تعتبر العملية الانتخابية من أهم المظاهر التي تعزز الديمقراطية وتسهم في ترسيخ قيم الشفافية والمشاركة المجتمعية، وفي هذا السياق، يأتي قانون المفوضية العامة للانتخابات كأداة أساسية لتنظيم وإدارة العمليات الانتخابية بشكل فعّال وموثوق به.
تم إقرار قانون المفوضية العامة للانتخابات في جلسة مجلس الأمة بتاريخ 1 أغسطس 2023م، وقد نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 27 أغسطس 2023م، ورغم مرور فترة زمنية منذ ذلك الحين، لم يتم بعد تشكيل المفوضية ولا الجهاز التنفيذي المرتبط بها، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية التزام الحكومة بتطبيق القانون وتأمين بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات القادمة.
تعبر مجموعة من النواب عن قلقهم بشأن هذا الوضع وتحذيرهم من الأخطار الدستورية والقانونية المحتملة نتيجة لعدم تفعيل قانون المفوضية العامة للانتخابات، يركز النواب في مطالبهم على ضرورة إيجاد حلول عاجلة وفعّالة لتجنب الفراغ الدستوري وضمان استمرارية العملية الديمقراطية في الكويت.
فقد قال النائب خالد العميرة: تم إقرار قانون المفوضية العامة للانتخابات بجلسة الثلاثاء الموافق 1 أغسطس 2023م، وتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 27 أغسطس 2023م، وعلى الرغم من مرور خمسة أشهر لم يتم تشكيل المفوضية ولا الجهاز التنفيذي لها ولم تصدر لائحتها التنفيذية؛ الأمر الذي يؤثر على أي انتخابات قادمة، وعلى الحكومة إيجاد حل عاجل وسريع لكيلا ندخل بفراغ دستوري قادم.
فيما قال النائب مرزوق الغانم: قد كفل الدستور بشكل صريح للمواطنين حقوقهم السياسية التي تساهم في اختيار من يمثلهم في مجلس الأمة (بطريق الانتخاب العام والمباشر)، ويذود عن حرياتهم ومصالحهم وأموالهم؛ تشريعاً ورقابة، كما قرر الدستور أن تكوين مجلس الأمة لا يكون إلا عن طريق تكوين هيئة ناخبيه وقيدهم في الجداول الانتخابية، وعلى الرغم من مرور أكثر 5 شهور على نشر القانون رقم (120) لسنة 2023م في شأن «المفوضية العامة للانتخابات»، فإن إهمال الحكومة السابقة وتراخيها بعدم تنفيذه وتشكيل مفوضيته أدى إلى تعطيل اختصاصاتها (أهمها إعداد الجداول الانتخابية وقيد كل المواطنين الذين بلغوا سن 21 فيه بشكل دوري شهرياً)، كما أدى إلى تعطيل حق المواطنين في توليهم حقوقهم الانتخابية وحرمانهم من المشاركة في تكوين مجلسهم والتعدي على حقهم في الرقابة.
وتابع: أخيراً، أدعو سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ د. محمد صباح السالم الصباح إلى توجيه وزرائه إلى سرعة تنفيذ قانون المفوضية العليا للانتخابات حتى لا يكون لدينا مجلس أمة مبطل رابع.
فيما قالت النائب جنان بو شهري: سبق أن حذرت من الفراغ الدستوري الذي ترتب على عدم تفعيل قانون مفوضية الانتخابات، وهذا ما أكده اليوم وزير العدل في اجتماعه مع اللجنة التشريعية، وأبلغ اللجنة أن الحكومة ستتبنى تعديلاً تشريعياً بحيث يتم العودة للقانون السابق إلى حين تشكيل المفوضية وإقرار اللائحة، مع مهلة مدتها سنة لإصدارها، وتعديل مادة تعيين القضاة لتصبح ندباً.
وتابع: ما هو أهم من الموقف الحكومي، هو أننا نعيش أزمة خطرة على النظام الدستوري قد يترتب عليها تعطل الحياة البرلمانية في حال حل مجلس الأمة، مسؤوليتنا الوطنية اليوم حماية الدستور والمؤسسة البرلمانية وتصحيح الوضع التشريعي المعقد قبل أن ندخل في نفق مجهول، وإن كانت بداية الأزمة اليوم نراها بعجز المجلس البلدي الدعوة لانتخابات تكميلية، وهو ما أكده الوزير أيضاً، فإننا أمام مرحلة قد نعجز معها إجراء انتخابات برلمانية ومن ثم تعليق الحياة الدستورية.
وكان النائب شعيب المويزري قد وجه سؤالاً إلى وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية فيصل الغريب، جاء كما يلي:
نشر القانون رقم (120) لسنة 2023 بشأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة في جريدة «الكويت اليوم» بالعدد (1650)، يوم الأحد الموافق 27/ 8/ 2023م، ومنذ تاريخ الإصدار لم تفعل مادة واحدة من القانون، ولم تشكل المفوضية من القضاة ولا الجهاز التنفيذي لها؛ وبالتالي لا يمكن وضع اللائحة إلا بعد التشكيل، ما يترتب عليه فراغ دستوري وقانوني قد يبطل أي انتخابات عامة أو تكميلية تجرى قبل تشكيل المفوضية وقبل إصدار اللائحة، خصوصاً أن آخر مهلة لإصدار اللائحة التنفيذية تنقضي بعد ما يقارب شهراً فقط من تاريخ تقديم السؤال.
وجاء في سؤال النائب شعيب المويزري إلى وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية فيصل الغريب التالي:
يرجى إفادتي وتزويدي بالآتي:
1- ما أسباب تعطيل تفعيل هذا القانون وعدم تشكيل المفوضية العامة للانتخابات على الرغم من مرور 5 أشهر على نشر القانون في الجريدة الرسمية؟
2- لماذا لم يعين 5 قضاة كويتيين أعضاء المفوضية العامة للانتخابات، ولم يعين أعضاء الأمانة العامة للمفوضية من أمين عام وأمين مساعد أو أكثر، ولم تصدر اللائحة على الرغم من تبقي ما يقارب شهراً واحداً من مهلة إصدارها وعليـــه يصبح القانـــون حبراً على ورق؟
وكان مجلس الأمة قد وافق على إنشاء أول مفوضية لإدارة الانتخابات في البلاد في أغسطس 2023م التي تسبب عدم تشكيلها، بحسب مراقبين، بإبطال انتخابات عديدة أحدثها في سبتمبر 2022م.
وأفادت «وكالة الأنباء الكويتية» (كونا) حينها، بأن مجلس الأمة وافق في جلسته الخاصة اليوم الثلاثاء على مشروع القانون بشأن إنشاء مفوضية عامة للانتخابات.
وأوضحت أن ذلك يهدف للوصول إلى نظام ديمقراطي وقانوني أمثل يتوافر فيه المزيد من الشفافية والنزاهة الواجب توافرها في إجراءات العملية الانتخابية.
ومهام المفوضية «الإشراف على الانتخابات وتتكون من خمسة قضاة كويتيين، لها أمانة عامة ومقر وتختص بإعداد جدول الانتخابات والإعداد لها بجميع مراحلها حتى الفرز وإعلان النتائج».