في ظرف عصيب قلَّ نظيره، وواقع أليم ندر مثيله، وصورة مأساوية يصعب وصفها، تمر القضية السورية بمرحلة عسرة، ووقت عصيب، تمثلت ذروته في هذا الذي يجري في حلب الشهباء من دماء دمار، وخراب وكارثة، حقاً: إن حلب تحترق بكل حامل معنى الكلمة، وما في بطنها من مفردات الويل والثبور، البشر صاروا أشلاء، والأطفال من بقي منهم أصبح يتيماً، ومن نجا من الشيوخ خرج بعاهة مستدامة، أرض محروقة، وبيوت مهدمة، وصفير صوت أحدث الأسلحة يلف المشهد بكامله على ألحان إيقاع طيران الروس وهول ما يفعل في واقع الأرض.
ورغم هذا، معنويات الذين على الأرض لا توصف رفعة ومكانة وشموخاً إيمانياً، يخرج أحدهم من بين الأنقاض، وما أدراك ما تحت الأنقاض، وهو يصرخ: قائدنا للأبد، سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – يحضر واحد إلى مسرح الحدث، ويرى الفاجعة الكبرى، بفقد كل عائلته، فيثبت ويصيح: لن نهزم بإذن الله تعالى، وآخر ينادي بأعلى صوته، وهو يحمل وحيده الذي فارقت روحه جسده: يا الله، يا الله، ما لنا غيرك يا الله.
وهكذا يستقبل هؤلاء الصابرون المصابرون المرابطون قدرهم بصلابة وقوة، ويأخذون ما ألقي على عاتقهم بجلد وثبات، إنه جيل البطولة والفداء، والحضارة والبناء، وهم منصورون بإذن الله تعالى، ومن باب الأمل الواسع صار الناس يرفعون شعار “حلب تحترق لتضيء الدرب للآخرين”.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وإلحاح: ما الدور الذي يجب أن يقوم به المسلم في أصقاع الدنيا، وربوع العالمين؟ ماذا يمكن أن أقدم لشعب سورية؟ ما الذي ينبغي أن نفعله نصرة لحلب الصامدة الصابرة الأبية؟
أسئلة غاية في الأهمية، وهي تضعنا أمام تحديات كبيرة، ومسؤوليات جسام؛ (وقفوهم إنهم مسؤولون).
وهنا نضطر لذكر جملة من برامج العمل التي يجب أن نقوم بها، ومنها:
1- الدعاء، فهو سهم الله الغالب، والله بيده كل شيء، وهو على كل شيء قدير، فلا تنسوا شعب سورية المحاصر، من صالح دعائكم، ولا تغفلوا عن حلب التي تحترق، فتخصوها بدعوة في أوقات الإجابة.
2- إصدار البيانات القوية، التي تعبر عن حجم المصاب، وتلفت الأنظار إلى كبر الكارثة، وتحث العالم كل العالم، للوقوف إلى جانب هؤلاء المظلومين الأبطال.
3- لا بد من الوقفات الاحتجاجية الصارخة والمظاهرات التي تعمل على إسناد أهلنا في سورية عامة، وحلب خاصة.
4- تنظيم حملات الدعم الإغاثي، وترتيب برامج جمع المال، حتى نخفف عن أهلنا في حلب، وغيرها من المناطق المنكوبة في سورية الأبية.
5- ضرورة ترتيب أسبوع كامل لجملة من المناشط التي تعمل على مساندة أهلنا في حلب، ومنها الندوات، والمحاضرات، وخطب الجمعة، وغير ذلك.
6- الإعلام جيش جرار، له أثره الكبير، وفعله الاستثنائي في مناصرة القضايا، وإسناد الشعوب المظلومة، من هنا وجب تسخير كل ما نملك من وسائل الإعلام لتوظيفها في هذا الشأن، ولعل وسائل التواصل الحديثة لها مكانة خاصة في هذا الشأن، علينا استثمارها في خدمة هذا الهدف النبيل، والعمل الجيل، ومن أحسن فعلاً، ممن ينصر إخوانه في حال الضيق والشدة “والله في عون العبد ما دام العبد، في عون أخيه”، عند ابن حبان بإسناد صحيحٍ قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فجلد جلدة واحدة، فامتلأ قبره عليه ناراً، فلما ارتفع عنه قال: علام جلدتموني؟ قالوا: إنك صليت صلاة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره».
7- أيها الإخوة في كل مكان، الأمر جد خطير، والقضية لها ما بعدها، فاتقوا الله في إخوانكم، وكونوا معهم في محنتهم، والله تعالى لا يضع أجر من أحسن عمل.