“التمييز الذي عانيت منه كان حافزاً للتفكير بتعزيز قدراتي وتقوية تعليمي؛ كي أصبح مصدر قوة للمجتمع المسلم في كمبوديا”.. بهذه الكلمات، شددت الناشطة المسلمة ماث عزيمة، رئيسة شؤون المرأة ورعاية المجتمع، في منظمة “اتحاد الشباب المسلم” (UMY) في كمبوديا، مشاعر وسلوكيات التمييز التي تتعرض لها المرأة المسلمة في الدول غير الإسلامية، ينبغي أن يمثل لها حافزاً للارتقاء تعليمياً وبناء قدراتها الخاصة التي تؤهلها للقيام بدور مجتمعي كعنصر فعال مؤثر للمجتمع المسلم بالدولة التي تعيش فيها.
جاء هذا خلال حوار أجرته “المجتمع” معها.
المحور الأول: التعريف والتجربة الشخصية
- في البداية، نود أن تقدمي نفسك لقراء “المجتمع”، من الناحية المهنية والاجتماعية والإنسانية؟
– اسمي ماث عزيمة، مسلمة كمبودية، أنا طالبة ماجستير في الأعمال المصرفية والمالية في جامعة نورتون، وأعمل متطوعة في “اتحاد الشباب المسلم”، وهي منظمة كمبودية (UMY)، كرئيسة لشؤون المرأة ورعاية المجتمع.
- كيف بدأتم بالتفكير في المشاركة الاجتماعية؟
– في الواقع، إن العيش في بلد غير مسلم ليس سهلاً؛ لأن المسلمين ليسوا سوى أقلية دينية في كمبوديا، وعندما كنت في بداية الحياة الجامعية عانيت من الكثير من التمييز من قبل غير المسلمين.
وقد بدأت في الأنشطة الاجتماعية منذ عام 2010؛ لأن التمييز الذي عانيت منه من قبل الآخرين كان حافزاً لي للبدء بالتفكير في ألا أبقى مجرد طالبة عادية، ولكن عليَّ أن أعمل على تعزيز وتقوية تعليمي وقدراتي الكامنة، وأن أصبح مصدر قوة للمجتمع المسلم في كمبوديا.
وقبل تعييني رئيسة لشؤون المرأة ورفاه المجتمع، كنت المدير الإداري والمالي في منظمة الشباب الكمبودية (UMY)، وقد قامت المنظمة بالعديد من البرامج، مثل: برنامج التوعية المجتمعية للتعليم (ECOP)، وتنفيذ ورش للعمل والتدريب، ومعسكرات للشباب، والمساعدة الإنسانية وبرامج خيرية في العديد من المحافظات في كمبوديا، كما كان لمنظمة الشباب الكمبودي دورة عالمية لدراسية القيادة لماليزيا في عام 2016 و2017م.
- على المستوى الشخصي، ما أهم أولوياتك في دورك المجتمعي؟
– أهم أولوياتي في مشاركتي الاجتماعية هي تقوية القدرات من خلال تقديم وتدريب شباب المسلمين الكمبوديين ليصبحوا موارد بشرية كامنة للمجتمع الإسلامي.
- ماذا عن التحديات التي واجهتك أثناء مشاركتك المجتمعية؟
– لا يوجد العديد من العقبات التي تحتاج إلى تحدٍّ في القيام بالعمل الاجتماعي في كمبوديا بالنسبة للمسلمين أو لغير المسلمين؛ لأن رئيس الوزراء السيد هون سن قد سمح لنا نحن (النساء المسلمات) بارتداء الحجاب وارتداء الثياب الإسلامية في أي مكان.
ولكن الذين لا يعرفون شيئاً عن الإسلام هم الذين يميزون بين المسلمين عن طريق التعبير عن مشاعرهم أو عن طريق القيام ببعض الأفعال.
- هلا سلطتم الضوء على أبرز إنجازاتكم التي تحققت؟
– إلى جانب العمل والدراسة ودوري المجتمعي في منظمة اتحاد الشباب؛ ليس لديَّ الكثير من الوقت للقيام بالعديد من الأعمال الاجتماعية الأخرى.
إذا ما كان الحديث عن الإنجاز الأبرز، فإنني أعتقد أن ما قمت به هو شيء قليل جداً لما يجب أن يفعل بالنسبة للشباب؛ لأنني لا أملك القدرة على تنفيذ خطة أو القيام بالعمل الاجتماعي وحدي حتى الآن، وأنا أعمل مع فريقي (لجان اتحاد الشباب المسلم UMY).
