفزازات بعض الدول في الآونة الأخيرة، وبمشاركة شركات الطاقة الدولية، أخذ شرق البحر المتوسط موقعه في قلب الجغرافيا السياسية للنفط والغاز.
هل تقف تركيا وحدها في هذه القضية ضد الدول الإقليمية والأوروبية؟
– إن سياسة تركيا في شرق البحر المتوسط ترتكز على ركيزتين؛ أولاهما: حماية حقوقنا وسيادتنا في جرفنا القاري؛ وذلك بترسيم حدودها بالحق وبشكل عادل وفقاً للقانون الدولي في مناطق السيطرة البحرية، والثانية: ضمان حقوق ومصالح القبارصة الأتراك في الموارد الهيدروكربونية كشركاء متساوين للجزيرة.
ويجب التعامل مع قضية شرق المتوسط من منظور واسع ومتعدد الأبعاد، ويمكننا حل المشكلات في البحر المتوسط ليس من خلال استبعاد بعضنا بعضاً، ولكن بجمع كافة الجهات الفاعلة في المنطقة حول طاولة واحدة؛ فلا يمكن أن يأتي السلام في البحر المتوسط من أي معادلة لا تأخذ فيها تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية وضعها بشكل عادل، من ناحية أخرى؛ قمنا بحماية حقوق ومصالح بلدنا وليبيا في شرق البحر المتوسط، خاصة مع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعناها مع ليبيا، وعززنا أيدي بلادنا في القانون البحري الدولي.
ارتباطاً بذات القضية مشكلة تقسيم الحقوق المائية في البحر المتوسط مع اليونان؛ فما آخر تطورات هذا الملف؟
– توجِّه بعض الدول اتهامات لا أساس لها ضد تركيا، مدعية أنها تدعم السلام والاستقرار والتعاون في شرق البحر المتوسط، وتحاول طرح وتطوير بعض المبادرات، لا يمكن تحقيق التعاون الحقيقي في شرق المتوسط إلا من خلال نهج شامل يضم جميع البلدان المشاطئة، بما في ذلك القبارصة الأتراك، وما لم تغير البلدان التي تثير المشكلات في المنطقة سياساتها المتطرفة والعدائية، فلا يمكن التوصل لحلول للتك المشكلات، وستواصل تركيا بعزم حماية حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في شرق المتوسط.
في هذا السياق، نتوقع من اليونان سحب ادعاءاتها المتطرفة المخالفة للقانون الدولي، ووضع حد للتدريبات والأنشطة العسكرية التي تزيد من حدة التوتر في بحر إيجة والبحر المتوسط، والدخول في حوار صادق معنا، وخاصة في مجال المحادثات الاستكشافية.
وماذا عن دور الاتحاد الأوروبي والتحالفات في مشكلة اليونان وتركيا؟
– إن الطريق لإحلال الطمأنينة والسلام والاستقرار في حوض البحر المتوسط يعبر من خلال احترام حقوق تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية والاعتراف والتسليم بها، وكما بيَّن الرئيس “أردوغان”، فإن تركيا لن ترضى بغير ذلك، لا بالإجبار ولا بالحيلة.
ومع الأسف، أصبح الاتحاد الأوروبي سجين اليونان وجنوب قبرص، هذا الوضع يضر به أكثر من غيره، وبسبب الكيل بمكيالين تجاه بلادنا على حساب تجاهل جميع القيم التي دافع عنها حتى اليوم، تراجعت للأسف مصداقية الاتحاد الأوروبي، ويجب على دوله اتخاذ موقف عادل في المناقشات حول شرق المتوسط، وأن تتجه لإيجاد حل عادل لهذه المشكلات وتبني أجندة تعتمد على المصالح المشتركة والمستقبل المشترك واحترام حقوق تركيا والقبارصة الأتراك.