“حمامة المسجد” بالتعبير الكويتي مصطلح يطلق على من تعلق قلبه بالمسجد؛ فأكثر الحفاظ على صلاة الجماعة والمكث في المسجد للعبادة وتلاوة القرآن الكريم والذكر والدعاء.
حمامة المسجد الملا صالح أصبح ولمدة نصف قرن من الزمان معلماً دينياً بشرياً من معالم منطقة الشامية، يصلي الناس خلفه في مسجد حمد عبدالمحسن العتيقي الذي بناه رحمه الله عام 1967م، وطلب من الملا صالح إمامته، فكان أول إمام له حتى أواخر سني حياته.
حمامة المسجد الملا صالح التزم العبادة والمسجد منذ نعومة أظفاره حتى بدأ بالأذان في بدايات فتوته وشبابه في مسجد إبراهيم بن إسماعيل في منطقة المرقاب، ثم انتقل إلى مسجد علي العبدالوهاب المطوع في منطقة المرقاب أيضاً مع خاله الملا عثمان عبداللطيف العثمان، إمام المسجد، وقد تناوب الاثنان الإمامة والأذان في هذا المسجد حتى انتقل إلى مسجد العتيقي بالشامية، وقد كان جميل التلاوة جهور الصوت، استحدث نظاماً مناسباً للكثيرين من المصلين اجتذبهم به من سائر مناطق الكويت؛ وهو تأخير إقامة الصلاة ليدركها من فاتته الإقامة في المساجد بل المناطق المحيطة بل والبعيدة، وقد دعا له المصلون لما يسر لهم من إدراك ثواب صلاة الجماعة.
حمامة المسجد الملا صالح كان يتلذذ بالمكث في المسجد أكثر من البيت؛ حيث يقضي فيه ساعات يومه كلها، فيصلي الفروض الخمس كلها في المسجد دون انقطاع، فلا يعود إلى بيته إلا بعد صلاة العشاء؛ حتى إن رفيقة دربه الخالة أم محمد كانت لا تسميه باسمه كعادة الزوجات بل تسمية “الملا”؛ لأنه لم يكن ينتمي إليها وإلى بيته بل إلى المسجد، فكانت شخصيته المسجدية هي الأغلب وليست شخصيته المنزلية.
حمامة المسجد اتخذ من المسجد عالمه، فاكتفى به، مع أن غيره كان يرتاد الديوانيات ليتسامر مع أصحابه وهو حقه، إلا أنه لم يكن يرتاد الديوانيات التي كانت كلها تتشرف به لو ارتادها، ولكن كان ديوانه هو المسجد الذي انطلق منه تواصله الاجتماعي، فكان يتفقد رواد مسجده ويسألهم عن أحوالهم ووالديهم وإخوانهم ويحفظ كلاً باسمه، مُرحباً بهم، بل وكان يعتب على أحبابه حين يتأخروا عن الصلاة عنده؛ لأنه – وكما أسلفت آنفاً – يعتبر بيت الله تعالى هو ديوانه وملتقاه ومنتداه لا سواه.
يتبع في المقال القادم بإذن الله.
www.ajkharafi.com