«في ظل التحديات الإنسانية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، تتجلى الجهود الكويتية في مساهمتها الفعّالة من خلال الجمعيات الخيرية، كما أن دعم الفلسطينيين يمثل مبدأ إنسانياً راسخاً في قلوب الكويتيين، حيث تتعاون الجمعيات الخيرية لتقديم الإغاثة والمساعدة لتخفيف وطأة الصعوبات التي يواجهها هذا الشعب الصامد على أرضه»، هذا ما أكده الرئيس التنفيذي لنماء الخيرية سعد مرزوق العتيبي، في حواره مع «المجتمع».
وأضاف أن «نماء الخيرية» تشكل جزءاً من الجمعيات الخيرية الكويتية، وتحرص على التنسيق المستمر بينها وبين أهل الخير لدعم المتضررين، مشيراً إلى وجود خطط مستقبلية بعد انتهاء الحرب على غزة لإعادة الإعمار وبناء المستشفيات وتقديم الدعم النفسي.
بداية، نريد التعرف على دور المنظمات الإنسانية داخل قطاع غزة؟
– بلا شك، ترتبط التأثيرات اللوجستية على قطاع غزة بشكل كبير بالأحداث الراهنة، حيث بلغت الآثار كل جوانب الحياة في المنطقة؛ من البنية التحتية إلى الطرق والمباني، وصولاً إلى الجهاز الإداري والأمور التنظيمية، يطرح هذا الوضع تحديات هائلة أمام العمل الإنساني، حيث يسعى جاهداً للوصول بفعالية إلى المحتاجين في ظل هذه التحديات المتزايدة.
يدفعنا هذا الواقع إلى بذل المزيد من الجهد والتكاتف مع القطاع الإنساني؛ بهدف توفير كل السبل الممكنة لتقديم المساعدات والدعم لإخواننا في قطاع غزة، ويتعين علينا أن نعمل بشكل مكثف لضمان وصول المساعدات بشكل فعّال إلى الفئات المتضررة، وتسخير جميع الإمكانات لتحقيق تأثير إيجابي وملموس في حياة السكان المتأثرين بتلك الظروف الصعبة.
من السابق لأوانه، خاصة والحرب ما زالت مستعرة، الحديث عن إعادة إعمار غزة، لكن هل الجمعيات الخيرية بدأت الاستعداد لهذه المرحلة؟
– الحديث عن مرحلة إعادة إعمار قطاع غزة يمثل نقاشاً إستراتيجياً وحيوياً، حيث تظهر أهمية بحث وتداول الخطط المستقبلية، ففي الوقت الراهن، يشهد القطاع نقصاً حاداً في الدعم اللوجستي، فإعداد مخازن جيدة وتوفير الضروريات الأساسية يعد محوراً رئيساً يتطلب اهتماماً فورياً، فضلاً عن توفير الظروف التي تسهم في تسهيل حياة الأفراد، كمحور أساسي يمهد الطريق للمرحلة المستقبلية لإعادة الإعمار.
نؤكد التزامنا أمام المتبرعين بتقديم المساعدات الإنسانية وقياس الأثر الفعّال لمشاريعنا
ومن ثم، هناك أيضاً تحدٍّ يتطلب اهتماماً مشتركاً بين القطاع الإنساني والحكومات، حيث يجب أن تكون هناك جهود مشتركة لتوفير الخدمات الأساسية لتخفيف الصعوبات التي يواجهها السكان، والتأكيد على العمل المشترك لضمان وصول آمن للمساعدات إلى المتضررين، وذلك كخطوة كبيرة تمهد الطريق نحو المرحلة المهمة لإعادة الإعمار بعد انتهاء هذه الحرب.
ما التحديات التي تواجه القطاع الإنساني في غزة؟
– القطاع الإنساني يواجه تحديات كبيرة، ومع ذلك، يعتبر التنسيق الفعّال بين الجهات المعنية خطوة حاسمة لتخفيف هذه التحديات، وتأتي الجهود المبذولة من قِبَل وزارتي الخارجية والشؤون الاجتماعية الكويتيتين في صدارة هذا التنسيق، حيث تؤديان دوراً بارزاً في تقديم الدعم اللوجستي، بالتعاون مع القوات الجوية الكويتية.
ولهذه الجهود التعاونية بين الجمعيات الخيرية والجهات المعنية الكويتية، وخاصة القوة الجوية الكويتية، دور فعّال في تحقيق التواصل الناجح مع المتضررين في غزة، وكذلك الدور الفعّال على الصعيدين المصري والفلسطيني، الذي يساهم في تيسير وصول المساعدات إلى المناطق المحتاجة داخل القطاع المحاصَر.
