سنَّ لنا رسول الله صلى عليه وسلم صيام 6 أيام من شهر شوال، كما جاء في حديث: «من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر» (رواه مسلم في كتاب الصيام بشرح النووي (8/ 56))، أي كصيام سنة كاملة، وينبغي أن ينتبه المسلم إلى أن هذه الفضيلة لا تتحقق إلا إذا انتهى رمضان كله.
وقد فسّر النبي صلى الله عليه وسلم فضل صيام هذه الأيام بقوله: «من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)»، وفي رواية: «جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة» (رواه النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 421))، ورواه ابن خزيمة بلفظ: «صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة».
وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية بأن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضاً، وإلا فإنّ مضاعفة الأجر عموماً ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها.
ومن الفوائد المهمّة لصيام ستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان؛ إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلباً في صيامه، ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، قال: يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم» (سنن أبي داود، 865).
شهر شوال كله محل لصيام الست
وهذه الأيام ليست معينة من الشهر، بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإذا شاء صامها في أوله، أو في أثنائه، أو في آخره، وإن شاء فرقها، وإن شاء تابعها، فالأمر واسع بحمد الله تعالى، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير، ولا تكون بذلك فرضاً عليه، بل يجوز له تركها في أي سنة، لكن الاستمرار على صومها هو الأفضل والأكمل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل» (أخرجه البخاري (6465)، ومسلم (783) واللفظ له).
تقديم القضاء على صوم الست
وقد اختلفت آراء العلماء في تقديم القضاء على صيام الست من شوال، والرأي الأصوب هو تقديم القضاء على صوم الست وغيرها من صيام النفل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر»، ومن قدم صيام الست من شوال على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما أتبعها بعض رمضان؛ ولأن القضاء فرض، وصيام الست تطوع، والفرض أولى بالأداء من التطوع.