أجرى الحوار: جمال الشرقاوي ـ سعد النشوان
الدكتور خالد المذكور أحد القامات الكويتية والإسلامية الكبيرة، كان له دور متميز في مجال الاقتصاد الإسلامي، كما كانت له جهوده في تأسيس عدد من البنوك والمؤسسات التي تعمل وفق الشريعة الإسلامية، ومنها: بيت التمويل الكويتي، والكثير من الشركات المالية والاستثمارية الإسلامية.
له نشاط علمي بارز في مجال التدريس والمحاضرات والخطابة والإفتاء والبرامج الإعلامية.. وهو مشارك منتظم في المؤتمرات الإسلامية العالمية.
يترأس الدكتور خالد المذكور اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التابعة للديوان الأميري في دولة الكويت التي ساهمت في تعديل قوانين عديدة لتتوافق مع الشريعة الإسلامية، كان لنا معه هذا الحوار الشامل:
* بداية.. نريد منكم الحديث عن إنجازات «الاستشارية العليا» الماضية.. وما الخطوات القادمة؟
– أولاً أرحب بكم وبمجلة «المجتمع»، التي تعتبر من العوامل المحركة للعمل الإسلامي، والتي يسعد بها كل مسلم، سواء في الكويت أو خارجها.
والذي أود قوله: إن اللجنة أصبحت منذ عام 1997م لجنة دائمة وليست لجنة مؤقتة، وعندما صدر المرسوم الأول في عام 1991م بإنشاء اللجنة كانت المادة الثانية تنص على أن مدة اللجنة سنتان، ويجوز تمديدها، ولكنها في سنة 1997م وبعد مرور ست سنوات أصدر سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، يرحمه الله، مرسوماً آخر، تم بموجبه حذف المادة الثانية التي تحدد مدة اللجنة، ومن ثم أصبحت اللجنة دائمة اعتباراً من صدور المرسوم.
ولذلك عندما يطرح عليَّ السؤال: متى تنتهون؟ أقول: كلما جاءنا شيء سوف نقوم بدراسته ونقوم بتعديله وفق أحكام الشريعة، كما أن اللجنة تقوم بخدمة السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ويتم الرجوع إليها فيما يتعلق بأحكام الشريعة الإسلامية، من جميع الجهات، سواء من مجلس الأمة أو من الحكومة.
أما مسألة التطبيق ليست بأيدينا، لأننا نحن لجنة استشارية، ولسنا لجنة تنفيذية، إنما نشير على ولي الأمر كونه أصدر مرسوماً بإصدار اللجنة وفق ما صدر من مهام في المرسوم أن نقوم بتعديل القوانين وفق الشريعة الإسلامية في جميع المجالات، مثل التشريع، والتربية، والمجتمع والإعلام والاقتصاد، فهذا ما نقوم به منذ ما يقارب 23 عاماً، وقد قمنا بتعديل الكثير من القوانين وفقاً للشريعة الإسلامية.
وبالإضافة إلى المهام التي كلفنا بها في المرسوم، فنحن نتلقى كذلك بعض الآراء، سواء من الحكومة أو من مجلس الأمة حول بعض القضايا، حيث نقوم بتشكيل لجنة مصغرة من أجل دراستها، هذا بالإضافة إلى المهام التي تم تكليفنا بها وفق المرسوم.
تناقشنا مع البنك المركزي من أجل أن تكون هناك إستراتيجية للتحول من الاقتصاد التقليدي إلى الإسلامي
* سمعنا أنه توجد مشاريع تتم دراستها مع بعض مؤسسات الدولة مثل مشروع «القيم» الذي يتم التعاون فيه مع وزارة التربية؟
– نحن في سبيل الإنجازات، سواء كانت هذه الإنجازات تربوية أو اجتماعية أو اقتصادية أو تشريعية، نقوم بإعداد العدة لتلك المشاريع، والوسائل التي تهيئ لها الأجواء، ومن تلك الوسائل: إقامة الندوات، والمؤتمرات، والقيام بالاستكتاب سواء في الداخل أو الخارج، وإقامة ندوات للحوار، كل ذلك في فترة إعداد الإنجاز، وبعد إنجازه كذلك، ونعلن عنه قبل رفعه لصاحب السمو، ونتلقى التصورات من المختصين، فإن كان إنجازاً تشريعياً نقوم بمراسلة المختصين في هذا المجال، من القانونيين، أو القضاة أو المحامين، أو الشرعيين لإبداء بعض الملاحظات، ونقوم بدراسة كل ذلك قبل أن نقوم برفعه لحضرة صاحب السمو.
