كلمة عابرة قالها معالي النائب الأول أثناء زيارته لمسجد الصادق في ذكرى العمل الإرهابي بتفجيره «لا مكان للظلاميين في التخفي بيننا»، هذه الكلمة استغلها البعض، ليفسّروا المقصد الذي كان يرمي إليه النائب الأول، وفقاً لهواهم وليس وفقاً لما أراده قائلها! وجاء أحد هؤلاء ليمارس هوايته في الطعن في المتدينين والثوابت الشرعية تفسيراً لهذه الكلمة!
الظلاميون هم من يريدون إلغاء الآخر من الوجود! هم من يحرضون الحكومة في كتاباتهم على فئة من فئات المجتمع ويطالبونها بممارسة القمع معهم والتنكيل بهم، ويصفونهم يومياً بأنهم إرهابيون، وهم يعلمون جيداً أنهم أبعد الناس عنه! الظلامي هو من يحمّل فئة مسالمة كل مشكلات المجتمع وتخلفه، وهو يعلم الأسباب الحقيقية لهذا التخلّف! الظلامي هو من يسعى إلى هدم دين الدولة وتشويه تاريخ المسلمين، ويسخر من إنجازاتهم، ويريد إلغاء تدريس المواد الدينية، ويعتبرها سبب التخلّف، وينتقد كل قرار فيه محافظة على أخلاق الجيل، أو فيه احترام للموروث الديني!
الظلامي من تنخر الطائفية في عروقه، وهو يدّعي الليبرالية والعلمانية، ويسفّه علماء أهل السُّنة والجماعة، لكنه يتجنّب الحديث وانتقاد أفكاره وعلمانيته!
الظلامي هو من يعتقد أن إلغاء ندوة لشخص ملحد، تميز بمحاضراته التي تجرح مشاعر المسلمين، أنها نهاية العالم، وشكل من أشكال الإرهاب «الداعشي»!
الظلامي هو من يمسك بحادثة شاذة لوافد سرق من اللجان الخيرية، ليأتي ويعمم هذه الظاهرة، ويطالب بإلغاء العمل الخيري، وتناسى أن أكبرها وأسمنها سرقوا من أموال الدولة والأجيال القادمة، ولم يعمّم من ذلك بشيء!
الظلامي هو من لا يهدأ له بال إلا بعد أن يشاهد الكويت وقد امتلأت بالنوادي الليلية، التي تسكب فيها الخمور، وتمارس فيها جميع أنواع الرذائل، الظلامي هو من لا يرى من الحضارة إلا جسد المرأة، ويعتبر جميع أنواع الحشمة وأشكال العفّة من التخلّف وبقايا الإرهاب التي تجب محاربتها!
الظلاميون هم من يرون أن التطور الاقتصادي والطفرة المالية لن تتحقّق إلا بوجود تحرر من بعض الممنوعات الشرعية والضوابط الأخلاقية، وتناسينا أن بعض الدول الشقيقة سبقتنا في ذلك، وانتشرت فيها الممارسات التي يسعى الظلاميون لها، لكن ماذا كانت النتيجة؟! ها هي تعيش منذ سنوات أزمة مالية خانقة لم تسعفها إلا شقيقة أخرى!
تعرفون وين المشكلة؟ المشكلة أن هناك من يسعى إلى بناء جيبه ورصيده، ولو على حساب تربية النفس وتهذيبها وتحويلها من نفس جشعة إلى نفس طامحة وبناءة!
الجيل الذي سبقنا ألغى كلمة التعليم من اسم وزارة التربية والتعليم، لكي يركّز على الدور التربوي لها، وتخرجت أجيال ساهمت في بناء البلد، واليوم يسعى الظلاميون إلى إضعاف الوازع الديني في النفوس، ويتخرّج جيل لا يعرف إلا كيف يجلب الدولار للداخل، بغض النظر عن كيفية التصرف فيه!
«وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ» (النحل: 112).
(*) ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.