تمر اليوم 2 نوفمبر ذكرى الوعد المشؤوم الذي أطلقه وزير الخارجية البريطاني الأسبق آرثر بلفور، عام 1917م، إلى المصرفي اليهودي ليونيل والتر روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة، بالعمل على إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وسمي فيما بعد “وعد بلفور”.
وعلى الرغم من أن نسبة اليهود في فلسطين المحتلة عام 1917م لم تكن تتجاوز 5% فقط، فإن ذلك لم يمنع المحتل البريطاني من اقتراف أعظم جريمة عرفها التاريخ بحق شعب مسلم ما زال يعاني من ويلات وآثار تلك الجريمة النكراء، وبحق مقدسات إسلامية تعرضت في عهد الاحتلال الصهيوني إلى التدنيس والعبث والتغيير.
وهذا الوعد مشروع غربي، يحقق عقيدة دينية -أسطورية- تبلورت في اللاهوتي البروتستانتي الغربي، تقول بأن عودة المسيح ليحكم العالم ألف سنة سعيدة مرهونة بحشر اليهود في فلسطين وإقامة دولة صهيون، وهدم المسجد الأقصى ليقوم على أنقاضه الهيكل الثالث لليهود.
وقد التقت هذه العقيدة اللاهوتية بمصالح الإمبريالية الغربية في إقامة كيان مزروع في قلب الوطن الإسلامي، يقطع وحدة أراضيه، ويكون بمثابة قاعدة غربية لإجهاض نهضة الأمة العربية والإسلامية، ومنع تحررها وتقدمها.
وهذا يكشف لنا ما يضمره أعداء الأمة لها من كراهية، وما يدبرون لها من مؤامرات خطيرة تستهدف وجود الأمة ذاته.
ولعل ما تشهده بلاد الشام والعراق واليمن وليبيا من خطط ومؤامرات لتمزيق دولها وتحويلها إلى كيانات متناحرة ودويلات طائفية تلبي أطماع ومصالح الدول الاستعمارية خير شاهد على أن القادم ربما يكون أشد خطراً على الأمة من “وعد بلفور” واتفاقية “سايكس بيكو” المشؤومتين.. ولا منقذ لنا إلا توحدنا ونبذ التناحر الداخلي، أو فيما بين دولنا، وتلاحم الشعوب والحكام، وشحذ إمكانات الأمة، والوقوف خلف خيار المقاومة، حتى يتم تحرير كامل الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر، ولنستطيع مواجهة التحديات الجسام القادمة.