إن الأمور الحتمية القدرية التي قضاها الله عز وجل والتي يغفل عنها معظم المسلمين ويجهلها تمامًا أعداء الإسلام أن الله عز وجل قد حفظ أمة الإسلام من الزوال بالكلية واستجاب لدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم في ألا يُسلط عليها عدو من سواها يستأصل شأفتها تمامًا، فأمة الإسلام قد تضعف وقد تمرض مرضًا شديدًا ويدب الوهن في كل أعضائها ولكنها لا تموت، ولا تخلو الأرض أبدًا إلى قيام الساعة من الجماعة المؤمنة الموحدة، فهي لا تنقرض ولا تزول مثلما حدث مع دول أخرى كبيرة مثل: دولة الإغريق، أو الرومان، أو الفرس، وكلما سقط للمسلمين في بلد دولة قام لهم في بلد آخر دولة، وكلما اضطهدوا واستضعفوا في بقعة قووا وتجمعوا في بقعة أخرى.
ومهما كانت الضغوط والابتلاءات على المسلمين فإن جذوة الإيمان تظل حية متقدة في قلوبهم ومن لا يصدق فلينظر إلى مسلمي روسيا وما عانوه لعهود طويلة من نكال واضطهاد، ولما سقطت إمبراطورية الكفر نهض المسلمون من تحت الركام في أيديهم مصحفهم وفي قلوبهم هداية الإسلام، وفي نفس العام الذي سقطت فيه الخلافة العباسية العريقة تحت ضربات الجحافل الهمجية المغولية سنة 656 هجرية، ولد رجل وسط غمار هذه الأحداث الرهيبة، قدر له أنه سيكون منشئ دولة تنوب عن أمة الإسلام في التصدي لأعدائها لقرون عديدة، ودولة ستعيد مجد الخلافة الإسلامية ودولة ستنشر الإسلام في قلب أوروبا ويتحقق على يديها موعود النبي صلى الله عليه وسلم بفتح عقر دار النصرانية القسطنطينية، ونعني بها: الدولة العثمانية التي تنتسب لبطلنا هذا الذي نؤرخ له.
أصل الدولة العثمانية
يرجع أصل الدولة العثمانية إلى الجنس التركي أو التركماني، وكلاهما واحد؛ فالتركمان هو نحت لكلمتين هما: “ترك”، “إيمان” وكانت علامة على من يؤمن من قبائل الترك بالإسلام حيث كانت الوثنية منتشرة فيهم قبل الإسلام، وينتسب العثمانيون إلى قبيلة تركمانية كانت عند بداية القرن السابع الهجري الموافق الثالث عشر الميلادي تستوطن شمال العراق في إقليم كردستان، وتعيش على رعي الدواب، ولكن هذه القبيلة تحت الضغط المغولي الوحشي اضطرت للهجرة إلى بلاد الأناضول وذلك سنة 617 هجرية، واستقرت هذه القبيلة في مدينة “أخلاط” وكانت من أملاك الأيوبيين، فلم يستقر بهم الحال بالمدينة فواصلوا الهجرة باتجاه الشمال الغربي حيث كانت دولة سلاجقة الروم وزعيمها علاء الدين السلجوقي.
كان دخول العشيرة التركمانية وزعيمها “أرطغرل بن سليمان” إلى أرض سلاجقة الروم أشبه ما يكون بالملاحم الأسطورية وقصص التراث الشعبي المشوقة؛ ذلك لأن “أرطغرل” وقبيلته عند دخولهم لأرض سلاجقة الروم وجد قتالًا شرسًا تدور رحاه بين المسلمين والبيزنطيين وكانت الكفة قد أوشكت للميل ناحية البيزنطيين، وهنا تقدم “أرطغرل” ورجال قبيلته لإنجاد إخوانهم في الدين من الهزيمة، وكان هذا التقدم سببًا لانتصار المسلمين على النصارى، وقدر “علاء الدين” هذه الفعلة لأرطغرل وعشيرته، وأعطاهم قطعة كبيرة من الأرض في الحدود الغربية على الحدود مع الدولة البيزنطية ليسكنوا فيها، وأقام معهم حلف مودة وأخوة وجهاد ضد الدولة البيزنطية.
الأمير عثمان
ولد “عثمان بن أرطغرل” سنة 656 هجرية أي في نفس العام الذي سقطت فيه دولة الخلافة العباسية، أي أن “عثمان” ولد في أجواء مضطربة والأمة الإسلامية في حالة ضعف واضطهاد وتسلط من أعدائها، فتفتحت عينا الصبي الصغير على مآسي المسلمين وزوال هيبتهم وضياع خلافتهم، وتفتحت أيضًا على عدو صليبي عتيد مرابط على ثغور قبيلته، فنشأ “عثمان” محبًا للجهاد، مشحونًا بالإيمان، مضطرمًا برغبة عارمة في استعادة أمجاد المسلمين والانتقام من أعداء الإسلام.
كانت القبيلة التركمانية – التي هي معدن العثمانيين وأصلهم بحكم موقعها الجديد المثاغر للبيزنطيين – قبيلة جهادية معنية بأمور الجهاد في سبيل الله ونشر الإسلام، مما جعلها قبيلة مؤمنة طغى عليها سمت الإيمان والحياة النقية، فلا مجال للترف ولا وقت للهو واللعب، بل حلقة مستمرة من الجهاد ضد أعداء الإسلام، لذلك نجد أن “عثمان” كان ملازمًا لأبيه “أرطغرل” في جهاده ضد الصليبيين، وأيضًا ملازمًا لأحد علماء الدين الصالحين الورعين واسمه الشيخ “إده بالي” القرماني، يتعلم على يديه ويبيت عنده الليالي، وكانت ابنة الشيخ صالحة وجميلة فأراد “عثمان” أن يتزوجها فرفض الشيخ في بادئ الأمر ولكنه عاد ووافق بعدما قص عليه “عثمان” هذه الرؤيا العجيبة، فلقد نام عثمان عنده يومًا فرأى في منامه كأن قمرًا خرج من حضن الشيخ ودخل حضنه، عند ذلك نبتت شجرة عظيمة من ظهره ارتفعت أغصانها إلى عنان السماء، وتحتها جبال عظيمة تتفجر منها الأنهار، ثم تحولت أوراق الشجرة إلى سيوف مشرعة ناحية القسطنطينية، فاستبشر الشيخ “إده بالي” بهذه الرؤيا، ووافق على تزويجه من ابنته، وبشر عثمان بأنه وذريته سيرثون الأرض ويحكمون العالم.
انهيار مملكة سلاجقة الروم
كانت مملكة سلاجقة الروم قد تكونت بعد المعركة الخالدة “ملازكرد” سنة 463 هجرية والتي انتصر فيها السلاجقة بقيادة “ألب أرسلان” على جحافل البيزنطيين يقودهم الإمبراطور “رومانوس ديوجين” وقد فتحجت هذه المعركة الطريق أمام السلاجقة المسلمين للانسياح في منطقة الأناضول، وعين السلطان “ملكشاه بن ألب أرسلان” أحد أقاربه وهو “سليمان بن قتلمش” واليًا على الأناضول، أو آسيا الصغرى لمواصلة التوسع في أرض الروم، واستمرت هذه المملكة أكثر من قرنين من الزمان وتعاقب عليها أربعة عشر حاكمًا من سلالة “سليمان بن قتلمش” حتى ظهر المغول في ساحة الأحداث.
بعدما أسقط التتار الخلافة العباسية واصلوا حملتهم البربرية لإبادة الإسلام وأهله، فاتجهوا ناحية الشام التي سقطت سريعًا في أيديهم ولكن الله عز وجل – الذي حفظ الإسلام وأهله من سنة الاستئصال – قيض المماليك وقائدهم “سيف الدين قطز” ليوقفوا الاكتساح التتاري وينتصروا عليهم في معركة عين جالوت سنة 658 هجرية، وبعدها حول التتار وجهتهم إلى منطقة الأناضول حيث مملكة سلاجقة الروم والتي قد دب الضعف والتفرق بين أمرائها مما جعلها لا تصمد أمام ضربات التتار وخاف بعض أمرائها وتحالفوا مع التتار ضد إخوانهم المسلمين واستقوا بالكافرين على المؤمنين، مما جعل “الظاهر بيبرس” يسير إلى بلاد سلاجقة الروم سنة 675 هجرية ويحاربهم مع حلفائهم التتار والكرج “أهل جورجيا الآن” وينتصر عليهم في معركة البستان، ومع قوة المماليك وضعف المغول واهتمامهم بالعراق وما حولها فقط زالت دولة سلاجقة الروم وقامت مكانها عدة إمارات في الأناضول منها: أبناء أيدين وأبناء تركة وأبناء أرتنا وأبناء كرميان وأبناء حميد وأبناء صاروخان وغيرهم كثير.
