فقد الشاب الفلسطيني فادي أبو صلاح (29عامًا)، ساقيْه، في غارة “إسرائيلية” خلال الحرب الأولى على غزة عام 2008، لكنه لم يفقد الأمل في العودة فيما تبقى من جسده لقريته “سَلَمَة” قضاء مدينة يافا.
ومن أجل ذلك، يحرص أبو صلاح على المشاركة برفقة أسرته، في “مخيم العودة”، المقام شرقي بلدة خزاعة جنوبي قطاع غزة، بالقرب من السياج الحدودي مع الاحتلال.
ومنذ انطلاق فعاليات “مسيرة العودة”، يوم الجمعة الماضية، يصطحب “فادي” زوجته (آمنة أبو صلاح) وأطفاله الخمسة، الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنة و8 سنوات، قاطعاً مسافة 5 كيلومترات، حيث يسكن في بلدة عَبَسان الكبيرة المجاورة.
ويمتلك فادي دراجة نارية مزودة بإطارين مطاطيين، تتناسب مع حالته الصحية، ومقعدين آخريْن في الخلف لاصطحاب أطفاله وزوجته، فيما يضع كرسياً مُتحركاً يستخدمه بعد نزوله من الدراجة.
ويجلب أبو صلاح، معه الطعام، ويجلس أمام إحدى الخيام لساعات، يُشعل النار ويطهو الطعام ويعد الشاي، وفي بعض الأحيان يتجول في المخيم عبر دراجته.
وفقد أبو صلاح ساقيه بالكامل، (من أعلى الفخذين)، في قصفٍ “إسرائيلي”، خلال الحرب على غزة، بين عامي 2008-2009، جراء غارة استهدفت محيط منزله.
ويقول لمراسل “الأناضول”: وجودنا هنا اليوم، يأتي للتأكيد على حقنا في العودة، وإن هذا الحق مشروع لنا، وسنواصل الضغط حتى يتحقق، ولن ننساه ولا حتى أرضنا.
ويضيف: لن نتخلى عن أرضنا ولا عن حق العودة، ووجودي هنا اليوم رغم أنني معاق حركيًا، لهو تأكيد من كل فلسطيني، أنه ما ضاع حق ورائه مُطالِب.
وتشارك فادي الحديث زوجته آمنة (29عامًا)، التي تقول: أشارك أنا وزوجي وأطفالي يوميًا في مخيم العودة، لنقول للعالم أجمع: إننا أصحاب الحق في هذه الأرض، وهي ملكٌ لنا وليس لغيرنا، لن تُثنينا أي اعتداءات “إسرائيلية” في مواصلة المطالبة حق العودة.
وتضيف: وجودنا هنا بحد ذاته يكيد ويستفز عدونا، لأن الكل هنا يحمل هم الوطن، ولن يتخلى عنه، وتوحدوا تحت العلم الوطني الفلسطيني
وتابعت: أنا هنا يوميًا ويرافقني زوجي وأطفالي، منذ الصباح كل يوم، وأحيانًا نأتي عصرًا، ونمكث ساعات، نعيش أجواء الماضي، ونشاهد ونشارك بالعديد من الفعاليات الشعبية والتراثية التي تُقام هنا.
وبدأت مسيرات العودة، صباح الجمعة الماضي، حيث تجمهر عشرات الآلاف من الفلسطينيين، في عدة مواقع قرب السياج الفاصل بين القطاع و”إسرائيل”، للمطالبة بالعودة لأراضيهم التي تم تهجيرهم منها عام 1948.
وقمع الجيش “الإسرائيلي” هذه الفعاليات السلمية بقسوة ما أسفر عن استشهاد 18 فلسطينياً، وإصابة المئات.
وأعادت هذه المسيرات الأنظار مجدداً إلى مصطلح “حق العودة” الفلسطيني، الذي ظهر عقب “النكبة” التي حلت بالفلسطينيين عام 1948، بعد أن أسفرت سلسلة مذابح ارتكبها العصابات الصهيونية بحق عشرات القرى والمدن الفلسطينية إلى نزوح نحو 800 ألف فلسطيني.
ومنذ ذلك الوقت، يطالب اللاجئون الفلسطينيون، البالغ عددهم حاليا نحو 5.9 مليون شخص، بالعودة لأراضيهم، رغم مرور 70 عاماً على الحدث.
وتنص قرارات دولية، أصدرتها الأمم المتحدة على حق اللاجئين في العودة لأراضيهم، وهو الأمر الذي لم ينفذ حتى الآن.
ويقول الفلسطينيون إن “عصابات صهيونية” هاجمت المدن والقرى الفلسطينية عام 1948، وأوقعت آلاف القتلى والإصابات، ودمرت قرى ومدنًا بشكل كامل، ما أدى إلى تشريد الفلسطينيين، وإعلان قيام دولة الاحتلال في 15 مايو.
وأقام الفلسطينيون اللاجئون، في مخيمات، في عدة أماكن حول العالم، أنشأتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، التابعة لهيئة الأمم المتحدة.
وتعترف الأمم المتحدة، بوجوب عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم، حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر عام 1948، قرار رقم (194) القاضي “بوجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم”، وفق البند 11 من القرار.
ووفقًا للبند ذاته أوجب القرار “دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم، وعن كل مفقود أو مصابر بضرر”.
وفي البند 12 من القرار ذاته، طالبت الجمعية “بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع تعويضات لهم”.
وفي عام 1974، أكدت الجمعية العامة، ضمن قراراها (3236)، على “حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف، في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شُردوا منها واقتلعوا منها وتطالب بإعادتهم”.
وشدد القرار على “الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل، وفقًا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه”.
ويشكل اللاجئون الفلسطينيون 70% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة.