يعيش الفلسطينيون في ذكرى “وعد بلفور” المشؤوم آثار الوعد الذي أعطى اليهود وطناً قومياً على أرض فلسطين منذ عام 1917م، وبعد مرور أكثر من 100 عام على هذا الوعد، ما زالت آثاره تدق أعناق الفلسطينيين من قبل دولة الاحتلال التي صادرت الحياة بكل مقوماتها وحرمت الفلسطينيين من أرضهم وحريتهم ووجود كيان لهم.
المزارعون الملتصقون في الأرض من أكثر المتضررين من هذا الوعد، فلم تعد هناك أرض بعد قيام “إسرائيل” باحتلال الضفة الغربية إبان النكسة وإقامة للجدار بطول 700 كيلومتر بشكل متعرج نهب الأرض وعزل التجمعات السكانية.
شبيطة: نعيش بين أسيجة أمنية وطرق التفافية وجدران وبوابات أمنية
حصار أمني
يقول المزارع حسن شبيطة، من بلدة عزون في محافظة قلقيلية: أصبحنا نعيش بين أسيجة أمنية وطرق التفافية وجدران وبوابات أمنية وأبراج عسكرية، فأرضنا تجاور جداراً أمنياً بمستوطنة معاليه شمعون التي يقيمونها على أرضنا.
ويضيف شبيطة: نحن نخوض حرباً يومية مع المستوطنين ومع جنود الاحتلال، فشق طريق زراعي يحتاج إلى تنسيق مسبق، وإلا يتم مصادرة المعدات كما حصل عندنا عدة مرات.
ويشير إلى أن المستوطنين يمارسون كل أنواع المصادرة على الأرض، ويتم حمايتهم ودعمهم وتشجيعهم على حساب المزارعين الفلسطينيين، فالمعاملة مزدوجة بين صاحب أرض أصيل وبين مستوطن دخيل.
وفي منطقة الأغوار الشمالية، فالتفاصيل مؤلمة والحياة قاسية على المزارعين وأصحاب التجمعات السكانية، فالتعامل معهم من خلال التدريبات العسكرية التي تشارك فيها الدبابات بالذخيرة الحية، كما أن المستوطنين يمارسون عنصرية تفوق الخيال والتصور.
ضراغمة: نحن أمام حرب إبادة لا هوادة فيها يدفع ثمنها المزارع
إرهاب منظم
يقول الحقوقي الناشط عارف ضراغمة: في الأغوار، تمارس أبشع صور “وعد بلفور” المشؤوم، فالدبابات تجاور المساكن وتطلق نيرانها بالذخيرة الحية، ويتم تخريب المزروعات من خلال جنازير الدبابات العسكرية والآليات، كما أن المستوطنين يمارسون على الأرض والميدان إرهاباً منظماً من خلال منع المزارعين من أرضهم أو الرعي فيها.
ويضيف: نحن أمام حرب إبادة لا هوادة فيها يدفع ثمنها المزارع الذي لم يجد من يحميه من بطش الاحتلال والمستوطنين.
ويتابع ضراغمة حديثه: أما التجمعات المعزولة خلف الجدار، فقد فرض الاحتلال عليها إجراءات يومية تعكس مدى قوة الاحتلال والاستيطان على الأرض، مبيناً أنه في محافظة قلقيلية يعيش عرب الرماضين الجنوبي حياة عزلة خلف جدار عنصري وحولها جدار مستوطنة ألفين منشة، وذلك من خلال عزلهم في تجمع سكاني يصل عدده إلى 300 مواطن يخرجون ويدخلون من خلال البوابة الإلكترونية، ويتم تفتيشهم ذهاباً وإياباً بشكل فاضح.
يقول بسام شعور: نحن هنا في نكبة دائمة، فالاحتلال عرض الرحيل علينا سابقاً مقابل إغراءات ورفضناها جميعاً، فكان العقاب الجماعي لنا بعزلنا خلف الجدار ومحاولة التضييق علينا بكل السبل حتى لا نستطيع البقاء، فنحن نحافظ على أكثر من 2000 دونم من الضياع ومصادرتها لصالح مستوطنة ألفين منشة.
وأوضح أن “وعد بلفور” جعلنا سجناء في بيوتنا محرومين من حريتنا مقيدين بقيود عنصرية تطال الصغير والكبير دون رحمة أو شفقة أو مراعاة إنسانية، فوجود البوابة الإلكترونية عذاب يومي يمارس على المواطنين في هذا التجمع بصورة قاسية يتم فيها خدش الحياء والكرامة والمعنويات.