قيام الدولة العثمانية
مر بنا كيفية دخول واستقرار القبيلة التركمانية بقيادة “أرطغرل بن سليمان” في غرب الأناضول بعدما سمح لهم أمير إمارة القرمان “علاء الدين السلجوقي” بالاستيطان بإمارته وعقد حلفًا مع “أرطغرل” للدفاع المشترك ضد العدو البيزنطي، ولما توفي “أرطغرل” سنة 687 هجرية تولى مكانه ولده “عثمان”، فبدأ يوسع أملاك القبيلة ناحية الغرب بموافقة “علاء الدين” أمير القرمان، وأصدر “عثمان” عملة باسمه كناية عن المكانة والسيادة.
في سنة 699 هجرية أغار المغول على إمارة القرمان، ففر من وجههم “علاء الدين” ودخل بلاد الروم، وما لبث أن مات بها في نفس العام وتولى من بعده ولده “غياث الدين” الذي حارب المغول ولكنه قتل في حربه ضدهم، فأفسح المجال لـ”عثمان” لأن يستقل بما تحت يديه من أراض خاصة بعدما انفرط العقد بتلك البلاد المهمة والتي تعتبر ثغر المسلمين قبالة عدوهم العتيد الدولة البيزنطية، وأعلن “عثمان” قيام الدولة الإسلامية الجديدة في هذه البقعة الملتهبة من العالم، ولم يكن هذا التأسيس من باب حب السلطة التملك، إنما كان حبًا في نشر الإسلام.
عقبات في الطريق
عندما قامت الدولة العثمانية وظهرت للوجود سنة 699 هجرية، كانت البقعة الملتهبة التي أقمت فيها مليئة بالعقبات والمشاكل التي ستصطدم حتمًا ولا بد بهذه الدولة الوليدة.
هذه العقبات كانت كالآتي:
1- عقبات داخلية: وتتمثل في الإمارات المجاورة للدولة العثمانية، مثل إمارات القرمان ومنتشا وصاروخان وغيرها كثير، وكان أمراء تلك البلد ضعفاء متفرقين، يؤثرون الدنيا ومتاعها الزائل، قد قعدوا عن الجهاد واشتغلوا بخلافاتهم الداخلية ومطامعهم الشخصية عن نصرة الإسلام ومقارعة الأعداء مما أطمع فيهم المغول والصليبيين وغيرهم، وهؤلاء المتغلبون على إماراتهم رفضوا أي محاولة للاتحاد مع الأمير عثمان، وقفوا حجر عثرة في سبيل إعادة مملكة سلاجقة الروم المتحدة القوية، بل وقفوا أمام أي اتحاد، وبالتالي كانوا عبئًا ثقيلًا على حركة الفتح الإسلامي.
2- عقبات خارجية: وتتمثل في الإمارات الصليبية المتناثرة في منطقة الأناضول الواسعة والذين يحكمون هذه المناطق على شكل الحكم الذاتي، مع الارتباط الديني والقومي مع الدولة الأم “بيزنطة”، مثل: إمارة بورصة، ومادانوس، وأدره نوس، وكستلة وغيرهم، وهؤلاء عداوتهم أصلية وقديمة، لذلك قرر الأمير “عثمان” أن يبدأ رحلته الجهادية بمواجهة الصليبيين في منطقة الأناضول، خاصة وأن أمراء الصليبيين قد تنادوا سنة 700 هجرية بتكوين حلف صليبي لتصفية الوجود الإسلامي الجديد بالأناضول بعدما سقطت سلطنة سلاجقة الروم.
