رحلت عن دنيانا، ولكن بقيت لها تلك الأكياس التي كانت تُدخل السرور والبهجة
الذين أدركوا شهر رمضان المبارك في العشرينيات يعرفون جيدًا موكبَ السلطانة “مَـلَـك” أرملة السلطان “حسين كامل”، حيث كان الموكب يضم عربة من عربات الخيل والتي تُسمى “الكوبيل” والتي كانت مبطنة من الداخل بالحرير حيث تجلس السلطانة، أما قائد العربة فيجلس بجواره فتى يلبس بدلة زرقاء بخطوط رفيعة حمراء، وأزرار من النحاس اللامع، كان يُطلق عليه “الجروم” وكانت وظيفته هي أنْ يقفز ليفتح باب العربة عند توقفها، ويقدم التحية للسلطانة طبقاً للبروتوكول السائد حينها.
ويحدثنا شيخ الصحفيين حافظ بك محمود أنَّ السلطانة كانت ترتدي اليشمك الأبيض، وتحرص في شهر رمضان المعظم على أنْ تملأ حقيبتها بأكياس حريرية، بكلِّ كيس عشرةُ ريالات ذهبية لتوزيعها على الأطفال الصغار خاصةً الفقراء والأيتام، وهي عادةٌ استمرت عليها طوال عمرها المديد الذي تجاوز الثمانين، حتى وفاتها في أوائل الأربعينيات.
ورحلت عن دنيانا، ولكن بقيت لها تلك الأكياس التي كانت تُدخل السرور والبهجة على قلوب الأطفال الصغار، وما كانت تنفقه على الأعمال الخيرية وأعمال البر والإحسان، رحمة الله عليها!