في سابقة قضت المحكمة العليا الأمريكية بتمتّع الرئيس السابق، دونالد ترمب، بـ«حصانة جزئية» من الملاحقة القضائية بصفته رئيساً سابقاً.
قرار الحصانة الجزئية لترمب يحمل تداعيات قانونية وسياسية كبيرة ويثير تساؤلات حول حدود الحصانة الرئاسية ومستقبل المحاسبة القانونية للرؤساء السابقين.
حصانة مطلقة
في 1 يوليو الجاري، حكمت المحكمة العليا الأمريكية، بتمتع الرؤساء السابقين بالحصانة عما يتخذونه من إجراءات في حدود سلطتهم الدستورية، بيد أنهم لا يتمتعون بالحصانة عما يتخذونه من إجراءات بصفتهم الشخصية.
وقال رئيس المحكمة المحافظ، جون روبرتس، في رأيه المستند إلى رأي الأغلبية: إن أي رئيس «ليس فوق القانون»، ولكنه يحظى بـ«حصانة مطلقة» من الملاحقة الجنائية لأعمال رسمية قام بها وهو في السلطة.
وجاء في نص الرأي الذي نشرته «سي إن إن»: لا يجوز تجريم تصرفات الرئيس ضمن سلطته الدستورية الحصرية، ولا يجوز للمحاكم أن تفصل في دعوى جنائية تنظر في مثل هذه الإجراءات الرئاسية، وهكذا تخلص المحكمة إلى أن الرئيس يتمتع بحصانة مطلقة من الملاحقة الجنائية بسبب سلوك يقع ضمن نطاق سلطته الدستورية الحصرية.
انتماء أيديولوجي
واتخذ القرار على أسس الانقسام الأيديولوجي بين القضاة بأغلبية 6 قضاة محافظين مقابل 3 قضاة ليبراليين، وجاء قبل 4 أشهر من الانتخابات التي يترشح فيها ترامب عن الحزب الجمهوري لمواجهة الديمقراطي الرئيس جو بايدن.
عارضه باقي القضاة الثلاثة الليبراليين، إذ قالت القاضية سونيا سوتومايور: لم يسبق في تاريخ بلادنا أن كان لدى رئيس مبرر للاعتقاد بأنه سيتمتع بحصانة جنائية إذا استخدم ميّزات منصبه لانتهاك القانون الجنائي.
وتقول صحيفة «واشنطن بوست»: إن حكم المحكمة الذي صدر بأغلبية 6-3 يعيد القضية إلى المحكمة الابتدائية لتحديد متى وما إذا كان ترمب سيمثل للمحاكمة.
رحب ترمب بالحكم ووصفه بالانتصار الكبير للديمقراطية وللدستور، فيما ندّد الرئيس بايدن بالقرار، معتبراً أنّه يرسي «سابقة خطرة»؛ لأن صلاحيات الرئيس لن تكون مقيدة بالقانون بعد الآن.
ووفق تقارير إعلامية، يعد الحكم الصادر عن القضاة المحافظين الستة ضربة قوية للقضية الجنائية الفيدرالية المرفوعة ضد ترمب، التي تتهمه بمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020م.
تعليقاً على حكم المحكمة، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. عبدالله الشايجي القرار مسيّساً ومبنياً على الانتماء الأيديولوجي.
وقال الشايجي، في تغريدة عبر حسابه على «إكس»: سقطت المحكمة العليا الأمريكية أعلى محكمة في بلاد العام سام بتركيبتها التي عاث بها ترمب بتعيين 3 قضاة إبان رئاسته يؤيدون مواقفه وتجاوزاته وخرقه للقانون والدستور لتحكم المحكمة بقرار يثير سخط الكثيرين، بأن «للرئيس حصانة جزئية حول قراراته»! ما يعني أن المحكمة العليا منحت الرئيس حرية يفعل ما يريد ويحرض أنصاره على اقتحام الكونغرس والعبث واتخاذ قرارات وإجراءات ضد خصومه!
أحداث اقتحام الكونغرس
يأتي الحكم على خلفية القضية المرفوعة من الحكومة الأمريكية ضد ترمب على خلفية دوره في أحداث 6 يناير 2021م عندما اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس في محاولة لتعطيل التصديق على نتائج الانتخابات التي فاز بها منافسه الديمقراطي جو بايدن.
ويعتبر قرار المحكمة أن محاولات ترمب للضغط على نائب الرئيس مايك بنس لعدم التصديق على فوز جو بايدن في الانتخابات -وهو جزء أساسي من قضية المدعي الخاص جاك سميث- هي نوع من الإجراءات الرسمية الخاضعة لمعايير أعلى من المراجعة القانونية.
تهم ترمب
ويواجه المرشح الجمهوري المفترض لانتخابات عام 2024م، 4 تهم جنائية فيدرالية في العاصمة واشنطن بمحاولة إلغاء فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن، في انتخابات عام 2020م.
كما يواجه تهمة التآمر للاحتيال على الولايات المتحدة والتآمر لعرقلة إجراء رسمي هو جلسة الكونغرس التي عقدت في 6 يناير 2021م للمصادقة على فوز بايدن في الانتخابات.
وهو متهم أيضاً بالتآمر لحرمان الأمريكيين من حق التصويت وبأن يتم فرز أصواتهم.
وأدين ترمب، في مايو الماضي، في نيويورك بـ34 تهمة جنائية تتعلّق بتزوير سجلات تجارية لإخفاء أموال تم دفعها في ذروة انتخابات عام 2016م الرئاسية لإسكات نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز التي تقول: إنها أقامت علاقة جنسية مع ترمب.
وبهذا أصبح أول رئيس أمريكي سابق تتم إدانته بارتكاب جريمة، وسيتم إصدار الحكم عليه يوم 11 يوليو الجاري.
وفي حال انتُخب من جديد، يمكن لدونالد ترمب فور تنصيبه في يناير 2025م، أن يأمر بإنهاء المحاكمات الفدرالية في حقه، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».