انتقد كتّاب ومحللون تونسيون مواقف وتصرفات الرئيس قيس سعيّد الأخيرة، مثل نزوله للشارع واحتسائه القهوة تحت حراسة الأمن الرئاسي، وعدم حضوره للمؤتمرات الدولية التي يحضرها رؤساء الدول.
كما انتقدوا غموضه والحديث باستمرار عن مؤامرات وغرف مغلقة وخيانات دون أن يذكر أسماء رغم الاتهامات التي يوجهها لمجهولين تعد في خانة الخيانة العظمى، وهو ما يعد تستراً على جريمة في حال كان ما يقوله صحيحاً.
وشنّعوا عليه دخول أحد المساجد يوم الجمعة دون احترام آداب الدخول، ومنها عدم إيذاء الناس، عندما تعرض مصلٍّ لاعتداءات الأمنيين المرافقين للرئيس التونسي بعد طلبه من الرئيس تسمية الأشياء بمسمياتها وترك الغموض، فضلاً عن محاولته كسب المصلين سياسياً.
الجورشي: التونسيون لم يطلبوا من الرئيس الجلوس في المقاهي لكنهم طلبوا منه أن يحل مشكلاتهم
تنقية الأجواء لا تعكيرها
وأكد الكاتب والإعلامي صلاح الدين الجورشي أن نزول رئيس الجمهورية إلى الشارع لم يكن مدروساً، رغم أن الخطوة من ناحية الصورة مهمة.
وأردف، في مداخلة على قناة “حنبعل” الخاصة: ما يمكن أن يترتب عنه من دلالات وانعكاسات لم تكن في صالح رئيس الجمهورية.
وتابع: التونسيون لم يطلبوا من رئيس الجمهورية الجلوس في المقاهي، لكنهم طلبوا منه أن يحل مشكلاتهم، وأن يؤدي دوراً في تنقية الأجواء، وأن يأخذ قرارات مهمة لتوسيع دائرة علاقتنا في الخارج، وأن يتجول ويحضر في المؤتمرات الدولية وينسج علاقات تعود بالفائدة على تونس.
حوزة الحقيقة
وعنون الكاتب والناشط السياسي الحبيب بوعجيلة تدوينة له على “فيسبوك” بـ”تسقط قداسة الحاكم”، حذّر فيها من طبيعة الخطاب الذي يتبناه رئيس الجمهورية قيس سعيد، ومن آثاره المستقبلية.
بوعجيلة: سيدي الرئيس لا شيء يثبت أنك صالح في ثمود
وأشار بوعجيلة إلى أنّ الخطر الذي يمثله الرئيس الحالي سعيد هو أن مادحيه من أنصار الديمقراطية والثورة سابقاً، أو من أعدائهما الدائمين، حوّلوا الرئيس إلى حوْزة للحقيقة والقيمة، فتحول كل اعتراض عليه إلى اعتراض على قداسة مطلقة.
وأضاف: ساهم هذا في تدعيم هذه الصورة؛ وضع الاستقطاب الأيديولوجي الذي يجعل كل خصيم للنهضة قبّة مقدسة يخشى كل معترض عليه أن يتهم بأنه حليف للنهضة.
وخاطب الرئيسَ قائلاً: سيدي الرئيس، أنت بلا مشروع سياسي إلا خطابات الغموض واللامعنى.. سيدي الرئيس، أنت بهذه الصورة التي عليها خطاباتك وطبيعة أنصارك تهديد للحرية ومشروع استبداد أفلَ، ولم تعارضه يوماً حتى تعرف حجم خطورته وحلاوة الخلاص منه.. سيدي الرئيس، أنت على امتداد سنة ونيف من عهدتك، لم ترتكب إلا أخطاء ولم تقدم أي إنجاز.. سيدي الرئيس، لا شيء يثبت أنك صالح في ثمود، فلم نجرّبك سابقاً حتى نعرف إن كنت صلاحاً مطلقاً ومن يقابلك فساداً مطلقاً، إن هي إلا خطاباتك وأحكامك المطلقة التي تتحدث عن أشباح لم نعرفها.
وواصل قائلاً: سيدي الرئيس، أنا معارض لك ومختلف معك وعامل على ألا تكون رئيسي لولاية ثانية بحول الله، لا خوف منذ هروب المخلوع، ولا قداسة لأحد.
لا يقوم بوظائفه الدستورية
شوكات: لا يؤدي وظائفه الدستورية ومنغمس في أشياء أخرى لا معنى لها
من جهته، قال رئيس المعهد العربي للديمقراطية خالد شوكات، في مداخلة على قناة “نسمة” الخاصة: إنه لأول مرة يُشاهد في تاريخ الأنظمة السياسية رئيس لا يلتقي رؤساء أحزاب وسياسيين ومثقفين وشخصيات وطنية وفقهاء القانون الدستوري.
وأضاف شوكات: سعيّد لا يؤدي واجبه على المستوى السياسة الخارجية، ولا يتواصل مع القوى الداعمة لتونس، بل إنه لا يؤدي وظائفه الدستورية ومنغمس في أشياء أخرى لا معنى لها.
مبارزة الأشباح
وانتقد الكاتب والناشط الحقوقي عبدالسلام الككلي، في تدوينة نشرها على موقعه بـ”فيسبوك”، خطاب سعيّد عموماً وخطبته في مسجد الانطلاقة يوم الجمعة الماضي، قائلاً: إن السياسة التي تدخل المسجد عبر المسؤول السياسي المتمتع بالحصانة الذي يتحول إلى خطيب تريد أن تستهلك فضاء المسجد فتمتلكه في حين يحرم على غيرها (السياسة) استعماله لنفس الغرض، كما أن السياسي المحمي بالبوليس يريد احتكار الفضاء المسجدي ومصادرته وقد يفرض عليه إن لم يتصد له المجتمع، عادات غريبة عنه وعن السياسة في تونس تخرجه عن وظيفته حين تخضعه إلى أفكار وتصورات هي جزء من صراعات سياسية ومعضلات حزبية قد نتفق حولها وقد لا نتفق.
الككلي: قصر الرئاسة تحول إلى منبر للمبارزة ضد الأشباح والشياطين!
وأردف: ببساطة، إن رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي يردد أنه حارس للدستور ويقيم الدنيا ولا يقعدها من أجل فصل من قانون حسم في لا دستوريته وحده لنفسه وبنفسه هو بصدد انتهاك الدستور انتهاكاً صارخاً.
وأردف: إن من يتناسى الأصل في الحادثة التي وقعت في مسجد حي الانطلاقة وهو استغلال قيس سعيد المسجد من أجل أغراض لا علاقة لها بوظيفة المسجد.
وخلص الككلي إلى القول: إن ما فعله الرئيس يحتاج إلى إدانة صريحة، وإلا فإننا ذاهبون إلى العبث والفوضى داخل بيوت الله.
وتساءل: ماذا لو كان مخطط الرئيس في نهاية التحليل هو توظيف المسجد لغرض السياسة تماماً كما يفعل الخونة والمنافقون الذين يشير إليهم في خطبته في حي الانطلاقة، وفي قصره الذي تحول إلى منبر للمبارزة ضد الأشباح والشياطين.