وإن كان الإنجاز يتعلق بالاقتصاد نتواصل مع الاقتصاديين لإبداء الملاحظات ونقوم بدراستها وهكذا دواليك في كل المجالات.
فهذه هي وسائلنا وعلاقتنا مع الوزارات التنفيذية وعلى وجه الخصوص الوزارات التي لها علاقة وطيدة باللجنة مثل وزارة الأوقاف ووزارة التربية ووزارة الإعلام ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الدولة لشؤون الشباب، التي تم إنشاؤها حديثاً، كل تلك الوزارات لنا معها علاقات وطيدة، كما أن لنا بعض الاتفاقيات التي تربطنا بها، الأمر الذي جعل التنسيق بيننا متواصلاً.
وحدة الصف
* توجد دعوات نشاز تدعو للتمايز بين المجتمع الكويتي الواحد، كيف تنظرون لهذه الدعوات وفضيلتكم ترأس مؤسسة توجيهية؟
– وحدة الكلمة ووحدة الصف، والدعوة إليهما نص عليها حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث وصفهم بالسفينة التي تحمل الركاب وهناك من أراد أن يخرق السفينة حتى يحصلوا على الماء ولا يصعدون للأعلى، فإن تركوهم وما أرادوا غرق جميع ركاب السفينة، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجا كل ركاب السفينة جميعهم.
فنحن في سفينة واحدة، ومن إيجابيات الكويت أنها صغيرة المساحة، قليلة السكان، وليست فيها أعراق متفاوتة، وليست فيها أديان مختلفة وليست فيها لغات متعددة، وهذه من الإيجابيات، لأن بعض البلاد يوجد فيها اتساع، ويوجد فيها طوائف، وفيها أديان مختلفة، ولغات متعددة، ولهجات مختلفة.
أما الكويت فهي تختلف عن ذلك كثيراً.
كما أن الكويت من طبيعتها أنه يغلب على شعبها التراحم فيما بينهم والتماسك، حيث نستطيع أن نلمس ذلك جلياً في الأفراح والأتراح، بدءاً من الأسرة الحاكمة، إلى بقية الشعب، كما أن هناك أطرافاً تقوم بمناقشة وجهات النظر، فإن أراد أحد إثارة الشغب أو إشعال فتنة تتعلق بالطائفية أو القبلية أو المذهبية، سوف تجد الجهود الخيرة تتضافر من أجل إطفاء هذه الفتنة.