المحور الثاني: واقع المشاركة الاجتماعية للمرأة الكمبودية
- قبل التطرق بالحديث عن دور مسلمات كمبوديا في المجتمع، نود تسليط الضوء على واقع النساء بشكل عام في كمبوديا سواء المسلمات أو غير المسلمات فيما يتعلق بالمشاركة الاجتماعية؟
– فيما يتعلق بالمشاركة الاجتماعية للمرأة الكمبودية بشكل عام، فإن مجتمعنا مفتوح لجميع الأشخاص المهتمين بالحضور في أي برنامج.
نحن في كمبوديا من الجنسين يسمح لنا بأن نفعل كل ما نريد، الذهاب للدراسة والعمل في الخارج، وعموماً لدينا نفس الحق كما للرجال.
- ماذا عن المرأة المسلمة ودورها في المجتمع الكمبودي؟
– لا نقوم بأي دور لإجبار النساء المسلمات على المشاركة الاجتماعية، ولهن الحق في اتخاذ قرار بالمشاركة في العمل الاجتماعي.
لكن في الوقت الراهن بعض النساء الكمبوديات المسلمات يتوقفن عند الدراسة الثانوية، وهذا المستوى من التعليم لا يمكن أن يجعلهن يفهمن أهمية المشاركة الاجتماعية.
بينما على العكس، وإذا ما نظرنا إلى النساء المسلمات اللواتي حصلن على تعليم عالٍ؛ فإننا نجدهن نشيطات جداً وحريصات على الحضور في أي مشاريع اجتماعية مثل برامج الأعمال الخيرية، وبرامج التوعية، والحلقات الدراسية، والعديد من البرامج الاجتماعية الأخرى.
- هل من تحديات تواجه مسلمات كمبوديا خلال مشاركتهن في الأنشطة المجتمعية؟
– هناك بعض التحديات التي تواجه المرأة المسلمة وهي تمارس المشاركة الاجتماعية.
فعندما نحضر بالبرامج الاجتماعية التي تنظم من قبل غير المسلمين، نشعر بأننا أغراب عنهم من خلال نظرات عيونهم، ونحس أنهم لا يريدون التعاون أو العمل معنا، وهذا فقط من قبل الذين لا يعرفون المسلمين أو يفهمونهم، حيث يعتقدون أننا مزعجون جداً بسبب تغطيتنا لأجسامنا.
ولكن بالنسبة لأولئك الذين يعرفون الإسلام جيداً فإنهم لا يمارسون هذا التمييز مع المسلمين.
وبشكل عام، نحن في كمبوديا لا نواجه تحديات كثيرة أثناء المشاركة الاجتماعية أو العمل لأننا أيضاً كمبوديون من هذا الشعب الكمبودي، وحيث يسمح لنا رئيس وزرائنا بممارسة التزامات المسلمين أينما كنا.
- ماذا عن نجاحات المرأة المسلمة في المجتمع الكمبودي؟
– بالنسبة لي، فإن نجاحات النساء المسلمات في كمبوديا تتمثل في قدرتهن على تعليم أنفسهن وتحصيل المعارف العامة والقيام ببعض الأدوار المجتمعية، وهذا بجانب تحصيل المعرفة الإسلامية، هذا إذا نظرنا لمجتمع كثير من المسلمين بنين وبنات يتوقفن عن مراحل دراسية قبل التعليم الجامعي، كما أن التعليم وحده لا يكفي للمرأة المسلمة، ولكنها تمارس أيضاً عملها الخاص لدعم الحياة الأسرية؛ حيث إن لها نفس الحق مثل الرجال.
ولكننا لا ننسى أبداً دورنا كنساء مسلمات، كما يجب على النساء اللواتي يحضرن أعمالاً اجتماعية أن يشاركن الرجال من أجل تنمية مجتمعنا المسلم، إن المجتمع الإسلامي في كل بلد يحتاج إلى موارد بشرية لتطوير مجتمعنا ليس في كمبوديا فحسب.
المحور الثالث: التوصيات المستقبلية
- ما أهم توصياتكم المستقبلية لتحقيق أداء أفضل للمرأة المسلمة في دورها المجتمعي؟
– توصياتي للمرأة المسلمة والمؤسسات في كمبوديا وحول العالم أن نبذل قصارى جهدنا في الدراسة قدر الإمكان، وأن نتحلى بالقدرة والشجاعة على التعبير عن أفكارنا الإيجابية للمجتمع حولنا، وألا نتردد في حضور أي أنشطة اجتماعية ونشارك في المشروعات التي تطور المجتمع الذي نحيا فيه، وأحذر المرأة من القناعة والاكتفاء بالبقاء في منزلها للقيام بالأعمال المنزلية.