يُعد كتاب «هذا الحبيب يا محب» للمؤلف الشيخ أبي بكر الجزائري واحدًا من الكتب التي تميزت وتفردت في موضوعها الذي تبحثه وتناقشه، حيث يُعد الكتاب مرجعًا فريدًا لكل من يريد أن ينهل من بستان النبوة العطر، حيث يعود بك هذا الكتاب إلى العهد النبوي الزاهر، ويجول معك بأسلوب سلس جميل لتنطلق وتبدأ رحلة طويلة ممتعة تبحر فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أن تصل لنهايته تكاد تكون وصلت إلى الأعماق التي تمتلئ باللؤلؤ والمرجان، فترفض الخروج وترك هذه الدرر والجواهر الثمينة، ناهيك عن الأسلوب الشيق الممتع للمؤلف وطريقة عرضه لسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
بالإضافة إلى أن هذا الكتاب يتميز بميزة ربما لن تجدها بسهولة في كتاب آخر، وهي أن الكاتب، رحمه الله، أراد من تأليف هذا الكتاب أن تجتمع الأسرة المسلمة كل ليلة حول مائدة السيرة النبوية لتنهل من خيراتها، وهو الهدف الذي ذكره المؤلف في مقدمة كتابه فيقول بنفسه: «نظراً لكثرة ما جُمع وألف في الدين في هذا الفن (السيرة)، فإني -تجنباً للتكرار والإطالة والاختصار- سلكت بتوفيق الله مسلكاً في جمعه وتأليفه ما جعله بفضل الله تعالى أمثلَ ما كُتب في هذا الفن سهولة ووضوحاً وشمولاً مع حسن التبويب، وجمال التفصيل، ما امتاز به من ترصيع كل مقطوعة منه بذكر نتائجها وعبر قد لا تخلو منها في غالبها، فكان بحمد الله تعالى كتاب البيت المسلم الذي يشيع بين أفراده حب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وينير ببيان حسن الأسوة معالم الهدى في دروب الحياة كلها الدينية منها والاجتماعية والسياسية.
ولهذا، فإني أدعو أهل كل بيت مسلم أن يجتمعوا على قراءته فيقتطعوا نصف ساعة من يومهم -أو ليلتهم- يقرؤون فيها صفحة أو صفحتين حسب طول المقطوعة من الكتاب وقصرها، ويقفون على ما فيها من النتائج والعبر يقوون بذلك إيمانهم، وينمون معارفهم، ويهذبون أخلاقهم، وأعظم من ذلك اكتسابهم حب نبيهم وحب أهل بيته الطاهرين وصحابته الغر الميامين».
وإذا أردنا أن نقف وقفة سريعة مع أبواب هذا الكتاب سنجد أن الكاتب جعله على شكل مقطوعات سهلة القراءة للأسرة المسلمة، ولعرض السياق الزمني والتسلسل المكاني الذي اعتمده المؤلف سنجد أنه سار على الشكل التالي:
في بداية الكتاب يأخذك الشيخ في جولة خاطفة إلى ربوع الحجاز وجبال مكة ونخيل طيبة، ثم ينتقل للحديث عن مكة أرض النبوة، ثم عن إبراهيم عليه السلام، وإسماعيل وذريته، ثم يشير إلى معانٍ مهمة حول البيت العتيق.
ثم ينتقل بك إلى الحديث عن العرب وأقسامهم؛ العرب البائدة، والعرب العاربة، والعرب المستعربة، ونسل العدنانيين، والقحطانيين، وغير ذلك.
تستمر الرحلة النبوية مع المؤلف حيث يسير بك نحو كشف الوضع في جزيرة العرب قبل البعثة، وقد ذكر فيها الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، فتجده يحدثك ويخبرك عن عادات العرب سواء الحسنة منها أو السيئة، ثم يعود بعد ذلك إلى أبينا إبراهيم عليه السلام، ويسرد لك بشارات وشهادات أهل الكتاب حول بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن جديد، تنتقل إلى بداية الميلاد المحمدي حيث تعرف نسبه ونشأته وحياته وعلامات النبوة، ثم تطلع على مسيرة الدعوة والجهاد المحمدي، ومن أبرز الإضافات التي تميزها الشيخ أبو بكر في كتابه أنه بعد كل فصل يكتب بعض العبر والحكم للاستفادة منها وتطبيقها في واقعنا الحالي.
أما الفصل الأخير فتحدث فيه المؤلف عن المعجزات النبوية، والأخلاق والفضائل المحمدية، وفضل الصحابة وآل البيت ووجوب توقيرهم وحفظ مكانتهم وقدرهم.