بداية، نرحب بكم في «المجتمع»، ونبدأ بهذا السؤال: ما الفرق بين البلدية والمجلس البلدي؟ وما طبيعة العلاقة بينهما؟
العلاقة بين المجلس البلدي والبلدية كالجناحين للطائر كل منهما يرفرف باتجاه للوصول إلى هدف واحد
– أولاً: نشكر لكم هذه الاستضافة لتوصيل رسالتنا إلى السادة القرَّاء الكرام.
ثانياً: العلاقة بين المجلس البلدي والبلدية كالجناحين للطائر؛ فكل جناح يرفرف في اتجاه للوصول إلى هدف واحد، فكل من المجلس البلدي والبلدية يكمل أحدهما الآخر.
البلدية سابقاً كانت بمنزلة مجلس الوزراء اليوم؛ حيث كانت تحت ريادتها مجموعة من المؤسسات التي تم إنشاؤها عام 1930م، مثل «الداخلية»، و«الإطفاء»، وغيرهما من المؤسسات.
ثم بعد ذلك بدأت هذه المؤسسات تأخذ خصوصية ومهامَّ محددة لها، وبالتالي انفصلت عن البلدية، وبعد ذلك تم تأسيس المجلس البلدي، وهو من أقدم المؤسسات، ويعد بداية لتأسيس الدولة.
المجلس البلدي جهة تشريعية ورقابية، تشرّع وتضع اللوائح، وتقدم المقترحات وتصدر القوانين، والجهاز التنفيذي هو الجهة التي تنفذ ما يتم الاتفاق عليه وإقراره من خلال المجلس البلدي، وكذلك يراقب تطبيق اللوائح والقوانين، وما يخص الأمور التنفيذية في الجهاز التنفيذي، فهو يراقب كل ما يقوم به الجهاز التنفيذي؛ فالبلدية والمجلس التنفيذي يتحركان وفقاً لقرارات ولوائح المجلس البلدي، الذي يقوم كذلك بالإشراف والمراقبة على ما تقوم به البلدية والجهاز التنفيذي.
فالمجلس البلدي يعتبر بوابة لكل مشاريع الدولة؛ فأي مشروع لا بد أن تكون بدايته من المجلس البلدي، ثم يتم إحالته للمجلس التنفيذي للبلدية، ثم بعد ذلك ينطلق إلى الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ المشاريع.
قرارات المجلس مستقلة وليس فيها أي تدخل حكومي وأتمنى منحه صلاحيات أكبر
بعد تعديل قانون البلدية عام 2016م، أصبح المجلس البلدي، بحسب البعض، مجلساً استشارياً للحكومة؛ فهل الحكومة تستطيع فرض قراراتها عليه، أو رفض قراراته؟
– أشغل هذا المنصب (عضو المجلس البلدي) منذ عامين ونصف عام، بحيث أستطيع القول: إن قرارات المجلس مستقلة، ولا يوجد فيها أي تدخل حكومي، وهذه شهادة حق أشهد بها، من واقع تجربتي الخاصة في المجلس، ولديه صلاحيات، لكنها ليست كاملة، وأطمح أن يكون له صلاحيات أكثر من ذلك.
فقانون (5/2005) قام بتجريد جزء من صلاحيات المجلس البلدي، وكذلك قانون (2016) حدّ من صلاحيات المجلس، في المقابل؛ يستطيع عضو المجلس إن كان لديه مشروع معين، من خلال الأدوات التي في يده، أن يأخذ ما يريد من قوانين أو تشريعات.
على سبيل المثال؛ كان هناك مقترح تم رفضه من قِبل الوزير، ثم رجع إلى المجلس البلدي، واستخدم المجلس المادة (25)، بحيث يرجع الموضوع إلى مجلس الوزراء، وفي النهاية أيَّد مجلس الوزراء قرار المجلس البلدي، وهذا دليل على أن هناك أدوات من خلالها يستطيع العضو استخدامها، لكن المحك في كيفية استخدام هذه الأدوات.