رحلة الجهاد المقدس
بدأ الأمير “عثمان الأول” رحلته الجهادية المقدسة واضعًا نصب عينيه هدفًا أسمى هو إعلاء كلمة الله عز وجل في فترة زمنية حرجة بالنسبة للأمة الإسلامية التي تعاني من ضربات التتار من ناحية الشرق، وضربات الصليبيين الإسبان بالأندلس من ناحية الغرب، وكانت صفات “عثمان الأول” الإيمانية وعميق حبه للدين غالبة وحاكمة على تحركاته وحملاته، فكان لا يبدأ القتال مع أعداء الإسلام إلا بعدما يعرض عليهم الخصال الثلاث؛ الإسلام، أو الجزية، أو القتال.
شعر سكان الأراضي القريبة من الدولة العثمانية الوليدة صدق إخلاص “عثمان” ونيته الجادة في نشر الإسلام، فتحركوا وانضموا للأمير “عثمان” في رحلته الجهادية المقدسة، من هؤلاء: جماعة “غزياروم” أي غزاة الروم وهي جماعة إسلامية كانت ترابط على حدود الروم بنية الرباط وصد غارات الروم عن المسلمين وذلك منذ عهد الخليفة العباسي “المهدي بالله”، أي أنهم كانوا أصحاب خبرة طويلة في قتال الروم، ومن هؤلاء أيضًا جماعة “الإخيان” أي الإخوان وهي جماعة من أهل الخير يعينون المسلمين ويقومون بخدمة المسافرين والجيوش المجاهدة، وهي جماعة تتألف من كبار التجار وأصحاب رءوس الأموال الذين سخروا أموالهم لنصرة الدين، وأيضًا جماعة “حاجيات روم” أي حجاج أرض الروم وهي جماعة معنية بالعلم الشرعي وتفقيه المسلمين بأمور الدين، وكان لانضمام أمثال هذه الجماعات أثر قوي وزخم كبير للحملة الجهادية.
ظهرت شجاعة الأمير “عثمان الأول” وحزمه في المائة يوم الأولى من قيام الدولة العثمانية حيث شن أمراء النصارى بالأناضول حملة صليبية على الدولة الوليدة سنة 700 هجرية، فقاد “عثمان” الجيوش بنفسه وباشر القتال بسيفه ورمحه واستطاع بفضل الله عز وجل ثم قوة عزمه وشجاعته الفائقة في القتال أن يشتت هذه الحملة الغادرة، ثم شرع بعد ذلك في فتح الحصون الصليبية، ففتح حصون “كتة”، و”لفكة”، و”آق حصار”، و”قوج حصار”، وذلك سنة 707 هجرية، ثم فتح حصون “كبوة”، و”يكيجة”، و”تكرربيكاري” سنة 712 هجرية، ثم توج فتوحاته بفتح مدينة بورصة أو بورسة، وذلك بعد مجاهدة ومحاصرة ومرابطة عدة سنوات قضاها الأمير “عثمان” في مصابرة عدوه حتى تم له الفتح سنة 717 هجرية، وأظهر فتح بورصة مدى صبر وثبات الأمير “عثمان” في جهاد أعداء الإسلام.
حاول أمراء النصارى في الأناضول إعادة الكرة مرة أخرى وتحالفوا هذه المرة مع “المغول” الذين كانت تربطهم بالنصارى علاقة وثيقة قائمة في الأساس على كره الإسلام ومحاربة المسلمين، وإلا فهؤلاء كفار مشركون والآخرون وثنيون يعبدون الشمس والكواكب، فجهز الأمير “عثمان الأول” جيشًا بقيادة ابنه الثاني “أورخان” وسيره لقتال المغول قبل تحالفهم مع النصارى فأوقع بهم هزيمة كبيرة، شتتت شملهم وصرفتهم عن فكرة الاتحاد مع البيزنطيين.
الشخصية الآسرة
كانت شخصية “عثمان” متزنة وخلابة وآثرة في نفس الوقت، فشدة إيمانه بالله عز وجل، وحماسته العالية في نشر الإسلام بأوروبا، جعلت منه شخصية شديدة الجاذبية للجميع؛ مسلمين وكافرين، فلم تطغ قوته على عدالته، ولا سلطته على رحمته، وكان إذا وعد أوفى، فعندما اشترط أمير قلعة “أولوباد” البيزنطية حين استسلم للجيش العثماني، ألا يمر من فوق الجسر أي عثماني مسلم إلى داخل القلعة التزم بذلك الأمير “عثمان”، وكذلك كل من جاء بعده.
