قالت نيويورك تايمز (The New York Times) إن أوكرانيا -التي كانت ثالث قوة نووية على وجه الأرض بعد كل من الولايات المتحدة وروسيا- سلمت عند انهيار الاتحاد السوفياتي آلاف الأسلحة الذرية التي كانت بحوزتها مقابل حصولها على ضمانات أمنية من كل من موسكو وواشنطن ودول أخرى.
وأشارت الصحيفة الأميركية -في تقرير لها- إلى أنه مع نهاية الحرب الباردة، أدى انهيار الاتحاد السوفياتي، وهو الانهيار البطيء الذي بلغ ذروته في ديسمبر/كانون الأول 1991، إلى حصول أوكرانيا المستقلة حديثا على ما يقرب من 5 آلاف سلاح نووي كانت موسكو قد وضعتها على أراضيها.
كما كانت المخابئ الموجودة تحت الأرض في قواعدها العسكرية تحتوي على صواريخ بعيدة المدى تحمل ما يصل إلى 10 رؤوس حربية نووية حرارية كل منها أقوى بكثير من القنبلة التي دمرت هيروشيما، وكانت فقط روسيا والولايات المتحدة تمتلكان قدرا أكبر من الأسلحة.
وذكرت نيويورك تايمز أنه غالبا ما يتم استذكار إزالة هذه الترسانة على أنه انتصار لجهود الحد من التسلح، حيث يعتبر دبلوماسيون ونشطاء السلام أن أوكرانيا “بلد نموذجي” في عالم يعج بقوى طامحة لدخول النادي النووي.
لكن التاريخ -تضيف الصحيفة- يظهر أن نزع السلاح النووي لأوكرانيا كان تغييرا فوضويا على وقع الاقتتال الداخلي والاضطرابات والخلافات بين الحكومة والجيش، حيث بات الآن خبراء محليون وأميركيون يشككون في الحكمة من اتخاذ خطوة كتلك، خاصة وأن البعض يرى في الأسلحة الفتاكة الوسيلة الوحيدة الموثوقة لردع “العدوان الروسي”.
لكن طريق أوكرانيا اليوم لإنتاج أو الحصول على المواد اللازمة لصنع قنبلة نووية لم يعد سهلا رغم أن “الجني النووي” عاد مرة أخرى حيث تطوق القوات الروسية الأمة الأوكرانية وتشن حرب ظل في أقصى مقاطعاتها الشرقية.
وقال أندري زاهورودنيوك، وهو وزير دفاع أوكراني سابق “لقد تخلينا عن قدراتنا مقابل لا شيء” في إشارة إلى الضمانات الأمنية، مؤكدا أنه “الآن كل مرة يعرض علينا أحدهم توقيع ورقة ما، يكون الرد: شكرا جزيلا لك، لقد كان لدينا بالفعل واحدة مثل هذه منذ بعض الوقت”.
ماضٍ نووي
ويرى محللون غربيون أن المزاج الأوكراني الحالي يميل إلى إضفاء طابع رومانسي على ماضي هذا البلد النووي حيث تؤكد ماريانا بودجيرين، وهي خبيرة في الشأن الأوكراني بجامعة هارفارد، أن “خلاصة القول هي: لقد امتلكنا الأسلحة وتنازلنا عنها والآن انظروا ماذا يحدث. على المستوى السياسي لا أرى أي تحرك نحو أي نوع من إعادة النظر ولكن على المستوى الشعبي هذه هي الرواية”.
وقد جادل فولوديمير تولوبكو، قائد سابق بالقاعدة النووية الأوكرانية تم انتخابه لعضوية البرلمان، بأن كييف يجب ألا تتخلى أبدا عن تفوقها النووي.
وفي أبريل/نيسان 1992 خاطب تولوبكو ممثلي الشعب قائلا “كان رومانسيا وسابقا لأوانه أن تعلن بلادنا نفسها دولة غير نووية” مُصرا على ضرورة أن تحتفظ البلاد على الأقل ببعض رؤوسها الحربية بعيدة المدى، ومؤكدا أن قوة الصواريخ المتبقية ستكون كافية “لردع أي معتد”.
ورغم أن موقف هذا النائب لم يحظ بتأييد واسع -تختم الصحيفة- “فإنه زاد من حدة التوترات الموجودة بهذا الشأن” وفق مصادر تاريخية مفصلة تناولت مسار نزع السلاح النووي في أوكرانيا.