استكملت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في اجتماعها اليوم الأحد مناقشة مشروع القانون بشأن إنشاء المنطقة الاقتصادية الشمالية، وقال رئيس اللجنة النائب أحمد الحمد إن الحكومة قدمت عرضا مرئيا، وإن اللجنة طالبت الوزراء المعنيين بالمشروع بإيضاح الدور المنوط بكل وزير وآلية العمل والجدوى الاقتصادية والجدول الزمني والعوائد المتوقعة من هذا المشروع، وأن يقدم للجنة خطة وتصورا بشأن ما يستطيع تقديمه من بنى تحتية ومرافق.
وأوضح أن الحكومة بينت خلال العرض المرئي الخطوط العريضة للمشروع من حيث أهميته وأماكنه وحدوده وآلية العمل ومتطلباته التشريعية، بحضور وزيرة الدولة لشؤون البلدية وزيرة الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات د. رنا الفارس والفريق المعني بمشروع مدينة الحرير.
وبين أن اللجنة طالبت الوزيرة بنقل ملاحظات اللجنة وأعضائها وكل ما دار من نقاش إلى مجلس الوزراء، وأكد الحمد أن اللجنة أبدت تعاوناً مع الحكومة من منطلق اهتمام وإيمان بهذا المشروع الحيوي والمهم، باعتباره مشروعا وطنيا واقتصاديا يمثل مصدراً بديلاً للنفط.
وذكر إن اللجنة طالبت الحكومة النظر إلى التجارب والخبرات الأخرى في هذا الشأن والاستفادة منها، مع وجود تصور واضح من الوزراء على اعتبار أن هذا المشروع من أولويات الحكومة ويجب أن يكون من أولويات الوزيرة الفارس.
وعلى صعيد متصل أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين والقانونيين أهمية المضي قدما بإقامة مشروع المنطقة الشمالية، خاصة مع وجود عدد كبير من التحديات التي تواجه الاقتصاد الكويتي.
دعوة الخبراء جاءت خلال اللقاء المفتوح الذي نظمته جمعية الصحافيين والاتحاد العام لعمال الكويت واتحاد نقابات العاملين في القطاع الحكومي، بالتعاون مع جهاز تطوير المنطقة الاقتصادية الشمالية.
وقال عضو الفريق الاقتصادي للمنطقة الشمالية المهندس أسامة القروي: إن المشروع بمنزلة «طوق نجاة لمستقبل الكويت بعيدًا عن النفط»، مشيرا إلى أن البلاد ستكون على المستوى العالمي معبراً استراتيجيا للوصول إلى طريق الحرير، والدخول في شراكات جديدة مع دول مثل الصين وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف القروي إن المشروع من شأنه تحقيق الأمن الإقليمي عبر التكامل الاقتصادي والاتصال وتحقيق الفرص بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجوار، من خلال مشاريع واعدة خليجيا، مثل السكك الحديدية الخليجية إلى الجنوب، والعراق وإيران، وآسيا الوسطى.
وأوضح أنه جرى رسم استراتيجية المنطقة الاقتصادية الشمالية بناء على دراسات مستفيضة، استمرت أكثر من عام، وتمثّلت في زيارات ميدانية والاستعانة بحوالي 30 متخصّصا في الشركات العالمية و30 متخصّصا من أصحاب الخبرة الفنية في الكويت.
وأضاف انه جرى الاطلاع على أكثر من 300 وثيقة، واشتراك أكثر من 50 شخصا من المعنيين في القطاعين العام والخاص بما في ذلك 5 وزراء وأكثر من 10 رؤساء تنفيذيين، وجرت مراجعة شاملة للقانون الجديد لتلك المنطقة، للتأكد من التنافسية على المستوى العالمي.
«وذكر أنه جرى وضع دراسة اقتصادية متقدمة لـ 42 مشروعاً رئيسياً تقام على مساحة 60 كيلومتراً مربعاً بتكلفة قدرها 22 مليار دينار حتى عام 2035 يتم تمويلها بشكل رئيسي من القطاع الخاص، مع معدلات عوائد استثمارية مرتفعة وبعوائد متوقعة تتراوح بين 10 و20 في المئة».
ولفت إلى أن عدد الخريجين سيصل في عام 2035 إلى 600 ألف خريج، ما يعني مساهمة المشروع في إيجاد وظائف لهؤلاء، خصوصاً أن الاحتياطيات الموجودة اليوم نافدة (الاحتياطي العام) ولا يتبقى إلا احتياطي الأجيال الذي لا يمكن بحكم القانون الاستفادة منه لتمويل الميزانية.
وحول استراتيجية تنمية المنطقة الاقتصادية الشمالية على المشاريع الرئيسية، قال القروي إن هناك قطاعات رائدة مثل تعهيد الخدمات والتكنولوجيا النظيفة وصناعة الأغذية المتقدمة والخدمات اللوجستية، في حين تتركز القطاعات المساندة على تجارة التجزئة والتعليم المدرسي والمؤسسي والمعاملات المصرفية والرعاية الصحية.
وبين أن الدعم الحكومي للمشروع يضمن النجاح ويسرع الاستثمارات، خصوصا أن المشروع يطمح إلى تحقيق تصنيف عالمي متقدم مقارنة بنماذج ناجحة مماثلة، مع استثمارات من القطاعين الخاص والعام بقيمة تتراوح بين 400 و650 مليار دولار على مدى 25 عاما.
وأوضح في تصريحات صحافية أنه بمجرد إقرار قانون إنشاء المنطقة الاقتصادية، المعروض حاليًا على مجلس الأمة، سيكون لها كيان حقيقي ومشروع على أرض الواقع لخدمة البلد والمواطنين.
