بدأ المقدسيون في حي الشيح جراح معركة إرادة جديدة ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلية، رفضا لبدء أولى خطوات إخلاء الحي بالكامل، والسيطرة على منازله، حيث احتشد سكان تلك المنازل بداخلها، بمساندة العديد من النشطاء، مع انقضاء مهلة حددها الاحتلال لهم، بدأت صباح الأحد، في وقت واصل فيه الاحتلال الهجوم ضد المقدسيين، وفي عدة مناطق أخرى بالضفة الغربية.
وميدانياً، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على سيدة، جنوب بيت لحم، وقالت مصادر من المدينة: إن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص على المواطنة رحاب محمد خلف الحروب من قرية وادي فوكين (60 عاماً)، وأصابوها، عند مرورها قرب مفرق عصيون جنوب المدينة، حيث نقلت تلك السيدة إلى مستشفى شعاري تسيديك في القدس المحتلة، وهي بحالة خطرة، وزعم الاحتلال أنها كانت تريد تنفيذ عملية طعن لعدد من الجنود.
جنود الاحتلال يصيبون امرأة ستينية بجراج خطرة بزعم تنفيذ عملية طعن
معركة الشيخ جراح
ومع بداية يوم الأحد، شرع الكثير من النشطاء المقدسيين وآخرين من مناطق الـ48، بالالتحاق بأصحاب المنازل الأربعة المهددة بالإخلاء والمصادرة من قبل سلطات الاحتلال، وشرعوا بالاعتصام داخليها، حيث ستكون هذه المساكن أولى المنازل التي سيتم إخلاؤها، ليتم الانتقال في الأيام القادمة، لباقي منازل الحي، من أجل تسليمها للمستوطنين.
وهاجمت قوات الاحتلال الشبان المعتصمين داخل حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، حيث اعتدت عليهم في شوارع الحي وطالبت المعتصمين داخل المنازل المهددة بالعمل على إخلائها، واعتقلت أربعة شبان مقدسيين بعد الاعتداء وقمع المشاركين في مسيرة ضد الاستيطان وتهجير عائلات حي الشيخ جراح، وذلك بعد أن منعت المسيرة من إكمال طريقها، وقامت بالاعتداء على عدد من المشاركين بالضرب، فيما رفع المشاركون لافتات تطالب العالم بالتدخل لوقف عمليات الترحيل القسري الذي يتعرض له سكان حي الشيخ جراح.
ونقلت “وكالة الأنباء الفلسطينية” (وفا) عن صالح دياب، وهو أحد النشطاء في حي الشيخ جراح، قوله: إن النشاطات متواصلة بشكل كبير في حي الشيخ جراح، للدفاع عنه ولحماية القدس بأكملها، لافتاً إلى أن المنازل الأربعة المهددة بالإخلاء تعود لعائلات الكرد، واسكافي، والقاسم، والجعوني، وهم يقطنون في كرم الجعوني، ويسكنها قرابة 50 شخصاً، فيما المنازل الأخرى المهددة بالإخلاء في الأول من أغسطس القادم يقطنها 70 مواطناً، وأشار إلى أنه يوجد حالياً 550 شخصاً مهددين بالإخلاء من منازلهم خلال الفترة القادمة، من أصل 2200 مهددين بالإخلاء بشكل كامل من الحي في المرحلة المقبلة.
وطالبت حركة “فتح” الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، بالوقوف عند مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، أمام ما وصفتها بـالمجزرة التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق سكان حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وقال المتحدث باسم الحركة أسامة القواسمي: إن أهل القدس يتعرضون لمجزرة تطهير عرقي وتمييز عنصري واضطهاد تمارسه حكومة نتنياهو المتطرفة، أمام صمت العالم ومؤسساته الرسمية.
من جهتها، قالت حركة “حماس”: إن مخطط الاحتلال “الإسرائيلي” لترحيل أهالي حي الشيخ جراح يستوجب تفعيل خيار المقاومة بأشكالها كافة، وقالت من المؤكد أن شعبنا سيذهب للخيارات كافة من أجل الدفاع عن المدينة المقدسة، ودعت “حماس” جامعة الدول العربية والمؤسسات الأممية للوقوف في وجه فاشية حكومة الاحتلال وما تقوم به من عمليات طرد وتهجير للمقدسيين من مدينتهم، والاستيلاء على منازلهم بقوة السلاح.
