لطالما ظلت مدينة القدس ودرتها المسجد الأقصى المبارك ومع تعاقب الأزمنة عنواناً للصراع مع الاحتلال الصهيوني الذي يحاول تغيير هويتها ومعالمها بكل ما يملك من قوة وأساليب خبيثة، أحدثها «الأعياد اليهودية».
وتُمثّل القدس بالنسبة للشعب الفلسطيني العاصمة الأبدية وخطّه الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه، وبوصلة المقاومة التي لا تحيد عنها، والقِبلة التي تُراق الدماء لأجلها، وتوجّه البنادق لتحريرها من دنس الاحتلال، وذلك وفق الخبراء والمحللين والمرابطين.
ومنذ مطلع القرن الحالي، فإن أغلب الثورات والهبات التي خاضها الشعب الفلسطيني حملت اسم القدس أو الأقصى؛ فمن أجل القدس اندلعت «انتفاضة الأقصى» عام 2000م، ثم أعقبتها «انتفاضة القدس» عام 2015م، ثم معركة «سيف القدس» التي سلت المقاومة فيها سيفها دفاعاً عن المدينة المقدسة، وردعًا لاعتداءات الاحتلال في القدس عام 2021م.
شاهين: القدس باتت عنواناً لوحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال
معركة على هوية القدس
وقال الكاتب والمحلل السياسي محمد مصطفى شاهين: باتت مدينة القدس عنواناً لوحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وإحباط كل مخططاته الخبيثة الرامية للنيل منها ومن كل المقدسات، وستبقى بوصلته الموحّدة حتى التحرير والعودة في معركة مستمرة تحمل عنوان «هوية القدس».
وأضاف شاهين لـ«المجتمع» أن تصاعد العدوان على المسجد الأقصى ومحاولات نزع هويته الإسلامية وفرض طابع يهودي عليه خطر حقيقي يجعل من الضرورات الملحة تحقيق مزيد ردع الاحتلال محلياً من خلال الـمقاومة المستمرة والمتصاعدة، وإعادة هيكلة نهج التعامل مع الإرهاب الصهيوني عربياً وإسلامياً ودولياً.
ورجح أن يكون الشعب الفلسطيني يستعد مجدداً لمعركة «سيـف القـدس 2» في ظل ما يتكشف يومياً من صورة الإرهاب الصهـيوني ودعوات جماعات ما تسمى «الهيكل» اليهـودية المتطرفة لصلاة موسيقية ودعاء لتطهير المسجد الأقصى من المسلمين.
وحذر شاهين من أن هذه الجماعات المتطرفة وبدعم من حكومة الاحتلال وأحزاب يمينية يهودية تهدف من خلال عملها إلى تدمير المسجد الأقصى والسعي لبناء «هيكلهم» المزعوم في مكانه، وذلك في استمرار قطار التطبيع بين عدد من الأنظمة العربية والإسلامية والكيان المحتل.
واعتبر أن من أخطار التطبيع أنه بات يشكل غطاء لجرائم الاحتلال بحق المقدسات عامة والمسجد الأقصى خاصة، وخنجراً مسموماً في جسد الشعب الفلسطيني الذي يقود معركة الهوية على «الأقصى».
حلواني: المسجد الأقصى عقيدة والدفاع عنه أمانة في أعناقنا واختبار حقيقي للأمة
وزاد شاهين: إن ما يحدث من اقتحامات يومية للمسجد الأقصى بمئات المستوطنين بحماية قوات الاحتلال، والعدوان المستمر على المقبرة الإسلامية في القدس، وحفر عشرات الأنفاق أسفل المسجد الأقصى؛ يؤكد أن المعركة على هوية القدس والمسجد الأقصى.
وأضاف: الصهاينة معروفون أنهم متمرسون في الإجرام في إرهاب مؤسساتي وديني بدعم من الغرب الذي يشكل غطاء حقوقياً لجرائمهم ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته في ازدواجية معايير مروعة من المجتمع الغربي الذي يتغنى بحقوق الإنسان.
من جهتها، قالت المرابطة المقدسية هنادي حلواني: إن المسجد الأقصى عقيدة، وإن الدفاع عنه أمانة في أعناقنا واختبار حقيقي للأمة أجمع، ونحن له.
وأضافت حلواني لـ«المجتمع»: المسجد الأقصى في خطر حقيقي، ويجب أن ندافع عنه بكل الوسائل، وأن نضع الحجة على كل الأمة العربية والإسلامية، وهذه معركتنا الحقيقية على الأرض.
وأعربت عن أسفها أن ما يحدث في المسجد الأقصى انعكاس لحال كل الأمة، التي يختبرها الله فيما ستقدم لمسجدها في ظل ما يتعرض له من عدوان، وفق قولها.
وأضافت حلواني: يجب أن نفكر جميعاً فيما نفعل للمسجد الأقصى بكل الطرق المتاحة للدفاع عنه وحمايته من التهويد.
الرباط المستمر
واعتبر المختص في شؤون القدس زكريا نجيب أن الرباط المستمر في المسجد الأقصى المبارك يفشل المشروع الصهيوني لتهويده، ويكشف طبيعة المعركة على هويته.
وقال نجيب لـ«المجتمع»: المقدسيون يقاومون الاحتلال ويواجهون سياساته التهويدية بحق المسجد الأقصى في معركة الهوية عليه.
نجيب: الرباط المستمر في «الأقصى» يفشل المشروع الصهيوني لتهويده
وأضاف: حكومة الاحتلال الفاشية تسعى لتهويد مدينة القدس والمسجد الأقصى، ولكن هناك مقاومة لأي اعتداء يمارسه الاحتلال بحق المسجد الأقصى.
وحذر الباحث والمختص في شؤون القدس من أن دولة الاحتلال تسعى لتفريغ باب الرحمة وتهويده بهدف بناء كنيس يهودي هناك في حربها على المسجد الأقصى وهويته الإسلامية.
ودعا الشعب الفلسطيني إلى الثورة والانتفاض وتدفيع الاحتلال ثمن عدوانه على المقدسات، مؤكداً ضرورة أن يتصدى المقدسيون للهجمة التي يشنها الاحتلال على المسجد الأقصى.
وقال نجيب: يجب على المقدسيين مقاومة الاحتلال ومواجهة كل سياساته الإجرامية، والتواجد بشكل كبير ومستمر في المسجد الأقصى يردع المستوطنين.
وأضاف: من لم يستطع أن يتواجد داخل المسجد الأقصى يجب عليه أن يرابط على بواباته لينال شرف أن يكون جزءاً من معركة الهوية.
عيد العرش العبري
وبدأ المستوطنون، أمس الأحد، عدوانهم في «عيد العُرش العبري»، الذي يمتد لأسبوع كامل، ويحاولون فيه إدخال قرابين نباتية لـ«الأقصى»، حيث أدى المستوطنون صلوات تلمودية أمام باب الأسباط، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، وفي سوق القطانين وشوارع البلدة القديمة تحت حماية قوات الاحتلال.
وفي المقابل، تواصلت الدعوات المقدسية للرباط والحشد الكبير عند أبواب «الأقصى»، وخاصة باب القطانين، إضافة إلى ضرورة الصدح بأصوات التكبير في وجه المستوطنين المتطرفين، ومحاولة وقف انتهاكاتهم بحق المقدسات الإسلامية.
وأكدت الدعوات أهمية شد الرحال نحو «الأقصى»، للتصدي لاقتحام المستوطنين يومي الأحد والإثنين، فيما يسمى «عيد العرش العبري».