أوصت مجموعة من الباحثين الفلسطينيين بتكثيف العمل شعبياً وإعلامياً على حضور الحالة المقدسية بشكل بارز في دائرة الاهتمام العربي والإنساني، مع الحاجة لمجموعات ضغط أكثر فاعلية في الدول الغربية لدعم الرواية الفلسطينية في ظل تراجع الاهتمام الرسمي العربي بالملف الفلسطيني عامة وملف القدس بصفة خاصة.
وأكد الباحثون نجاح هبَّة باب العامود في إعادة ملف تهويد القدس للأضواء، جاء ذلك ضمن ندوة نظمها المنتدى الفلسطيني في بريطانيا تحت عنوان “القدس تنتفض: الدور المطلوب وسبل الدفاع عن القدس والمقدسات وكيف نساهم بمنع تهويد القدس”، وشارك بها حافظ الكرمي، وزياد أبحيص، وعادل شديد، وفراس أبو هلال، وأدارها عدنان حميدان.
وقال المتحدثون في الندوة: إن السلطة والفصائل الفلسطينية دورها ضعيف بشأن ما يجري في القدس مقارنة مع الوعي الجمعي المقدسي وفعل الشباب المقدسي على الأرض.
من جهته، دعا رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا حافظ الكرمي إلى تطوير خطاب وحدوي متماسك لفلسطينيي الشتات قادر على الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل القانونية المشروعة، مع ضرورة التنسيق الكامل بين كافة المؤسسات الفلسطينية بما يحقق التكامل وليس التضاد.
بينما ذهب الباحث في شؤون القدس زياد أبحيص إلى تراجع الاحتلال في تنفيذ مخططات التهويد كلما وجد حراكاً شعبياً مقدسياً رافضاً على الأرض، وحرص الاحتلال على عدم اشتعال الأوضاع بطريقة تسمح بعودة الانتفاضة، ولذلك حرص على عدم إطلاق الرصاص الحي أو التسبب باستشهاد أي متظاهر، داعيا السلطة والفصائل للعمل من أجل القدس بنفس الحماسة التي تتحرك بها في ملف الانتخابات، وأبدى أبحيص استغرابه من ترقب الأردن والسلطة الفلسطينية لقرار محكمة الاحتلال بشأن حي الشيخ جراح وهي محكمة منبثقة عن محتل يسعى لتكريس استعماره في الأرض، مذكرا بوجود أوراق قوية بين أيديهم للتحرك في هذا الملف أمام المحافل الدولية المختلفة.
أما الخبير في الصراع “الإسرائيلي” العربي عادل شديد، فأشار إلى أن تأجيل حسم ملف القدس في أوسلو سهل مهمة الاحتلال، منبها لخطورة ما يقوم به الاحتلال حاليا من تفكيك التواصل الجغرافي بين الأحياء الفلسطينية في القدس حيث يصعب تنقل الفلسطينيين بينها بينما يعزز أواصر التواصل بين الأحياء التي يفرضها للمستوطنين.
شديد أكد أن الوعي الجمعي للمقدسيين استشعر خطورة ما يقوم به الاحتلال وعليه هب للدفاع عن باب العامود بشكل أبهر الجميع خصوصا من كانوا يراهنوا على تذويب هوية المقدسيين وإنتاج جيل جديد بعيد عن قضيته.
وفي الورقة التي قدمها رئيس تحرير صحيفة “عربي 21” فراس أبو هلال حول دور الإعلام ونشطاء مواقع التواصل في مجابهة “أسرلة” القدس طالب أبو هلال بوضع فلسطين والقدس على الأجندة اليومية للإعلام، حتى لو لم يكن هناك أخبار حديثة منها، مؤكداً أن ما يحكم وجود القدس في الأجندة الإعلامية يجب أن يكون ليس الجدة فقط، بل إن مجرد استمرار الصراع هو مبرر لوجود القدس على أجندة الإعلام، محذراً من أن محاولات فرض التطبيع شعبياً جعلت الأنظمة تمارس دعاية مضادة لشيطنة الفلسطينيين وعليه صارت الحاجة أكثر إلحاحاً لتقديم الرواية الفلسطينية باستمرار على مختلف المنصات الإعلامية الممكنة مع تراجع الاهتمام الرسمي العربي بالملف الفلسطيني.
وأشار مدير الندوة عدنان حميدان في مستهلها لتزامن انعقادها مع ثلاثة أحداث مهمة ذات صلة مباشرة بمخططات التهويد والفعل الفلسطيني المقاوم لها: أولها: انتصار الشباب المقدسي في هبة باب العامود وإزالة الحواجز المعدنية التي فرضها الاحتلال في الساحة الرئيسية وما ترتب على ذلك من إفشال تجمعات مفترضة في تلك الساحة لمجموعات من المتدينين اليهود الأكثر تطرفا في دولة الاحتلال.
وثانيها: ترقب لقرار مصيري لشرطة الاحتلال بتنفيذ قرار قضائي لمحكمة الاحتلال بتهجير عشرات العائلات من بيوتها في حي الشيخ جراح شرقي القدس في ظل رباط حقيقي لأصحاب البيوت ببيوتهم وتضامن شعبي معهم مع وجود دعوات داخل المدينة المقدسة للنفير لأجلهم ونصرتهم. وثالثها: عزم جماعات دينية يهودية من الفئة الأكثر تطرفا في دولة الاحتلال لاقتحام المسجد الأقصى المبارك وإقامة صلوات خاصة بهم يوم 28 رمضان وعليه لا بد من دراسة كيفية التعامل مع هذه التطورات.