وبين القروي أنه بمجرد تنفيذ 42 مشروعًا رئيسيًا – كمرحلة أولى – سيضيف المشروع ما قيمته 7 مليارات دينار للناتج المحلي الإجمالي للكويت، موضحًا أن المشروع لن يكون بديلاً عن النفط، إنما مورد رئيسي يسانده، كما أنه بإمكانه – في حال تطبيقه بطريقة صحيحة لتحقيق الهدف منه – أن ينعكس على بقية القطاعات في الدولة للوصول إلى الاعتماد على الاقتصاد الصناعي الحر أسوة بالمنطقة، والخروج من دائرة المورد الوحيد الناضب.
وحول نقاط وملاحظات الجهات الاقتصادية ذات الصلة، أوضح القروي أن هذا القانون جرت صياغته من خلال الخبرات القانونية بالجهاز ثم جرى إرساله إلى «الفتوى والتشريع» التي قامت – بالتعاون مع قانونيي الجهاز – بتعديل بعض المواد على القانون ومن ثم رفعه بصيغته النهائية لمجلس الأمة. وقال إن المناطق الاقتصادية ليست جديدة فهناك أكثر من 135 دولة في العالم أسست مناطق اقتصادية بأشكال مختلفة وعدد المناطق ما يقارب 3000 منطقة اقتصادية، كما أن بعض الدول لديها أكثر من 20 إلى 40 منطقة لإنعاش اقتصاداتها.
وأضاف: «نحن الآن أمام مفترق طرق في الكويت، فإما أن نكون قادرين على إنشاء وتطوير اقتصادنا بكامل إمكاناته وقدراته، خصوصا العنصر البشري أو لا نكون»!
وأشار إلى أن وضعنا الحالي بحاجة إلى تفهم وقناعة ودعم من جميع الاطراف في الكويت في سبيل الدفع بالتنويع الاقتصادي عبر المنطقة الاقتصادية.
مركز تجاري إقليمي
من جانبها، قالت عضوة المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية سارة أكبر إن المنطقة الاقتصادية الشمالية هدفها فتح الاستثمار للعديد من الأراضي والجزر، وأن تكون مركزا تجاريا إقليميا.
وأضافت أن تلك المنطقة غايتها استثمار العقول الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة للشباب الكويتيين إلى جانب المساهمة في توفير العيش الكريم.
وأوضحت أن النفط عماد الاقتصاد الكويتي، في ما الاعتماد عليه فقط يجعل هذا الاقتصاد أحادياً، مؤكدة ضرورة تنويع مصادر الدخل، ولذا جاءت فكرة مشروع المنطقة الاقتصادية للمساهمة في ذلك.
مشروع واجب إقراره
من جهته، قال الدكتور فهد الراشد في تصريحات صحافية إنه جرى استعراض الجوانب المالية والاقتصادية والقانونية للمشروع خلال الندوة التي شهدت نقاشات حول هذه الأمور، ما يعد أمراً صحياً لفتح المجال أمام الرأي العام لمساندة الجهود في سبيل إقرار القانون وتشجيع كيان المشروع لمنفعته وفائدته للكويت وأهلها ومستقبلها.
وأفاد بأن مشروع المنطقة الشمالية هو جزء رئيسي من رؤية 2035، وسيعمل على توفير دخل قومي إضافي في حدود 3 – 4 مليارات دينار سنوياً كمرحلة أولى، إلى جانب تحقيقه وظائف جديدة للاقتصاد الكويتي في حدود 140 – 200 ألف وظيفة، كما سيوفر بيئة حاضنة للتكنولوجيا الحديثة ولمشاريع مستقبلية تواكب ما سيحدث في العالم المتقدم، وبالتالي نستطيع منافسة اقتصادات كثيرة.
وأوضح أن هذا المشروع ليس مشروعاً ترفياً، لكنه مشروع واجب إقراره لما فيه استمرار اقتصاد الكويت وكينونتها المستقبلية.
لا يجوز لها عقد اتفاقيات مع دول.. بل مع مؤسسات نظيرة
الفيلي: تحديد قواعد دخول للمنطقة الاقتصادية جائز
قال الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام محمد الفيلي إن فكرة المشروع تتلخص في إنشاء منطقة مخصصة لنشاط معين أو ما يسمى بالمناطق الحرة، وهي منتشرة في عدد من الدول، مثل جبل علي، كما أن هناك تجربة في الكويت مثل المنطقة الجمركية.
وأضاف أن فكرة المنطقة الاقتصادية متاحة، ويجب أن تنشأ لها لوائح أو قانون مع المحافظة على مبدأ المساواة وعدم الإخلال به. وأشار الفيلي إلى نقطة أخرى تتعلّق بوجود مؤسسة تدير جميع مناحي المنطقة الاقتصادية، قائلاً: نحن أمام فكرة جهاز ينشأ لهذا الغرض ووفق الدستور، ويحدد القانون مهام الجهاز على أن يخضع لوجه من أوجه الإشراف والتوجيه، ومن يمارس الإشراف مسؤول أمام البرلمان. ويترتب على هذه الفكرة أن تكون للجهاز شخصية اعتبارية، ويمكن أن يدير تلك الأنشطة، لكنه في النهاية محكوم بقانون إنشائه.
ولفت الفيلي إلى جواز تحديد قواعد الدخول للمنطقة الاقتصادية، حالها حال أي «منطقة بيئية» يجري وضع قواعد لدخولها، ولا يمكن للمنطقة أن تعقد اتفاقيات مع دول، ولكن يجوز لها أن تعقد اتفاقات مع مؤسسات نظيرة لها.