تظهر مشكلة سياسية جديدة مع كل بطولة كأس عالم أو أولمبياد دولي، تتراوح مظاهرها بين المقاطعة والانسحاب والتصعيد ..الخ، وخلال ثلاثة أشهر ستنطلق بطولة كأس العالم لكرة القدم في روسيا، وهناك عدة دول معرضة للانسحاب لأسباب سياسية.
ولا يخفى على أحد أن الانسحاب سيتضررمنه المنتخب المنسحب بتنفيذ عقوبات عليهمن الفيفا، حتى لو كانت الفيفا في الجيب.
ولعل أبرز الانسحابات المتوقعة، والتي ظهرت على السطح مؤخرا؛ انسحاب المنتخب الإنجليزي، إثر أزمة اغتيال العميل المزدوج الجاسوس الروسي لصالح بريطانيا سيرجي سكريبال وابنته، والتي أعلنت فيه رئيسة الوزراء البريطانية بالأمس الانسحاب من البطولة.
وخروجا من العقوبات الرياضية، وعدم ادخال السياسة في الرياضة، أعلنت تيريزا ماي أنه لن تكون هناك مشاركة لوزراء أو أفراد من العائلة الملكية في حضور مباريات كأس العالم لكرة القدم هذا الصيف في روسيا، إضافة الى المقاطعة الاعلامية والاقتصادية للبطولة.
وانسحب الأمر على بعض الدول الأوربية تضامناً معها، لحين الوصول الى تسويات بين البلدين.
وحتى أمريكا التي لم تصل للنهائيات هددت بالمقاطعة تضامناً مع بريطانيا، ولو وصلت لهذه النهائيات، لهددت بالانسحاب لاتهامات تدخل الروس في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لصالح ترامب، وتشارك في المباريات.
والأمر الذي يطرح نفسه؛ أما آن الأوان لمنتخبات الدول العربية والإسلامية أن تتخذ قرارا بالانسحاب من نهائيات موسكو، بسبب التدخل الروسي الصلف في الشام، والإبادة شبه اليومية للشعب السوري بالطائرات والصواريخ!
ستكون إجابة الجميع: هل انسحابناسيوقف القتل الروسي المبرمج للأبرياء منالأطفال والنساء في الشام؟!
الإجابة منطقية، ولكن.. كيف يمكن أن نساهم في نصرة شعوبنا المضطهدة إذا كانت هذه الإجابة؟
برأيي أن الانسحاب هو أسلوب تقليدي لتبيان أي اعتراض، وها هي بريطانيا كان انسحابها من البطولة شكلياً، ومنع الحضور الرسمي لها فقط، اما الجماهير فستحضر، وعلى روسيا ان تتحمل عاقبة ذلك في شقاوة الجمهور البريطاني.
وقد تكون نتائجه سلبية إذا كان الطرف المنسحب صغيرا أو ضعيفا، أو اتفق عليه الآخرون، كما هو حال دولنا العربية والإسلامية، ولكن التصعيد الإعلامي، وإيجاد حلفاء سياسيين كبار وإعلاميين قد يسببان ضغطا أفضل، كما حصل مع بريطانيا.
عندما نشرت أفلاما وصورا مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في بعض دول أوربا والأمريكتين، تم مواجهة ذلك بالمزيد من الإعلام عن الإسلام في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الشوارع، حتى دخل في الإسلام الآلاف، وأسلم منتج الفيلم.
وبالإمكان أن يضع اللاعبون فنايل تحتية عليها صور تستنكر القتل الروسي لأطفال سوريا، ورفعها بعد تحقيق هدف، أو بدون أي مناسبة، أمام كاميرات التلفزيون والصحافة العالمية.
وبالإمكان وضع طاولات خارج الملاعب لتوزيع البروشورات والصور والإحصائيات. وبالإمكان أشياء أخرى، فأين المبادر؟!
لتبدأ جميع الدول العربية والإسلامية – كما فعلت بريطانيا – بالاعلان عن مقاطعة حضور شيوخ وأمراء وسلاطين ووزراء ومسؤولين رياضيين لمباريات كأس العالم في موسكو، (مو يروحون خش ودس) ومقاطعة الرعاية الاعلامية والاقتصادية، وهذا اقل القليل.
قد لا تستطيع الدول الصغيرة أو الضعيفة مواجهة الدول الكبرى، ولكنها تستطيع أن تنشر فكرتها بالشكل الأفضل والأمثل. المهم هو التحرك.