ونحن نطمح إلى الكثير من الصلاحيات، بحيث يتمكن المجلس من وضع حلول سريعة، سواء بتعديل اللوائح أو القوانين، أو قرارات سريعة يتخذها وتكون نافذة بشكل مباشر.
المجلس يتميز بالسرعة في الأداء فالمعاملة قد تستغرق شهراً بعد أن كانت تستغرق عاماً أو أكثر
كيف تقيّم أداء المجلس البلدي، وأداء المجلس التنفيذي للبلدية؟
– من فضل الله تعالى، وشهادة الجهات التي نتعامل معها، من خلال ورش العمل واللجان، يتضح أن المجلس البلدي مجلس شبابي، وحسب اللوائح الخاصة به؛ فإن أي مشروع حكومي أو أي معاملة تدخل المجلس لا يمر عليها 60 يوماً حتى يتم إنهاؤها، وتأخذ دورتها المستندية، وهذا يعتبر إنجازاً للمجلس، لذلك نجد أنه يتميز بعدم تأخير أي معاملة، والسرعة في الأداء، لدرجة أن المعاملة أحياناً تستغرق شهراً واحداً أو أقل.
هل هذا القانون عندكم خاص بمعاملات المواطنين أم الحكومة؟
– الحكومة تعرض علينا مشروعات، وتحتاج إلى رأي المجلس البلدي فيها، وكل مشروع يحتاج إلى دورة مستندية داخل المجلس، فمثلاً؛ جامعة الكويت كان لديها نوع من الأوامر التغييرية، وعُرضت المعاملة على المجلس الذي أنجزها خلال أسبوعين فقط، فالمجلس أعطى إضافة في قضية الاستعجال، وإضافة في طرح المشاريع، وإضافة في دعم بعض المشاريع؛ مثل المشاريع الصغيرة والشبابية.
لكن، رغم ذلك يُتهم المجلس، من قِبَل البعض، بتعطيل المشاريع؛ فما ردكم؟
– لم يتم تأخير أي مشروع من قِبل المجلس البلدي، أما الإشكالية التي ربما تحدث، فإنه قد تكون هناك موافقة من المجلس، ثم يحدث التأخير من جهات أخرى غيرنا، فعلى سبيل المثال؛ مشروع «المطلاع» تم تسليمه من المجلس البلدي وإقراره وإعطاء المساحة، وتم توجيه الكتاب والموافقة إلى الجهاز، أما التأخير فكان بعد الموافقة، والمجلس ليس له علاقة بالتأخير.
وأيضاً إحدى الجهات طلبت إنشاء مواقف سيارات داخل الديرة، وكان الطلب ملحاً، وهو مستحق، نظراً للاختناقات المرورية، وتمت الموافقة على إنشاء هذه المواقف منذ ما يقرب من 6 سنوات، وحتى الآن لم يتم إنجازها، وكل عامين يتم تجديد الموافقة؛ لذا اتخذ المجلس قراراً بأنه إذا لم تُنفذ هذه المواقف فسيتم سحب بناء الموقف من هذه الجهة وإعطاؤه لجهة أخرى للتنفيذ.
وهناك كثير من المشاريع يتم الموافقة عليها ولا تُنفَّذ؛ لذلك من حرص المجلس الحالي أنشأ لجنة تسمّى «أملاك الدولة»، وأي مشروع متأخر، أو أي مبنى أو أرض لم يتم استثمارها من قبل المؤسسة وتم ترخيصها في السابق؛ سيتم سحبها، وإعادة تخصيصها إلى جهة أخرى تحتاجها، سواء بتحويلها إلى حديقة عامة، أو إلى مواقف، أو غير ذلك.
