استكمالاً لمخططات السيطرة على المسجد الأقصى المبارك والقدس، نسلط الضوء في هذا المقال على مجموعة من الأدوات والوسائل التي وضعها الاحتلال الصهيوني لتهويد المدينة المقدسة.
ثامناً: أسطورة البقرة الحمراء:
منذ 37 سنة، وتحديداً منذ عام 1987م، بدأ البحث عن فكرة البقرة الحمراء بطلب من التيارات الدينية المتطرفة الذين يمثلون 16% من عدد اليهود، واستمر تطورها إلى الآن حتى حدد موعد لذبحها في عيد الفطر القادم.
وقد بدأ معهد الهيكل في العام 2015م برنامج استيلاد البقرة الحمراء عبر الصناعة الوراثية وتغيير الخريطة الجينية لأجنة مجمدة مستوردة من أمريكا، ويتم ذلك بالتعاون مع الإنجيليين الأمريكيين لمساعدتهم عل استيلادها من خلال مزرعة أبقار اسمها «ثلاثية الصلبان»، وتم استخدام الهندسة الوراثية لتحديد اللون والمواصفات وبالفعل تم استيلاد 5 بقرات، ثم تم شحنها إلى مطار اللد ثم إلى شمال فلسطين ثم إلى العزل التام في منطقة بيسان، والبقرات ليست في عمر واحد (لذلك «الأقصى» في خطر الآن أكثر مما سبق لدخول هذه الشريحة على المشهد الاعتقادي الديني التوراتي المتطرف).
تشترط الشريعة التي تتبناها الحاخامية الكبرى طهارة الشعب قبل السماح له بدخول المسجد الأقصى المبارك، الذي يعبرون عنه بقولهم: «الصعود إلى جبل المعبد»، وعليه فلا بد من ذبح إحدى هذه البقرات واستخدام رمادها في عملية تطهير الشعب، ومن ثم السماح ليهود العالم كافة بدخول المسجد الأقصى، ويجب أن يكون الحاخامات الذين يذبحون البقرة من نسل هارون.
وفكرة البقرة الحمراء ترجع فعلياً إلى نصوص المشناة (شروح التوراة)، وهي جزء من كتاب التلمود، وتتلخص في ضرورة ظهور بقرة حمراء خالصة ليس فيها شعرتان من لون آخر، ولم تستخدم لأي أعمال خدمة مطلقاً، ولم يوضع في رقبتها حبل، وربيت في «أرض إسرائيل»، وعندما تبلغ العامين يمكن استخدام رمادها في عملية «تطهير الشعب اليهودي».
عندها فقط يصبح الشعب قادراً على الصعود إلى بيت الرب (أي المسجد الأقصى المبارك) بعد أن أصبح طاهراً، وهذا ما يفسر وضع هذه البقرات في مزرعة سرية، فبمجرد أن يأتي شخص مثلاً ويركب فوق ظهرها أو يضع في رقبتها حبلاً ويجرها ولو متراً واحداً تصبح البقرة غير صالحة لإتمام هذه الطقوس.
وفي الأسطورة أنه منذ ألفي سنة لم تولد بقرة حمراء بهذه المواصفات مطلقاً، ولهذا فإن ظهور هذه البقرات تعتبر في رؤية هذه الجماعات الدينية إشارة إلهية إلى قرب بناء المعبد الثالث وظهور المسيح المنتظر لديها.
تاسعاً: الخطة الخمسية الأولى برقم (3790):
وهي منهجية خبيثة ناعمة لـ«أسرلة» مدينة القدس والمقدسيين، وذلك في 13 مايو 2018م، وفي مناسبة احتفال «إسرائيل» بمرور 51 عاماً على احتلالها شرق المدينة، أو ما تُسمّيه «يوم القدس»، أُعلِن عن القرار الحكوميّ «الإسرائيليّ» رقم (3790)، يصادق القرار على خطّة بعنوان «الخطّة الخمسية: تقليص الفجوات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتطوير الاقتصاديّ لشرقيّ القدس، 2018-2023»، وقد حددّت الخطّةُ ستّة قطاعات ستعمل فيها: التعليم والتعليم العالي، الاقتصاد والتجارة، التشغيل والرفاه، المواصلات، تحسين جودة الحياة والخدمات المُقدّمة للسكان، وتخطيط وتسجيل الأراضي.