والمعروف أنه منذ العام 1972، يواجه أهالي الشيخ جراح مخططًا “إسرائيليًا” لتهجيرهم وبناء مستوطنة على أنقاض بيوتهم، ويزعم الاحتلال أن الأرض المقامة عليها منازل السكان هناك، ملك لجماعات يهودية، وهو أمر أبطلته أوراق رسمية، كانت قد صدرت عن المملكة الأردنية، خلال فترة إدارتها مناطق الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
الاعتداء على المسيحيين
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت، مساء السبت، شابين من المحتفلين بسبت النور في مدينة القدس المحتلة، وذلك خلال محاولتهما الوصول إلى كنيسة القيامة من أجل الصلاة، حيث قام جنود الاحتلال بالاعتداء عليهما واعتقالهما، وأفاد شهود عيان بأن تلك القوات اعتقلت بشكل وحشي أحد الشبان، فيما كبلت الآخر واقتادتهما إلى مركز توقيف في البلدة القديمة.
ونددت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، باعتداء شرطة الاحتلال على العشرات من الفلسطينيين المسيحيين، بينهم رهبان، في الأزقة المؤدية إلى كنيسة القيامة في القدس المحتلة، خلال الاحتفال بسبت النور، وقالت إن ذلك يمثل إمعاناً بالتطرف والعنصرية، وطالبت الهيئة المجتمع الدولي بالتدخل العاجل للجم سلطات الاحتلال ووضع حد لما تقوم به ضد أبناء شعبنا مسيحيين ومسلمين.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية إجراءات الاحتلال القمعية ضد المواطنين المقدسيين خلال احتفالات “سبت النور” في قلب مدينة القدس المحتلة، وقالت: إن القدس ستبقى عاصمة أبدية لدولة فلسطين، وسيبقى أهلها بمسيحييه ومسلميه، وبكنائسه ومساجده عنوان الحق والصمود الفلسطيني على أرضه.
عودة الحواجز الحديدية
ويأتي ذلك، فيما أعادت سلطات الاحتلال الحواجز الحديدية التي كانت قد أزالتها الأسبوع الماضي من منطقة باب العمود، بعد هبة جماهيرية اندلعت في القدس وفي كافة المناطق الفلسطينية، وذلك بهدف منع المقدسيين من الاحتفال بطقوس شهر رمضان.
وفي السياق، أوضح رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية بالقدس عبد العظيم سلهب، أن إعادة الاحتلال للحواجز الحديدية في ساحة باب العامود تمثل محاولة “إسرائيلية” لاستفزاز الشباب المقدسي وجرهم لموجة جديدة، وقال: إعادة الحواجز ستفجر الأوضاع من جديد، محذراً الاحتلال من أن المسجد الأقصى المبارك يعد منطقة حساسة وسيتحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن اندلاع المواجهات.
وأكد أن هبات الشباب المقدسي ستستمر للتصدي لمحاولات الاحتلال اقتلاع الشعب الفلسطيني من مدينة القدس المحتلة، مشدداً على أن محاولات الاحتلال لإخراج المقدسيين من المدينة ستتكسر أمام صخرة صمود المقدسيين.
ويشار إلى أن قوات الاحتلال أعادت ليل الجمعة نصب الحواجز الحديدية في باب العامود بالقدس، بعد أيام من إزالتها، خضوعاً لهبة شعبية، وذلك في تحد جديد للمقدسيين.
وأوضحت إحصائية محلية أن الأسبوع الماضي شهد مواجهات مع الاحتلال في 125 نقطة بالضفة والقدس تخللها إلقاء زجاجات حارقة، وأسفرت عن إصابة عدد كبير من المواطنين، وكذلك إصابة العديد من جنود الاحتلال والمستوطنين.
وبعد توقف يومي الجمعة والسبت، بسبب العطلة الأسبوعية، اقتحم، الأحد، 103 مستوطنين، باحات المسجد الأقصى، وأفادت الأوقاف الإسلامية بأن الاقتحامات انطلقت من باب المغاربة، بحماية شرطة الاحتلال على شكل مجموعات متفرقة.
إلى ذلك فلا تزال الجماعات الاستيطانية المتطرفة، وكبار حاخامات جماعات الهيكل المزعوم، يدعون لاقتحام المسجد الأقصى في 28 رمضان، وذلك عبر منصات التواصل الاجتماعية وعبر إعلانات أخرى، ودعا الحاخامات أتباعهم للمشاركة الواسعة في ذلك الاقتحام الذي يصادف يوم احتلال القدس، وهو اليوم الذي تعتبره “إسرائيل” عيداً لها.
ومن أجل منع هذا الاقتحام، تواصلت الدعوات الفلسطينية، لحشد جموع كبيرة من المصلين داخل المسجد الأقصى وفي محيطه، من أجل إفشال هذا المخطط، وذلك بالاستناد إلى نجاح هبة باب العمود.