سخط شعبي.. وسكوت رسمي!
لا يزال الاستياء يتسع ويتصاعد في مختلف مستويات الشعب الكويتي؛ بسبب الندوة التي عقدتها جمعية الخريجين وجامعة الكويت -مع الأسف- لضرب العقيدة الإسلامية والفكر الإسلامي تحت شعار معالجة أزمة التطور الحضاري.
وهو استياء طبيعي، وغضب مفهوم؛ لأن من صفات المسلمين -والكويت بلد مسلم- أنهم لا يطيقون المنكر أبداً.
وهل هناك منكر أقبح وأخطر من الإلحاد؟
لقد نفى القرآن الكريم الإيمان عمن يكنون للملحدين وداً أو يرتاحون لوجودهم ونشاطهم؛ (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ) (المجادلة:22).
نعم.. فالإيمان والإلحاد نقيضان لا يلتقيان.
وهذا ما يفسر استياء الشعب الكويتي وغضبه من تهجم أشخاص -عرفوا بالإلحاد- على الإسلام في ندوة ما أسموه بأزمة التطور الحضاري في الوطن العربي.
شيء طبيعي أن يغضب الشعب الكويتي لربه ودينه.
لكن الشيء غير الطبيعي أن يسكت المسؤولون، ولا يتخذوا خطوة إيجابية ترد للإسلام اعتباره.
وتدين تلك الندوة التي ما وجدت مجالاً سوى أرض الكويت تعلن فوقها الإلحاد.
والخطوة الحكومية ضرورية وملحة لأكثر من سبب:
– فهي مسؤولة عن حماية عقائد المسلمين وقيمهم وإيمانهم.
– وهي قد دعمت الندوة بـ16 ألف دينار كويتي، إلى جانب الدعم الأدبي والتسهيلات الإعلامية.
– وهي السلطة التنفيذية القادرة على تصحيح الانحرافات.
– وهي قد ساهمت -عن طريق ممثلي الجامعة في الندوة- بأفكار وآراء معادية للإسلام، بثها في الندوة محمد ربيع، وشاكر مصطفى، وهما مدرسان في الجامعة.
صحيح أن هؤلاء الأشخاص استغلوا مناصبهم في الجامعة لكي يعبروا عن اتجاهاتهم العقائدية الخاصة، لا عن رأي الحكومة، وبالتالي استغلوا اسم الحكومة -لأن الجامعة مؤسسة رسمية- لطرح الآراء الهدامة.
إلا أن الحكومة مسؤولة عن وجود مثل هذا النوع من الناس في الجامعة أساساً.
وحين نطالب الحكومة باتخاذ موقف حازم، نضع في الحسبان الوقائع التالية:
– تطرق أحد علماء الكويت ذات مرة -في التلفزيون- لطائفة الدروز إجابة عن سؤال طبيعي؛ فتحركت الحكومة وتدخلت لمنع هذا النوع من الأسئلة.
– اشتد النشاط التبشيري في الكويت، وإزاء ذلك لم تجد بعض الصحف العاملة للإسلام وسيلة أفضل من تنبيه المسلمين لخطر التبشير على الكويت والخليج، والعالم الإسلامي كله.
وما أن أخذت تنتقد وتنبه حتى اتُّهمت بإثارة النعرة الطائفية، ومن ثم قُدمت للمحاكمة.
– كتب جمال النهري، مدير تحرير «البلاغ» السابق، مقالاً حول رئيس مصر السابق جمال عبدالناصر، ولم يكد المقال يظهر حتى أبعد جمال النهري عن البلاد.
ثم رفعت قضية ضد كاتب المقال ورئيس تحرير المجلة، وحكم فيها على رئيس التحرير بـ6 شهور سجناً.
هذه وقائع حدثت فعلاً.
اليوم يقول محمد ربيع -مثلاً- في الندوة المذكورة: «تشكل الغيبية الخرافية فلسفة حياتية معينة تنبثق عنها وتعمل في إطارها ذهنية محددة تؤمن بالغيبيات والخرافات كقوة تهيمن على حاضر الإنسان ومستقبله».
ويقول غيره كلاماً يطعن في الإسلام في الصميم.
ومع ذلك لم نر جهداً حكومياً يطوق هذه الفتنة المنظمة التي تريد أن تفتن الناس في عقيدتهم ودينهم.
إن ترويج الإلحاد أكبر خدمة تقدم للتحرك اليساري والشيوعي في المنطقة.
وفي ضوء هذا المفهوم، يصبح الملاحدة الذين اشتركوا في الندوة ليس خطراً على عقيدة الأمة فحسب، وإنما هم خطر كذلك على أمن البلاد وسلامتها واستقرارها.
إن الذين يعادون الكويت أو الذين يشتركون في عصابات المخدرات والإجرام يوضعون في القوائم السوداء فلا يدخلون الكويت قط.
فلمَ لا تطبق هذه الإجراءات على الذين يعادون الله سبحانه ويعادون دينه؟
لمَ لا تطبق على الذين يجلبون للكويت ما هو أخطر من المخدرات وما هو أبشع من الإجرام العادي.. ألا وهو الإلحاد؟
أيها المسؤولون..
اتقوا الله في دينكم.. فلا كانت الدنيا ولا كان أهلها.. من غير دين، اتقوا الله في أمتكم.. وقفوا مع أمتكم، وخذوا أماكنكم في جبهة الدفاع عن الإسلام.
اتقوا الله.. فقد عرفتم ما جره الإلحاد على الأمة العربية من شقاء وكرب وبؤس.
(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۖ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (الممتحنة: 4).
[1] العدد (197)، عام 1974م، ص9.