عاشراً: الخطة الخمسية الثانية 2024 – 2028م قرار رقم (550):
استمراراً لمشاريع «الأسرلة» ودمج المقدسيين قسراً في منظومة المؤسسات «الإسرائيلية»، صادقت حكومة الاحتلال في 20 أغسطس 2023م على الخطة الخمسية الثانية لتقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والتنمية الاقتصادية لشرقي القدس 2028 – 2024م، بميزانية تقدر بـ3.2 مليار شيكل (نحو 844 مليون دولار)؛ أي أنها ارتفعت بقيمة مليار شيكل عن الخطة السابقة، وستشمل القطاعات الآتية:
– التعليم والتدريب: (800 مليون شيكل للمدارس الابتدائية)، (300 مليون شيكل لتمويل المؤسسات التعليمية في القدس).
– التوظيف والتنمية الاقتصادية: (506.5) مليون شيكل.
– البنية التحتية: (833) مليون شيكل.
– التخطيط القانوني وتصميم المباني العامة: 132 مليون شيكل.
– خدمات «المقيمين»: 900.5 مليون شيكل.
والهدف غير المعلن هو المزيد من التغلغل الناعم بالمقدسيين، وربطهم بالمنظومة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وما يتمخض عن ذلك من محاولة ضبط الفلسطينيين وردعهم عن العمل الوطني، من خلال تكبيلهم بالمزيد من الارتباط بالمؤسسات «الإسرائيلية» المختلفة.
حادي عشر: تأسيس «اتحاد منظمات المعبد»:
بدأ التأسيس في عام 2012م بعضوية 24 منظمة، ولينشق منها ائتلاف جديد باسم «ائتلاف المعبد الثالث»، وذلك لتوحيد تلك المنظمات في ائتلاف تنسيقي يعمل على تهويد المسجد الأقصى المبارك وتغيير واقعه، وفي يوم الخميس 21/ 9/ 2023م ارتفع عدد المؤسسات المتطرفة إلى 47 مؤسسة تنضوي تحته.
ثاني عشر: خطة التهجير لأهل الضفة الغربية:
أعلن بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب الصهيونية الدينية، عن خطة «أرض إسرائيل الكاملة»، في عام 2017م، وهي خطة لحل الصراع مع الفلسطينيين، أطلق عليها مسمى خطة «الحسم».
يصرح سموتريتش بشكل مباشر بأنّ «المنطقة بين البحر والأردن مساحة جغرافية وطوبوغرافية واحدة، ولا يمكن تقسيمها بشكل مستدام»، مشدداً على فكرة «أرض إسرائيل الكاملة» بقوله: «نحن هنا لنبقى، إن تحقيق طموحنا القومي بدولة يهودية من البحر إلى الأردن حقيقة مطلقة غير قابلة للنقاش وغير قابلة للتفاوض».
ثالث عشر: المحاولات المتكررة لنزع السيادة من الأوقاف الأردنية عن «الأقصى»:
ما يقوم الاحتلال به من السيطرة على أبواب المسجد الأقصى المبارك، والتدخل الدائم في شؤون المسجد، وعدم السماح للتوظيف أو الترميم، وعدم السماح للحراس بالقيام بأعمالهم، ومحاولة إصدار الأوامر للحراس بإغلاق المسجد الأقصى كل يوم بعد العشاء؛ محاولات لنزع السيادة عن المسجد ونقلها إلى الاحتلال بكل مكوناته.
ماذا فعل المقدسيون خلال هذه الأعوام في التصدي للاحتلال؟
– حماية المسجد الأقصى المبارك.
– خوض معركة الصمود والثبات والدفاع عن القدس والمقدسات.
– معركة الاعتكاف في رمضان.
– فرضوا على الاحتلال التراجع في كثير من المواضع.
– إحياء مبادرة «الفجر العظيم».
– إطلاق مبادرة «قناديل الرحمة» لعمارة مصلى باب الرحمة بالمصلين وحمايته من مخططات الاحتلال التي تستهدفه.
– مواصل مشروع شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك.
– خاضوا المواجهات مع جنود الاحتلال في شتى المواقع والمداخل والحواجز الصهيونية.
– نجح حراس المسجد الأقصى في إفشال تحقيق أهداف المقتحمين بضبطهم بعض المقتنيات التوراتية داخل المسجد.
– استحداث حالة الصمود في حماية بيوت القدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك.
__________________________
باحث في شؤون القدس.