استضافت العاصمة القطرية الدوحة، في الأيام الثلاثة الماضية، جلسات حوار عُقدت بين حركتي “حماس” و”فتح”، من أجل إيجاد حلول لأزمة الانقسام التي بدأت عام 2007م، ولا تزال مستمرة إلى اليوم.
وعُقدت في الدوحة عدة لقاءات، جاءت استكمالاً للقاءات كثيرة عُقدت على مدى تسع سنوات، شهدت التوقيع على الكثير من أوراق التفاهم، والتوافق على إنهاء الانقسام، من خلال حكومة وحدة، وترتيب كل الملفات العالقة مثل المعتقلين والموظفين والانتخابات التشريعية والرئاسية.
وحتى جلسات الأمس القريب، فشلت كل التفاهمات والاتفاقيات في إيجاد حلول لأزمة الانقسام، وظلت الخلافات تراوح مكانها، رغم أن الفلسطينيين استبشروا خيراً بالاتفاق الذي وُقّع في قطاع غزة، في شهر أبريل 2014م، وعُرف باسم “اتفاق الشاطئ”، والذي تضمن جدولاً زمنياً يبدأ بتسليم “حماس” السلطة في غزة وتشكيل حكومة، ومن ثم باقي الملفات الأخرى.
وقامت “حماس” بما عليها، وسلّمت السلطة، وقبلت بحكومة رامي حمد الله، إلا أن الاتفاق جُمّد هنا، وظلت الأزمة على حالها، وامتنعت سلطة عباس عن احتواء الموظفين في قطاع غزة، وحلّ مشكلة الرواتب، وأصرّت على استلام المعابر تحت سلطة الحرس الرئاسي فقط؛ ما أعاد الأمور إلى النقطة صفر.
هناك عدة أسباب دفعت لعقد الحوارات في قطر، منها: جهود قطر لدفع عجلة المصالحة، واستمرار انتفاضة القدس، والمشكلات التي يواجهها محمود عباس داخل حركة “فتح” والسلطة والتنافس على خلافته، واحتمال انهيار السلطة، وتراجع شعبية عباس، ونتائج الحصار على قطاع غزة، والتطورات الإقليمية.
وتشير المعطيات إلى وجود إيجابية في الحوارات التي جرت في الدوحة، لكن التشاؤم يسيطر على النتائج الممكنة لهذا الحوار.
فنحن أمام حلحلة سياسية للعلاقات بين “حماس” و”فتح”، ولسنا أمام مصالحة حقيقية، تنهي الانقسام، وترتب حلولاً لإدارة العلاقات ولكل الملفات السياسية.
فالأسباب العميقة التي أوجدت الانقسام لا تزال على حالها، وبالأخص الموقف من المقاومة، والاعتراف بالاحتلال “الإسرائيلي”، والتنسيق الأمني، والانتخابات، والسيطرة على المعابر، وفكّ الحصار ورواتب الموظفين، ومشاركة جميع القوى الفلسطينية في القرار، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بعد بدء حوار القيادة الفلسطينية.
كما أن المناخ الإقليمي والدولي لا يزال كما هو، وبالأخص القرار “الإسرائيلي” بمنع وتعطيل المصالحة، والموقف المصري المعارض لـ”حماس”، والإصرار على حصار قطاع غزة.
يضاف إلى ذلك طبعاً أن الإرادة السياسية عند محمود عباس غير متوافرة لإنجاز مصالحة حقيقية تؤدي إلى حلول حقيقية لكل القضايا السياسية وملفات الحكومة.