لم أستغرب تصريح النائب راكان النصف، باعتراضه على وقف مسؤول في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، لكنني استغربت تفسيره لهذا الإجراء، بأن وراءه صفقة بين تيار ديني ووزير الإعلام المستقيل لإنقاذه من طرح الثقة فيه! ثم تأتي استقالة الوزير لتثبت – كالعادة – حجم الافتراء على التيار الديني، وهي الممارسة التي ما فتئ التيار الليبرالي ينتهجها على هذا التيار منذ كذبته الكبرى عام 1976م، عندما اتهم الإخوان المسلمين بأنهم وضعوا يدهم بيد الحكومة للانقلاب على الدستور، وشاركوا في حكومة الحل، ثم يتبين لنا أن الشخصية الدينية التي شاركت في حكومة الحل لا تمت للإخوان المسلمين بصلة، وإن تبوأت منصب رئيس جمعية الإصلاح، بينما شاهدنا خمسة من رموز التيار الوطني يشاركون في نفس الحكومة من دون أن تمسهم أي لائمة! وليتهم سكتوا عند هذا الحد، بل استمروا في ممارسة عادتهم بالافتراء، وادعوا أن التيار الديني يدعم الحكومة في مشروعها لتنقيح الدستور، الذي شكلت له لجنة عام 1980م، فيها بعض الرموز الدينية، وكانت صدمة لهم أن اللجنة رفضت مقترحات الحكومة، وقدمت تعديلات لمزيد من الحريات؛ ما اضطر الحكومة إلى استبعاد تقريرها، وأذكر عندما زار الشيخ سعد ديوان عباس المناور في رمضان، كان مما قاله له الأخير: إنكم يا حكومة رميتم تقريرنا بالزبالة، عندما خالف توجهاتكم! ثم يأتي مجلس الأمة في عام 1981م ويدخله الإسلاميون لأول مرة، ويفشل التيار اليساري والوطني في الوصول إليه، ويشيعون أنها صفقة جديدة لتمرير التعديلات الحكومية للدستور، ثم يفاجؤون بأن التيار الإسلامي كان من أشرس المعارضين لهذه التعديلات؛ ما اضطر الحكومة إلى سحب مشروعها، إلا أن التيار الخصم لا يهدأ له بال إلا بتشويه صفحة خصومه، فاستمروا في إشاعة الكثير ضد الإسلاميين، لكن الأحداث تثبت خلاف ادعاءاتهم! ولعلنا نذكر ما أشيع من صفقة بين الحكومة و”حدس” في انتخابات الرئاسة، ثم تأتي انتخابات نائب الرئيس لتبطل هذا الادعاء، ثم يتهمون رئيس اللجنة التشريعية بتعمد تأخير إنجاز المشاريع المحالة إليه، وتثبت الأيام التالية أن اللجنة التشريعية أنجزت ما كلفت به في وقت قياسي.. وهكذا يستمرون في بث الأكاذيب وتستمر الأحداث تبطل افتراءاتهم!
الأوبرا ردت لهم الروح
ابتسمت الأقلام الليبرالية وهي ترى افتتاح مبنى الأوبرا، واعتبرت هذا الإنجاز فتحاً عظيماً، وكما عبّر أحدهم إنجاز كنا ننتظره منذ سنين! فبينوا حجم تطلعاتهم ومدى طموحاتهم، أوبرا..! وصرنا نقرأ كل يوم إعلاناً عن حفلة موسيقية تقام فيها، والمتابع لما يكتبونه يشعر بأنهم وجدوا ضالتهم، وردت لهم الروح الضالة، فهذا يبشر بعودة مسرحية القطط، وتلك تبشر بحفلة للموسيقار الفرنسي (نسيت اسمه)، وثالثة تؤكد أن الموسيقى لغة التواصل بين البشر! لكن الشاهد أن بعض ربعنا ما كان ينقصهم إلا مشاهدة الرقص والطرب لحل أزمتهم النفسية!