هل يوجد اتصال مباشر بين المواطن والمجلس البلدي؟
– من كانت لديه تساؤلات، ولم يجد آذاناً صاغية في الجهاز، يستطيع عن طريق المجلس البلدي أن يقدم الشكوى أمام لجنة «الشكاوى والعرائض»، ونستقبل على الأقل 4 شكاوى في الأسبوع، ومن خلالها نستدعي الجهات المعنية، وأحياناً يكون الخلاف بين جهات معنية مع المالك، فنقوم بالاتصال بتلك الجهات والمالك للاجتماع وبحث تلك الشكوى، وهذه الجهات قد تكون الزراعة، أو التربية أو غيرهما، ويتم استدعاء الجميع، ويجلسون على طاولة واحدة، بحيث نصل إلى حل توافقي، وإذا لم تُحَل المشكلة؛ نرجع إلى قرار المجلس ونتخذ الإجراء اللازم.
عقود النظافة سابقاً كانت قيمتها 285 مليون دينار وحالياً 124 مليوناً وأداؤها أفضل
هناك مشكلة أثارتها بعض الصحف بخصوص عقود شركات النظافة، إلى أين وصلت هذه المشكلة؟
– كان من أولوياتنا في المجلس البلدي الحالي النظر في عقود النظافة، والحمد الله من خلال السؤال وتعديل بعض اللوائح وورش العمل واللجان ولجنة التحقيق، توصلنا إلى نوع من التطوير في مستوى النظافة، والهدف من اللجنة تقصي الحقائق، والبحث عن أماكن القصور في الجهاز أو في إدارات النظافة، واللجنة تعمل على قدم وساق، وشغلها مثمر، وتقوم بزيارات عديدة، وكان عندنا لقاء مع بعض الجهات ولكن المسؤولين لم يحضروا اللجنة، وتم إحالتهم للتحقيق، لأننا لدينا أسئلة، وعندنا لقاء مع ديوان المحاسبة، ولقاء مع رئيس هيئة الزراعة، ورئيس هيئة البيئة، وهذه اللقاءات تعطينا القدرة على تحديد أماكن الخلل والقصور.
وعقود النظافة السابقة كانت قيمتها 285 مليون دينار، وكان أداؤها على غير المطلوب، أما قيمة العقود الحالية 124 مليوناً فقط، ومع ذلك الأداء أفضل، فمستوى النظافة كان دون الطموح، وإذا نظرنا إلى أدوات النظافة من الآليات والسيارات والمكانس، نلاحظ أنها لم تتغير منذ 50 عاماً، وأصحبت قديمة جداً، والآن هناك آليات للنظافة على أعلى مستوى من الحداثة والتطور.
فعندما نريد تنظيف مكان نستعين بسيارة وحاملة للمخلفات حتى تضع المخلفات في السيارة، على حين وصل التطور إلى الاستعانة بسيارة واحدة طولها ثلاثة أمتار وعرضها متران، وتستطيع سحب المخلفات وحملها وتفتيتها في آن واحد، وتغطية منطقة كاملة، ولكن للأسف مثل هذه التقنية الحديثة غير موجودة بالكويت.
فتغيير الآليات أصبح أمراً مطلوباً، لذا تقدمت بمقترح من أجل تغليب الجانب التقني على البشري، بمعنى أشتري آليات حديثة متطورة تغني عن العنصر البشري، فآلية واحدة لديها الإمكانات بحمل المخلفات والتنظيف وتحتاج فقط إلى سائق ومساعد له.
وأعتقد أن السبب الرئيس وراء تدني مستوى النظافة هو ضعف الرقابة، وقلة الخبرة؛ فموظف النظافة في حاجة لاكتساب تلك الخبرة.
عدم وجود خارطة طريق لاستغلال العاصمة السبب الرئيس وراء عدم تحسين مستواها عالمياً
العواصم الأوروبية والخليجية تتفوق على العاصمة الكويتية في الجانب الرقابي؛ فما السبب؟ وهل نستطيع مواكبة هذه الدول في الرقابة؟
– للأسف، لا توجد خطة لاستثمار العاصمة؛ لأنه من المفترض أن يكون هناك نوع من التجزئة والتقسيم للأماكن التجارية والسياحية والتراثية، خصوصاً أن هناك إحصائيات للمجلس الوطني للثقافة والتراث، كشفت أن هناك مناطق عديدة في العاصمة تراثية، بداية من البوابات وغيرها.