جميع رؤساء إدارات بيت التمويل الكويتي كانوا متعاونين مع الهيئة الشرعية باعتبار قراراتها وفتاويها ملزمة
قصة بيت التمويل
* لفضيلتكم باع طويل في الاقتصاد الإسلامي، وخصوصاً في بيت التمويل الكويتي، حدثنا عن تلك التجربة؟
– بيت التمويل الكويتي هو أول بنك إسلامي في الكويت، حيث قام في بدايته على جهود معروفة، ففي بدايته كان يعمل فيه الأخ عيسى عبده يرحمه الله، الذي جاء إلى الكويت في بداية السبعينيات، لإلقاء المحاضرات، وكان من المهتمين بالاقتصاد الإسلامي، وأشار من خلال وجوده في ندواته ومؤتمراته بضرورة وجود مصارف إسلامية تقوم بأداء دورها وفق الشريعة الإسلامية، وتجاوب مع هذا الاتجاه العم أحمد بزيع الياسين يرحمه الله، حيث رأس أول مجلس إدارة لبيت التمويل الكويتي، وكان معه ويعاضده ويسانده أستاذنا فضيلة الشيخ بدر متولي عبدالباسط، الذي كان عميداً لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، ثم أصبح رئيساً لقسم الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت، ثم أصبح رئيساً للموسوعة الفقهية، ثم أصبح مستشاراً لبيت التمويل الكويتي، وبعد قيام بيت التمويل الكويتي وافتتاحه، كان الشيخ بدر متولي عبدالباسط، يقوم بالإفتاء في هذا المجال، وقد تم جمع فتاواه في كتاب المستشار الشيخ بدر متولي عبدالباسط، ثم بعد ذلك، ثم تم النص على ضرورة وجود لجنة تسمى الرقابة الشرعية، وبدأت هذه اللجنة برئاسة الشيخ بدر متولي، وبعضويتي، وعضوية الشيخ عبدالستار أبو غدة، وحالياً يعمل الشيخ في شركة «البركة» بالمملكة العربية السعودية، هذا كان في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وفي التسعينيات حدث الاحتلال الغاشم، وبعد التحرير أضيف إلى هؤلاء الثلاثة د. محمد فوزي، ثم د. عجيل النشمي، حيث أصبح العدد خمسة.
وبعد فترة تغير الوضع، حيث تقدمت السن بالشيخ بدر مع مرض الشيخوخة، لذا تم إضافة بعض الأعضاء ذوي الاختصاص في الشريعة الإسلامية، وأشهد الله بأن جميع رؤساء إدارات بيت التمويل الكويتي كانت متعاونة تعاوناً كبيراً مع الهيئة الشرعية باعتبار قرارات الهيئة الشرعية وفتاواها ملزمة لبيت التمويل الكويتي في تنفيذها.
فمن صميم عملنا ألا نكتفي بالسؤال المباشر، وإنما نأتي بمدير الإدارة ونسأله عن السؤال الذي يريد أن يستفسر عنه ويتبين من خلال المقابلة أنه يريد كذا وكذا وكذا، فقد يغير السؤال وفق تصوره، وكانت اجتماعاتنا أسبوعية، وبالتحديد يوم الثلاثاء، وخصوصاً حين تفرغ الأخ أحمد بزيع الياسين، وهذا المنهج بحمد الله هو الذي أنجح بيت التمويل الكويتي، كأول بنك إسلامي، ثم توالت بعد ذلك البنوك الإسلامية، وكان لنا دور في اللجنة الاستشارية العليا في هذا المجال.
اقتصاد إسلامي
* في أقل من أسبوع تحول البنك التجاري إلى بنك إسلامي، هل لكم دور في هذا التحول؟
– نحن تناقشنا مع البنك المركزي من أجل أن تكون هناك إستراتيجية للتحول من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الإسلامي، بحيث يكون هذا التحول على مراحل، بحيث يتم فتح المجال للبنوك للتحول من بنك تقليدي إلى بنك إسلامي، ففي البداية تم إنشاء بنك بيت التمويل الكويتي، ثم تم إنشاء بنك بوبيان، ثم تم إنشاء بنك وربة ثم بعد ذلك بدأ تحول البنك العقاري ثم الدولي، ثم تحول بنك الكويت الشرق الأوسط، ثم تحول البنك التجاري إلى بنك إسلامي، حتى بنك الكويتي الوطني وهو أكبر البنوك التقليدية في الكويت، لديه النية مطروحة على البنك المركزي لإنشاء بنك إسلامي آخر يتبع البنك الوطني ولكن بذمة مالية مستقلة، ويمكن أن يساهم في بنك بوبيان والإشراف عليه.
أضف إلى ذلك الشركات المالية والاستثمارية التي تخضع أعمالها للشريعة الإسلامية، ويوجد باب خاص في قانون البنك المركزي يتعلق بالمصارف الإسلامية وهذا ما أنجزناه في الحقيقة بيننا وبين البنك المركزي وبين أعضاء مجلس الأمة.