هذه الشخصية الجاذبة جعلت حتى أعداءه الكافرين ينبهرون بتلك الشخصية الباهرة فيدخلون في الإسلام، وأوضح مثال على ذلك القائد البيزنطي “إقرنيوس” الذي كان واليًا على مدينة بورصه واستمات في الدفاع عنها ودخل في صراع طويل مع الأمير “عثمان” حتى سقطت المدينة في النهاية بعد خمس سنوات من الحصار، وخلال تلك الفترة احتك “إقرنيوس” بالأمير “عثمان” وانبهر بخصاله وأخلاقه النبيلة وشخصيته الآسرة، وفي النهاية أعلن “إقرنيوس” إسلامه عن صدق ويقين، بل صار من كبار قادة الجيش العثماني الذي يحارب دولته الأصلية “بيزنطة” وما أشبه هذه القصة بقصة إسلام القائد الرومي “جريجوري بن تيودور” الذي تسميه المراجع العربية “جرجة” والذي أسلم على يد الصحابي العظيم “خالد بن الوليد” أثناء معركة “اليرموك” الخالدة ودخل القتال مع المسلمين ضد بني جنسه حتى استشهد آخر المعركة.
وهكذا أثر الشخصية الإيمانية وعملها في النفوس.
وصية رجل عظيم
ظل الأمير “عثمان” يعمل على تثبيت دعائم الدولة الإسلامية الوليدة في هذه البقعة الحساسة والملتهبة من العالم القديم، ويؤسس الدولة على القيم الإيمانية والأخلاقية المتينة ليضمن لها بإذن الله الاستمرار والنهوض والبقاء.
ظل هذا الرجل الصالح ناصحًا لأمته ولدينه حتى وهو على فراش موته وقد حفظ لنا التاريخ وصية الأمير “عثمان” لابنه وخليفته من بعده “أورخان الأول” وهي تعتبر دستور الدولة العثمانية التي سارت عليه أيام قوتها وأوج مجدها إذ قال له:
“يا بني، إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلًا، يا بني، أحط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على جنودك، ولا يغرنك الشيطان بجندك ومالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة، يا بني: إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء رب العالمين وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق فتحدث مرضات الله جل جلاله، يا بني، لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا، وللإسلام نموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل“.
وهكذا يتضح لنا الأسس التي وضعها الأمير “عثمان” من بعده، ومنها:
1- الإيمان العميق بالله عز وجل والعمل على اتباع أوامره وشريعته في شتى أمور الدولة.
2- مشورة العلماء وأهل الفقه والشرع في مجريات وأمور الحكم والنزول على رأي الشورى.
3- تحديد الهدف الذي قامت من أجله دولة بني عثمان وهو إعلاء كلمة الله ونشر دين الإسلام.
4- تحديد الوسيلة لتحقيق هذا الهدف وهو الجهاد في سبيل الله.
وفي سنة 726 هجرية توفي الأمير العظيم بعدما أسس دولة صغيرة مساحتها ستة عشر ألف كيلو متر مربع من الأرض، ولكنها على تقوى من الله ورضوان، وغاية جهادية جعلت هذه الدولة تتمدد في ظرف قرن واحد من الزمان لتشمل آسيا الصغرى والبلقان ومعظم أوروبا الشرقية، وتقهر الدولة البيزنطية وتفتح القسطنطينية وتعيد الخلافة الإسلامية من جديد وتنشر الإسلام في قلب أوروبا، فجزاه الله عز وجل عن الإسلام كل خير.
المصادر:
1- تاريخ الدولة العلية. محمد فريد وجدي.
2- سلاطين آل عثمان. القرماني.
3- الدولة العثمانية. جمال عبد الهادي.
4- العثمانيون في التاريخ والحضارة. محمد حرب.
5- تاريخ الدولة العثمانية. د/ علاء حسون.
6- التاريخ الإسلامي. محمود شاكر.
المصدر: “الألوكة”.