وأعتقد أن عدم وجود خارطة طريق لاستغلال منطقة العاصمة السبب الرئيس وراء عدم إبرازها وتحسين مستواها قياساً بالعواصم الخليجية والعالمية، والعاصمة من المفترض أن يكون لها دور أفضل مما هي عليه الآن، والغريب أن العاصمة في النهار تعج بالمواطنين والمقيمين، وفي الليل تتحول إلى مدينة أشباح، حتى إن الشخص يخشى السير فيها ليلاً لعدم وجود أماكن سياحية أو ترفيهية، وخلوها من أي مرافق يمكن استخدامها والاستفادة منها بعد الساعة التاسعة مساءً!
فهي تحتاج إلى لجنة لمعالجة القصور بها، وإلى جهود مشتركة من المشروعات السياحية وبلدية الكويت، ووزارة الأشغال، وكذلك المركز الوطني للثقافة والتراث يجب أن يدخل بقوة في هذا الأمر ليساهم في طرح الحلول وتحديد مناطق القصور، ومن ثم معالجتها.
لدينا 9 جزر طبيعية، و3 صناعية، فالجزر الطبيعية أصبحت مهملة، ومدن أشباح، على حين كانت في الثمانينيات والتسعينيات تغص بالحركة والازدهار، وبعض الممارسات غير الأخلاقية التي تحدث في بعض هذه الجزر يرجع لكونها مناطق مفتوحة ولا توجد فيها رقابة، فما دوركم تجاه تلك الجزر، خصوصاً جزيرة فيلكا؟
– نحن كمجلس بلدي، على استعداد للتعاون من أجل استغلال وتطوير الجزر، وقبل فترة جاءنا كتاب من أجل استثمار بعض المؤسسات الحكومية والمرافق في جزيرة فيلكا، وكانت الموافقة والتعاون مع أملاك الدولة سريعة.
وأطمح أن تكون هذه الجزر متنوعة ومتخصصة، مثل جزيرة كبر وأم المرادم، بحيث يكون فيها محافظة على البيئة، خصوصاً الشعب المرجانية وغيرها داخل الجزيرة، وهي مهيأة لذلك، ويتم وضع مرافق سياحية بيئية تحافظ على البيئة وتكون معلماً سياحياً.
كذلك جزيرة فيلكا مهيأة لذلك، لكنها تحتاج إلى إعادة ترتيب، وأعتقد أنه في حال استغلالها الاستغلال الأمثل ستكون معلماً سياحياً كبيراً في الخليج العربي، وهي كانت في السابق متنفساً للكويتيين، وهي منطقة تستحق الاهتمام؛ لأن جوها لطيف في الصيف.
نحن في المجلس البلدي لدينا وجهة نظر بخصوص هذه الجزر، فبعضها يصلح أن يكون معلماً سياحياً له وزنه وقيمته في منطقة الخليج، وبعضها الآخر يصلح أن يكون رمزاً للمحافظة على البيئة سواء ما يحيط بالجزيرة من شعب مرجانية، أم بداخل الجزيرة كالطيور التي تعيش فيها، وهناك جزر تصلح أن يكون لها استخدامات عسكرية كالتدريبات مثلاً، لذا ندعو لاستغلال هذه الجزر الاستغلال الأمثل، بما يعود على الكويت والكويتيين بالفائدة.
كلمة أخيرة.
– أرجو من كل مسؤول أن يؤدي دوره بالشكل المطلوب، ونحن نقوم بخدمة بلدنا، والموظف في وظيفته مؤتمن ويحمل أمانة أمام الله سبحانه وتعالى، يجب أن يقوم بها خير قيام، والكويت تستحق منا الكثير.
كما نأمل من كل مسؤول في موضع قيادي أن يترك بصمة خير، ويقدم خدمة وإضافة للبلد بحيث تتطور كل مؤسساتنا، وكل الدوائر الحكومية تعطي خدمة أفضل بحيث تلبي كل احتياجات المواطنين الكرام، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى.