بعد 3 أيام فقط على الانقلاب في تونس، تحول موقف رئيسة الحزب الدستوري الحر والنائبة في البرلمان التونسي، عبير موسي، من التأييد لخطوات الرئيس قيس سعيّد إلى الرفض الشديد.
وفسر مراقبون ذلك التناقض بأنه ناتج عن “تنكّر” الرئيس التونسي لموسي، التي لطالما شكلت جزءاً أساسياً من حالة الفوضى، التي تذرع بها سعيّد لتنفيذ انقلابه.
وتُجاهر موسي وحزبها الذي يمتلك 16 مقعداً في البرلمان من أصل 217، بعدائها المستمر لحركة “النهضة” (53 نائباً من أصل 217)، كما أنها أعربت في مناسبات عديدة عن رفضها للثورة الشعبية في عام 2011.
وبعد ترحيب موسي، الإثنين الماضي، بانقلاب سعيّد، فوجئ الشارع السياسي، الخميس الماضي، بتصريحات للنائبة المثيرة للجدل، أبدت فيها رفضها الشديد لتلك القرارات خاصة المتعلقة بتعليق عمل المجلس ورفع حصانة النواب.
وقالت موسي، في مداخلة مباشرة لها عبر حسابها الرسمي على “فيسبوك”، الخميس: “نحن نواب الشعب ما زالت لدينا صلاحيات”.
وتوجهت للرئيس بالقول: “قمت بتجميد عمل مجلس النواب، لكن لم تنزع صفة نائب شعب عليَّ أو على غيري، وأنا ما زلت نائب شعب منتخباً”.
وتابعت بأنه لا يمكن رفع الحصانة بمقتضى الفصل (86) من الدستور التونسي، سواء من قبل رئيس الجمهورية أو القضاء أو أي طرف آخر، باعتبارها حصانة مطلقة، وفق قولها.
وينص الفصل (86) من الدستور على أنه “لا يمكن إجراء أي تتبع قضائي مدني أو جزائي ضد عضو بمجلس نواب الشعب، أو إيقافه، أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها، أو أعمال يقوم بها، في ارتباط بمهامه النيابية”.
وجاءت تصريحات موسي الرافضة لقرارات سعيّد عقب نشر الأمر القاضي بتعليق اختصاصات ونشاط البرلمان لمدة شهر قابل للتمديد ورفع الحصانة عن نوابه، بـ”الرائد” الرسمي (الجريدة الرسمية).
هذه التصريحات اعتبرها مراقبون نابعة من قلق داخلي لدى النائبة موسي من شعورها بأن هناك اتجاهاً لاستبعادها من المشهد الحالي، إذ إنها دائماً تبحث عن دور، قد يكون الرئيس سعيّد سحبه منها بقراراته الأخيرة.
صدام قطاري الشعبوية
وفي هذ الصدد، رأى العربي الصديقي، الأكاديمي المتخصص في التحول الديمقراطي والثورات، أنّ الساحة التونسية تتسع للتنوع، وهذا يعكس، ربما، نقطة ضعف في التموضع السياسي الذي تسعى إليه موسي.
وأضاف: من ناحية، يوجد تشابه بينها وبين سعيّد، فكلاهما يريد أن يظهر أنه مركب القائد الملهم، لكن من ناحية أخرى هذا المركب يضع موسي، وسعيداً، في طريق صدام سياسي، من المفروض أن يكون تنافسًا مشروعًا شفافًا وديمقراطيًا.
جرأة وتناقض
ورأى الصديقي في موقف موسي جرأة سياسية، إلا أنها تناقض نفسها، فمن ناحية تتكلم بلسان المشاركة أي عدم السماح بتجميد المؤسسة البرلمانية، لكن هي مع تجميد من تُسميهم الإخوان.
وأكمل: من الواضح أن صعود سعيّد يقلقها.
من جانبه، قال المحلل السياسي بولبابة سالم: كانت موسي تعتقد أنها رقم واحد في تونس، وأنّها تزعمت المعارضة، لكن وجدت أن الرئيس بعيد عنها كل البعد، ويحظى بشعبية أكبر منها.
وأشار إلى أنّها شعرت أنّها على الهامش، وبالنسبة إليها فإنها فقدت الدور الذي كانت تقوم به.
واعتبر سالم أنّ الرئيس قطف ثمار ما قامت به موسي طيلة سنة كاملة، بعد احتكاره لشعار معارضة حكم حركة النهضة، الذي تزعمته موسي.
وزاد سالم: أصبح سعيّد بذلك يحظى بشعبية تتجاوز موسي بكثير، فوجدت نفسها وكأنها عملت بطريقة، دون قصد منها، لخدمة أهداف سعيّد الذي صعد في استطلاعات الرأي.
بدائل لدى موسي
وعن البدائل، قال الصديقي: على موسي أن تعتمد خطابًا أقل شعبوية لأنها تتقاسم حلبة الشعبوية مع سعيد وآخرين إسلاميين أو علمانيين، مضيفًا أن القيادة الراشدة تلزمها عقلنة.
وأكد أن موسي أمامها درب طويل لفهم المعنى العميق للديمقراطية، خاصة أنّها احتكرت التاريخ والخطاب البورقيبي (نسبة للرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة 1956-1987)، وشكلياته كحزب.
أما الأكاديمي سالم فبيّن أنه ليست لديها أي بدائل، وتقريبًا زمام المبادرة هو في يد سعيد.
وقال: فقدت موسي اليوم زمام المبادرة.