العمل الخيري الإسلامي قديم في الكويت وفي أكثر من مجال وشعبها يغلب عليه التكافل والتراحم
جذور العمل الخيري
* العمل الخيري في الكويت من الشامات المضيئة، وسجية من سجايا أهل الكويت، فما رأيكم في هذا الموضوع؟
– العمل الخيري الإسلامي قديم في الكويت، وفي أكثر من مجال، ففي أواخر القرن التاسع عشر كان هناك ما يتعلق بمرض الطاعون، الذي تسبب في موت الكثير من الكويتيين، وكان هناك بعض المسؤولين الذين يحاولون علاج هذا المرض، حيث يقومون بإعطاء العلاج لليتامى والأرامل وما إلى ذلك، ثم بعد ذلك حدثت سنة أطلق عليها سنة «الهدامة» في العام 1934م، التي هدمت البيوت من كثرة الأمطار، حيث هب تجار الكويت وأهل البر والإحسان، وعلى وجه الخصوص «اليوسفان»؛ يوسف الصبيح، ويوسف البدر، حيث قاما بدور كبير في نجدة الكويتيين المتضررين.
حيث كانت الكويت فقيرة في ذاك الوقت، وليس لها من موارد غير تجارة اللؤلؤ والغوص للبحث عنه، إلى أن أصاب تلك التجارة الكساد والبوار بسبب ظهور اللؤلؤ الياباني الصناعي، لكن بعد ذلك منَّ الله سبحانه وتعالى على الكويت بالنفط، وعلى إثرها تم تنظيم الأعمال الخيرية، وتم إنشاء الجمعيات والمبرات الخيرية التي يعم خيرها على الكويت وخارج الكويت، وفي مقدمة تلك الجمعيات الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، التي كان يرأسها العم يوسف الحجي شفاه الله وعافاه، وكذلك قامت على إثرها لجان متخصصة، مثل لجنة مسلمي أفريقيا، الذي كان يرأسها د. عبدالرحمن السميط يرحمه الله، ولجنة مسلمي آسيا، ولجنة مسلمي أوروبا، ثم بعد ذلك الجمعيات الخيرية، مثل: جمعية الإصلاح الاجتماعي، جمعية النجاة، جمعية عبدالله النوري الخيرية، جمعية إحياء التراث، وبيت الزكاة الذي يعتبر هيئة حكومية تم إنشاؤها للأعمال الخيرية وركن الزكاة، ثم أنشئت الأمانة العامة للأوقاف، حيث أصبحت الكويت تعطي دروساً في عمل الخير سواء في الهيئات الرسمية والهيئات الشعبية.
تدخل أمريكي
* وما تعليقكم على موقف أمريكا الأخير ضد وزير العدل والأوقاف نايف حجاج العجمي، وموقف القيادة السياسية برفض استقالته؟
– بداية أذكر كلمة قالها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح: «العمل الخيري تاج على رؤوسنا».. أما ما تقوم به أمريكا وغيرها تجاه هذا العمل الخيري واتهامه بأن هذا العمل الخيري يذهب إلى الإرهابيين، في صورة متفجرات وأسلحة، حيث جاء مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية إلى دول الخليج: الكويت والسعودية والإمارات وقطر، وقاموا بطرح هذا الاتهام، وأثبتت الوقائع والأوراق بأنه لا توجد أي دلائل تشوب العمل الخيري الكويتي، والعمل الخيري الكويتي تشرف عليه وزارة الشؤون، كما أن الجمعيات الخيرية الكويتية تعمل تحت مظلة الوزارة وبموجب رخصة منها بممارسة الأعمال الخيرية، وهذا ما شهد به العالم أجمع.
