حذر الكاتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست من أن الوضع في القدس المحتلة أصبح على شفا الانفجار، بسبب ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي القمعية في المدينة المقدسة وباقي الأراضي المحتلة عام 1948.
وقال هيرست إن الفلسطينيين الذين تخلى عنهم المجتمع الدولي، وأهمل الإعلام قضيتهم وتعرضوا للخيانة من قبل العديد من الدول العربية، ويعيشون في ظل قيادة تتجاهل قضاياهم ولا تلبي احتياجاتهم، قد أصبح مصيرهم الآن في أيديهم، وفي الشوارع التي خرجوا إليها كما هو دأبهم دائما.
وأشار إلى أن هناك حركة احتجاج وطنية فلسطينية تتشكل، على غرار الانتفاضة الأولى، لكنها هذه المرة لا تحدث في الضفة الغربية أو قطاع غزة، بل في داخل حدود “إسرائيل” في القدس والأراضي التي احتلتها عام 1948.
زلزال
وانتقد هيرست في مقال له بموقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) البريطاني الذي يعمل رئيسا لتحريره، إعلان جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ومبعوثه للشرق الأوسط، نهاية الصراع العربي “الإسرائيلي” في مقال له بصحيفة وول ستريت جورنال (The Wall Street Journal) قبل نحو شهر من الآن.
وأشار إلى أن كوشنر كان مخطئا عندما أعلن أن “الزلزال السياسي” الذي أطلقته موجة التطبيع العربي الأخيرة مع “إسرائيل” لم ينته بعد، وأن العالم “يشهد آخر فصول ما يُعرف بالصراع العربي الإسرائيلي“.
والحقيقة -والكلام لهيرست- هي أن مشروع إقامة دولة “إسرائيل اليهودية” لم يكن يوما في خطر كما هو الحال الآن عندما اعتقد أصحابه أنهم على أعتاب النصر؛ لأن الزلزال الهادر الحقيقي ليس الزلزال الذي يشير إلى نهاية الصراع كما زعم كوشنر، ولا يعتمل في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، بل يهز أركان “إسرائيل” في القدس والأراضي المحتلة عام 1948؛ حيث لا يوجد جدار أو حاجز تفتيش يحمي “إسرائيل” من عواقبه.
وأشار إلى أن قرار منع الفلسطينيين من الجلوس في باحات الأقصى وأمام باب العامود في القدس القديمة؛ حيث اعتادوا الجلوس بعد الصلاة في المسجد الأقصى، كان الشرارة التي أطلقت المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي شهدتها القدس مؤخرا.
توتر في عدة جبهات
وقال هيرست إنه رغم التهديدات الخطيرة والعديدة التي تواجه المقدسيين وعرب “إسرائيل”، الذين يتعرضون لحملة تطهير عرقي منظمة ويجبرون على هدم منازلهم أو يطردون منها، فإن محاولة إغلاق باحات الأقصى كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.
وتطرق المقال للعديد من أعمال القمع “الإسرائيلي” بحق عرب “إسرائيل” والمقدسيين في الوقت الراهن، والاحتجاجات المنددة بممارسات الاحتلال في تلك المناطق، ومن ضمنها المواجهات بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين” في يافا ومدينة أم الفحم وعدة مدن عربية أخرى في المثلث الشمالي والجليل؛ حيث يتظاهر عشرات الآلاف من الفلسطينيين للجمعة الثامنة على التوالي احتجاجا على تقاعس الشرطة عن التدخل لوقف عنف عصابات المستوطنين ضدهم.
كما أشار إلى مساعي السلطات “الإسرائيلية” لتهجير أهالي حي الشيخ جراح في مدينة القدس وتحويل ملكية الحي لجمعيات استيطانية.
في انتظار الشرارة التالية
وبحسب المقال، فإن المتظاهرين الفلسطينيين شباب لا يعرفون الخوف ولا يأتمرون بأمر زعيم، ولا يعتبرون أنفسهم مواطنين إسرائيليين، بل فلسطينيون استولت “إسرائيل” على أراضيهم وحقوقهم.
وتوقع هيرست أن تشهد القدس انتفاضة أخرى، وقال إن “هناك وقودا في الجو، ولن يمر وقت طويل قبل أن تحدث شرارة أخرى، القدس على شفا الانفجار”، وأضاف “هناك محور جديد يتشكل، وجيل جديد يعيد اكتشاف الحاجة للنزول إلى الشوارع“.
وختم الكاتب البريطاني مقاله بدعوة المجتمع الدولي، خاصة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى التدخل لمنع إراقة الدماء في القدس، وتساءل عما إذا كان حلفاء “إسرائيل” الدوليون سينتظرون إراقة الدماء التي ستصاحب الانتفاضة الجديدة لا محالة قبل أن يتدخلوا لتهدئة الوضع.