ما أهم الأولويات بعد انتهاء الحرب في غزة؟
– من أهم الأولويات بعد انتهاء الحرب الانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار، وهذا يتطلب تنظيم مؤتمر دولي للتعاون في جهود إعادة إعمار قطاع غزة، بالإضافة إلى دور القطاع الإنساني والخيري في إعادة الإعمار، وينبغي أن تركز هذه الجهود على المشاريع التي تستهدف إعادة بناء البنية التحتية المدمرة.
يجب أن يشمل التنسيق المشترك بين الدول والقطاع الإنساني والخيري تحديد الاحتياجات الفعلية في غزة، ويُنصح بإرسال فرق متخصصة إلى الميدان لتقديم تقارير دقيقة حول الاحتياجات، والتأكد من تقديم الخدمات بطريقة تلبي الاحتياجات الفعلية للمجتمع المتضرر.
الجمعيات الإنسانية ترتكز على إستراتيجيات لضمان تقديم المساعدات إلى الأشد احتياجاً
هل يوجد تقييم للأثر الاجتماعي والاقتصادي لعمليات إعادة الإعمار التي قامت بها «نماء الخيرية» في غزة؟
– بالنسبة لنا في «نماء الخيرية» بجمعية الإصلاح الاجتماعي، نؤكد التزامنا أمام المتبرعين بأننا لا نقدم المساعدة فقط، بل نتميز في قياس الأثر الفعّال الناتج عن هذه المشاريع؛ وبناء على ذلك، سيقوم فريق «نماء الخيرية» بإعداد تقارير خاصة ترصد الأثر المترتب على المشاريع المقدمة في قطاع غزة، هذا الإجراء، دون شك، سيعزز التواصل مع المتبرعين، ويحقق لهم الفهم الكامل حول كيفية تأثير تبرعاتهم في دعم أهليهم في غزة.
هل هناك خطة واضحة للتعجيل في إعادة إعمار المؤسسات التعليمية والصحية؟
– في «نماء الخيرية»، نعتقد أن لدينا دوراً مهماً في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب، خاصة في عمليات إعادة إعمار القطاعات المتضررة؛ خاصة القطاعين الصحي والتعليمي اللذين استُهدفا بشكل كبير.
ما دور الجمعيات الخيرية في التنسيق لعلاج المرضى والمصابين خارج غزة، بالطبع للحالات التي تستدعي ذلك؟
– تعتبر الحالات الخاصة التي اضطرت للخروج من قطاع غزة إلى الدول المجاورة، سواء في مصر أو الأردن، للعلاج الخاص بحالاتها، أمراً يستحق الاهتمام، نحن في «نماء الخيرية» قمنا بالتواصل مع عدة مستشفيات مختصة لدعم المرضى من أهل غزة، خاصة فيما يتعلق بحالات السرطان وغيرها من الأمراض التي تتطلب رعاية خاصة، ونسعى إلى تسليط الضوء على هذه المشاريع التي تحتاج إلى دعم خاص، خاصة بعد توقف مستشفيات غزة عن تقديم الخدمات لمثل هذه الحالات، حيث اضطر المرضى إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، وسنقوم بدور مهم في دعم هؤلاء المرضى وتوفير الرعاية اللازمة لهم.
لا شك أن الشراكة أحد الأعمدة التي تعتمد عليها «نماء الخيرية» في عملها، فهل يوجد تنسيق بينكم وبين الجمعيات الخيرية في المرحلة الحالية ومستقبلاً؟
– «نماء الخيرية» جزء من الجمعيات الخيرية الكويتية، وتحرص على التنسيق المستمر بينها وبين أهل الخير لدعم المتضررين، خاصة أولئك الذين يعانون من أوضاع إنسانية صعبة، بما في ذلك الشعب الفلسطيني وخاصة سكان قطاع غزة، و«نماء الخيرية»، كذلك، عضو في الجمعية الكويتية للإغاثة، وتشارك بنشاط في التنسيق مع الجمعيات الخيرية الأخرى ذات الاهتمام المشترك، ويركز هذا التنسيق الدائم على تقديم المساعدة في الظروف الإنسانية الحالية، ويضع في اعتباره أولويات مرحلة ما بعد الحرب.
مع انتهاء الحرب، تطمح «نماء الخيرية» إلى أداء دور فعَّال في عمليات إعادة الإعمار، ويتضمن هذا الدور التنسيق مع الجهات المختصة وتقديم الدعم اللازم لإخواننا في غزة، وتعكس هذه المبادرات التزام «نماء الخيرية» بالمساهمة في تحسين الظروف المعيشية للمتضررين، وتعزيز التعاون مع الهيئات المحلية والدولية المعنية بالإغاثة وإعادة الإعمار.