بل إن هناك الآن شاهداً من أعلى منبر في العالم وهو الأمم المتحدة حيث منحت سمو الأمير وساماً لعمله الدؤوب في مساندة الأعمال الخيرية، كما أن مؤتمر المانحين للشعب السوري الأول والثاني اللذين عُقدا بالكويت عام 2013م لخير دليل على أن الكويت تؤازر هذا العمل، بل إن الجمعيات الخيرية شكلت لجنة مشتركة عليا لإغاثة الشعب السوري من جميع اللجان الخيرية، وأنا عضو في اللجنة العليا، وهذه اللجنة تقوم بمساعدة اللاجئين السوريين، في تركيا ولبنان والأردن بالإضافة إلى العمل الموجود في بقية الدول، وكذلك خرج من الكويت من أقام في البوسنة والهرسك في أيام محنتها في التسعينيات، حيث هبَّ أهل الكويت وغيرهم من دول الخليج لمساعدة الشعب المسلم في البوسنة والهرسك كما ساعدوا في إقامة المساجد ودور الأيتام والأرامل، كما ساعدوا في إنشاء دور للسكن، كما أنني شخصياً زرت البوسنة والهرسك وافتتحت مقراً أطلق عليه «نحلة» الذي أسسته الرحمة العالمية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي وإذا بي أفاجأ أن الوفد أغلبه من النساء.
فوضى الفتاوى
* توجد فوضى في الفتوى تسببت في كثير من البلبلة نظراً لتناقضها، فهل من كلمة في هذا الموضوع؟
– هناك ندوتان بخصوص هذا الموضوع، ندوة أقامها مركز الوسطية منذ 5 سنوات تتعلق بهذا الموضوع، تتحدث عن الفتوى الفضائية وضوابطها وشروطها، واشترك فيها مجموعة كبيرة من الإعلاميين والفقهاء، والمتخصصين في العلوم النفسية والاجتماعية، وندوة أخرى أقيمت في رابطة العالم الإسلامي، وتوصيات وقرارات هاتين الندوتين تؤصل لكيفية العمل في الفتوى الفضائية، ومن ضمن هذه القرارات:
أولاً: أن يكون من يفتي في الإعلام مؤهلاً ومتخصصاً لهذا الأمر، وهناك مواقع لهذا الأمر ومنضبطة، وأقصد بالاختصاص أن يكون التخصص دقيقاً، كذلك لابد أن يكون الذي يتصدى للفتوى مؤهلاً شرعياً بحيث يكون دارساً للعلوم الشرعية دراسة أكاديمية وحصل على شهادة تؤهله لهذه الفتوى.
الضابط الثاني: أن تكون الفتاوى في قضايا معاصرة، فبعض الفضائيات تعمل بهرجة إعلامية أو ظهوراً إعلامياً، حتى يقبل عليها الناس وتأتي بأناس غير متخصصين، عندهم نوع من سوء الأدب في الكلام، سواء في الأمور الشرعية أو في غيرها، والناس تتشوق إلى سماع هذا، وأي برنامج على الهواء ستجد من يتصل به سواء كان البرنامج شرعياً أو فنياً أو كروياً، وهناك من يشوق حتى تزيد الإعلانات ودخل القنوات، فالقنوات الفضائية مسؤولة إلى حد كبير أنها لا تأتي بالمختصين بل تأتي بمن يثير الجدل، ويحب الظهور، فأنا مع الضوابط، وهناك بعض القنوات تتناول ما يسمى علم الغيبيات مثل السحر وما يتعلق به.
وهناك أمور نبهت عليها مراراً وهي توجد في بعض القنوات الفضائية التجارية، حيث تضع صوت مقرئي الحرم حتى تجذب الناس، وتحدثت مع الشيخ السديس، والشيخ الشريم، وتكلمت في برنامجي مع الإسلام، وأعلنت أنه لا يليق أن يظهر إعلان عن تحديد النسل أو تكبير العضو التناسلي أو تصغير الثدي أو تكبيره، والقرآن يقرأ!
* وهل تنصح الناس بحذف هذه القنوات؟
– أنا أنصح الأقمار الصناعية «نايل سات»، و«عرب سات» بأن يكرموا القرآن الكريم، بألا يكون مواكباً لهذه الدعاية التي لا تليق، حتى ولو كانت الدعاية عن السيارات، فالمتاجرة بكلام الله تعالى من أجل الكسب والتجارة لا يليق.
