في خضم تصاعد الأزمات في الكيان الصهيوني، فجر العثور على جثث 6 أسرى في نفق بقطاع غزة موجة احتجاجات عارمة، كاشفاً عن عمق الاستياء والغضب من أداء حكومة بنيامين نتنياهو.
التصاعد المفاجئ في المظاهرات، التي اجتاحت المدن الكبرى مثل القدس وتل أبيب، يعكس حالة من القلق العميق بشأن إخفاق الحكومة في إبرام صفقة تبادل للأسرى ووقف الحرب.
هذه المظاهرات لم تقتصر على شوارع المدن، بل شملت أيضاً إضراباً عاماً غير مسبوق يؤثر على كافة القطاعات الاقتصادية، بدءاً من البلديات والمرافق العامة إلى وسائل النقل والمطارات، مما أثار ردود فعل حادة من قبل المسؤولين الصهاينة الذين وجهوا انتقادات لاذعة لاتحاد العمال.
في الوقت ذاته، أصدرت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بياناً قوياً تنتقد فيه طريقة تعامل الاحتلال مع أسراه، مظهرةً استنكارها لما اعتبرته تلاعباً بحياة الأسرى وتحقيقاً لمصالح سياسية.
احتجاجات واسعة ومظاهرات
وتشير تقديرات وسائل إعلام عبرية إلى أن أكثر من 700 ألف شخص تظاهروا بالقدس المحتلة وتل أبيب ومدن أخرى؛ للمطالبة بصفقة تبادل للإفراج عن الأسرى.
وفي القدس، أغلق المحتجون الشوارع ونظموا احتجاجاً أمام منزل نتنياهو، وأظهر مقطع مصور من الجو إغلاق المحتجين للطريق السريع الرئيس في تل أبيب وهم يلوحون بالأعلام وصور الأسرى القتلى.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن زعيم المعارضة يائير لبيد، ورئيس معسكر الدولة بيني غانتس، شاركا في مظاهرة تل أبيب المطالبة بصفقة تبادل فورية.
وأفادت «القناة 12» العبرية بأن الشرطة اعتقلت حتى الآن 29 متظاهراً من مدينة تل أبيب.
إضراب عام وتأثيره على الاقتصاد
وأعلن رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال (الهستدروت) أرنون دافيد، أكبر منظمة نقابية، إضراباً عاماً للاقتصاد بدءاً من اليوم الإثنين، وهي خطوة غير مسبوقة لم تحدث منذ 7 أكتوبر الماضي، وآخر مرة حدث فيها ذلك كانت في مارس 2023م بعد أن حاول نتنياهو إقالة وزير الجيش غالانت، وفق موقع «واللا» العبري.
وقال رئيس «الهستدروت» أرنون دافيد، في مؤتمر صحفي أمس الأحد، وفق موقع «بي بي سي عربي»: علينا أن نوقف فكرة التخلي عن الرهائن، توصلت إلى استنتاج مفاده أن تدخلنا فقط هو الذي يمكن أن يحرك أولئك الذين يحتاجون لذلك، الإثنين سيعم الإضراب الاقتصاد «الإسرائيلي» بأكمله.
وسيشمل الإضراب بلديات القدس وتل أبيب وحيفا مع تعطيل وسائل النقل العام، ووزارات الدفاع والمالية والداخلية والاقتصاد والصحة والتعليم، ومطار بن غوريون وشركات الطيران الرئيسة، ومراكز التسوق، والمطاعم.
في مقابلة مع «103FM»، صرح رئيس شعبة الإعلام في «الهستدروت»، يانيف ليفي، قائلاً: «مهمتنا هي رفع صرخة الناس. لقد شهدنا نصف مليون شخص يتظاهرون في الشوارع، وإذا لزم الأمر، سنخرج نصف مليون آخر».
وأشار إلى احتمال حدوث إضراب آخر غدًا، وربما تشمل الإجراءات مزيدًا من القطاعات. وأضاف: «نحن لا نستمتع بالإضراب، لكننا بحاجة إلى فرض النظام في البلاد».
وأوضح ليفي أن «95% من السلطات المحلية تشارك في الإضراب».
وذكر: «صحيح أن بعض البلديات لا تشارك في الإضراب خاصةً تلك التي تقع على خط المواجهة، حيث تعرض رؤساء البلديات لضغوط شديدة من الليكود، ولكن بقية البلاد تشارك في الإضراب».
وتابع قائلاً: «نريد أن يكون تأثير الإضراب أقل ما يمكن، لكن الإضراب ليس أمراً سهلاً ولا ترفاً، لكن ليس لدينا خيار آخر».
رد فعل الحكومة
من جهته، هاجم وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش رئيس اتحاد العمال، قائلاً: لقد اختار تمثيل مصالح «حماس».
وأضاف سموتيرتش: لقد أعطيت توجيهات إلى القسم في وزارة المالية، لن يتم دفع رواتب جميع الذين سيضربون غداً، قائلاً: يجب عدم تقديم يد المساعدة لإضراب جامح وغير قانوني يضر بدولة الكيان خلال الحرب.
وقال: إن حدوث إضراب واسع، يشهد إغلاق البلاد بما في ذلك الرحلات الجوية المغادرة، سيكون له عواقب اقتصادية كبيرة من شأنها أن تسبب أضراراً اقتصادية في زمن الحرب.
رسالة «كتائب القسام»
وأشارت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في رسالة مصورة نشرتها عبر منصتها في «تيليغرام»، أمس الأحد، إلى أن قوات الاحتلال قتلت العديد من الأسرى عمدًا، واستعادت جثثهم، متسائلة: أي بطولة هذه؟!
وأضافت، حول الأسرى الذين استعادت قوات الاحتلال جثثهم: بالفعل كانوا أحياء، وكان من المفترض أن يخرجوا ضمن المرحلة الأولى من الصفقة.
وأوردت تصريحًا صحفيًا لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حول الأسرى، مؤكدًا: لو خيروني بين إعادة المختطفين (أسرى الاحتلال) ومحور فيلادلفيا، سأختار فيلادلفيا.
وأرفقت «كتائب القسام»، في الرسالة المصورة، صورًا للأسرى الـ 6 الذين استعاد الاحتلال جثامينهم مؤخرًا، وقالت مخاطبة المستوطنين وعائلات الأسرى: اختار نتنياهو محور فيلادلفيا على تحرير أسراكم، مضيفة: لقد أصبحوا من الماضي.
وكان جيش الاحتلال أعلن أمس الأحد استعادة جثث 6 أسرى بعد العثور عليها داخل نفق بمنطقة رفح جنوبي قطاع غزة، أحدهم ضابط، فيما أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن واحدة من الجثث تعود لأحد مواطنيه.