أوضاع مأساوية يعانيها السكان الأصليون (الهنود الحمر) في ولايتي رورايما وأمازونيا شمالي البرازيل بسبب العشرات من الوفيات وسوء التغذية بين الأطفال، فضلا عن سياسة السيطرة على أراضي الغابات التي تعد مصدر الرزق.
وتضج التواصل في البلاد بنقاشات وندوات وأخبار تتناول تلك المأساة وسط مناشدات للرئيس لولا دا سيلفا بوضع حد لتجاوزات عمال شركات التعدين في المنطقة، واتهامات لحكومة الرئيس السابق جايير بولسونارو بالتواطؤ مع شركات التعدين وملّاك الأراضي الزراعية.
ويقول المستشار القانوني المدافع عن حقوق السكان الأصليين فالديمير سواريس جونيور “الأرقام العامة تشير إلى وفاة 570 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 1-5 سنوات من 2019 إلى 2022”.
ويضيف أن تلك الأرقام غير دقيقة لأنه لا يتم الإبلاغ عن كل الوفيات، وأن معرفة الأرقام بدقة صعبة للغاية بسبب عزلة المنطقة (شمال رورايما) كما أن عدم وجود مؤسسات الرعاية الصحية الفدرالية والمحلية المختصة برعاية السكان الأصليين يلعب دوراً في عدم السيطرة على الوفيات ومعرفة أعدادها بشكل دقيق.التعدين هو القاتل
وترى راكيل تريميمبي المرشحة السابقة لمنصب نائب رئيس الجمهورية بالانتخابات الماضية، وهي مواطنة أصلية، في تصريح للجزيرة نت أن “ما يقتل اليانومامي ليس الجوع، بل هو التعدين الذي يقتل ويزيل الغابات، لقد استمرت الإدانات لأكثر من 10 سنوات، وهذه المأساة الإنسانية لا تقتصر على شعوب اليانومامي في رورايما، وهناك العديد من الأرواح التي يتم إزهاقها يوميا ولا يتم فعل شيء في الحقيقة”.
أما الباحث الجغرافي في جامعة ولاية ساو باولو الفدرالية جفرسون شوما فحمل الرئيس السابق مسؤولية الأوضاع المأساوية التي يعيشها شعب اليانومامي.
وقال شوما “إنها إبادة جماعية أعلنتها وخططت لها الدولة، ومسؤوليتها الرئيسية تقع على عاتق بولسونارو. منذ أن كان نائباً فيدرالياً، دافع عن فكرة السيطرة على أراضي السكان الأصليين، وبصفته رئيساً فتح تلك الأراضي أمام شركات التعدين، وهو ما تسبب بالدمار والعنف الذي نراه الآن.
وحول ما إذا كانت هناك قوانين تحمي السكان الأصليين من التجاوزات التي تمارسها شركات التعدين والشركات الزراعية التي تحاول السيطرة على المنطقة، يقول شوما “يُحظر التعدين في أراضي السكان الأصليين، ولا يمكن القيام بذلك إلا بإذن من البرلمان الفدرالي، حيث تمتلك الدولة باطن الأرض وظاهرها، وتمنحها كحق انتفاع للشعوب الأصلية”.
وتابع “في الدستور الاتحادي لعام 1988 كان هناك انتصار هام للهنود الحمر بعد إقرار الفصل الثامن، الذي تعترف المادة 231 منه بالتنظيم الاجتماعي والعادات واللغات والمعتقدات والتقاليد للشعوب الأصلية وحقوقهم الأصلية في الأراضي التي يشغلونها تقليديا”.
شعب يانومامي في ظل حكومة بولسونارو
يقول المستشار القانوني المدافع عن حقوق السكان الأصليين فالديمير جونيور إن وضع المجموعة العرقية كان مهينا في ظل حكومة بولسونارو حيث ازداد النشاط التعديني وإزالة الغابات عام 2016 بسبب دعم بولسونارو للتعدين وإضفاء الشرعية عليه من خلال استغلال أراضي السكان الأصليين.
وأضاف أن هناك العديد من السياسيين الذين كانوا يوافقون بولسونارو على هذه السياسة مثل ألدو ريبيلو الأمين العام السابق للحزب الشيوعي والذي كان وزيراً للدفاع في إدارة دا سيلفا الأولى.
وتعود تريميمبي فتؤكد أنه منذ صدور دستور عام 1988، قامت جميع الحكومات على اختلاف توجهاتها، بإهمال الشعوب الأصلية أو العمل ضدها، فيما عمّق بولسونارو الهجمات ضد أكثر من 300 مجموعة عرقية، خاصة الموجودة بالمنطقة الحيوية للأمازون، السنوات الأربع الماضية، عمل المنقبون وقاطعو الأخشاب غير القانونيين أمام أنظار الحكومة، وقد هدّدوا وقتلوا كل من قاومهم.
هل نظّم شعب يانومامي نفسه لمقاومة الانتهاكات؟
يجيب جيفرسون “نعم، وكذلك المجموعات العرقية الأخرى الذين يواجهون أيضاً غزو أراضيهم من قبل عمال المناجم لاستخراج الثروة المعدنية، كانت مقاومة اليانومامي والشعوب الأصلية الأخرى جزءا من تاريخهم منذ بداية الاستعمار قبل قرون وإلى اليوم”.
وتضيف راكيل “نحن نقاوم هذه الهجمات منذ 522 عاما من أجل حقنا في الوجود وللحفاظ على أساليب حياتنا، الغابة هي رحم الأرض، وهي تحتوي على تنوع بيولوجي كامل يصرخ كل يوم للبقاء على قيد الحياة.
هل يمكن الرهان على إدارة دا سيلفا لحماية السكان الأصليين؟
تقول راكيل “من الضروري أن تلتزم حكومة دا سيلفا بترسيم حدود جميع أراضي السكان الأصليين بحلول عام 2026” مشيرة إلى أن رمزية إنشاء وزارة الشعوب الأصلية لا معنى لها “إذا استمرت الجماعات العرقية في طردنا من مناطقنا، التحدي هائل، لكن شجاعة الشعوب الأصلية أعظم، لذلك، فإن المقاومة والنضال هو أفضل طريق لضمان كرامتنا وبقائنا”.
بينما يشير جونيور إلى “احتمال أن يروج دا سيلفا لبعض التغييرات من أجل حماية الشعوب الأصلية” لافتا إلى أن إنشاء وزارة الشعوب الأصلية كان قرارا مهما، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من العمل لمواجهة عمال التعدين.