كذلك نحن طالبنا القنوات الفضائية بالابتعاد عن جلب أشخاص يتصدون للفتوى وهم غير مؤهلين لها.
الربيع العربي
* بخصوص «الربيع العربي»، هناك أحداث تدمي القلب في سورية ومصر واليمن… فما رأيكم فيما يحدث في تلك الدول تحديداً؟
– مع الأسف الشديد ما يحدث من قتل ومن ترويع، والأحداث التي تتوالى نتيجة للظلم، وسبب «الربيع العربي» أن تلك البلاد كانت تعاني من الظلم والطغيان والقهر والسجون، والاستهانة وعدم الاهتمام بالشعوب، مثل «القذافي»، و«حافظ الأسد»، و«بشار الأسد»، «وزين العابدين»، حيث مارسوا الظلم والعدوان والنهب لأموال الدولة، فتونس كانت على وشك الانهيار الاقتصادي، وكذلك مصر وليبيا، فالثوار لهم الحق في الثورة نتيجة هذه الأوضاع المزرية.
وهذه الثورات نجحت بالفعل، ولكن عندما رأى الغرب المعادي للإسلام وحرية الشعوب العربية والإسلامية نجاحها ملموساً وسوف تحقق نجاحات كبرى، تم وصفهم بالإرهاب ودعم القاعدة، وسعى المحاربون للمشروع الإسلامي بأموالهم وأسلحتهم وسياساتهم، وأثاروا الاضطرابات في مصر وحالياً في تونس وفي ليبيا والسعي لتفكيك ليبيا إلى عدة دول، كذلك هناك سعي لتفكيك سورية بإقامة دولة للعلويين، ودولة للأكراد، كل ذلك يحدث بسبب المؤامرات والنظام الدولي يسعى لتحقيق مصالحه على حساب ما يجري في سورية وغيرها، فروسيا، فكما هيمن الغرب على البترول الليبي دون أن يمنح روسيا شيئاً، لذا انفردت هي بسورية دون أن تسمح لدول الغرب بالتدخل أو الاستفادة مما يجري.
كذلك وضع إيران في المنطقة وأنا لا أتحدث عن سُنة أو شيعة، إنما أتكلم عن الظلم التي تقوم بممارسته إيران كنظام، فهي تحارب المسلمين وتزعم أنها مسلمة، حيث تساعد النظام السوري في قتل النساء والأطفال والشيوخ، فهي تمد النظام بالسلاح والمال والجنود والخبراء والخطط العسكرية وما إلى ذلك.
* هل مشروع إيران التوسعي يمثل خطراً على دول الخليج؟
– الخطر سيطال الخليج والدول الإسلامية، سواء في أفريقيا أو آسيا.
أحمد الله أني تربيت منذ نعومة أظفاري وترعرعت في بيئة صالحة واكتنفتني الأسرة الطيبة والدراسة الشرعية
خبرة سنين
* نبذة عن خلاصة تجربتكم في العمل الإسلامي؟
– المسلم لابد أن يقتدي بالقرآن والسُّنة، في كل نواحي الحياة، وعندما كنت صغيراً رباني الوالد يرحمه الله، وشارك في تربيتي جدي يرحمه الله، حيث ربياني على الذهاب للمسجد، وقراءة القرآن، وأدخلاني المعهد الديني، وعندما كنت في المرحلة الثانوية انضممت إلى جمعية الإصلاح عام 1963م، فأنا تربيت منذ نعومة أظفاري وترعرعت في شبابي في بيئة صالحة، من الأصدقاء والزملاء، واكتنفتني الأسرة الطيبة، والدراسة الشرعية من المعهد الديني، إلى الأزهر سواء في الليسانس أو الماجستير أو الدكتوراه، أضف إلى ذلك مجالسة العلماء، وأصحاب الخبرة، كل ذلك زادني خبرة.. فهذه تجربتي، وهذا منهجي.