قالت صحيفة “هآرتس” العبرية، إن المقترح الأميركي الذي عرض على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤخرًا، بإقامة كونفدراليّة بين الضفّة الغربية والأردن، هو مقترح “إسرائيلي”.
وذكرت الصحيفة العبرية اليوم الإثنين، أنه تم مؤخرًا اقتراح الخطة على الملك الأردني “الذي يبدو أنه لا يستعجل العودة إلى مستنقع الأراضي التي خرج منها بلده”.
وأوضحت أن المقترح ينص على أن تكون الضفة الغربية المحتلة (بدون القدس) تحت الرعاية الأمنية الأردنيّة، التي ستحمي حدود الكونفدرالية الأردنيّة-الفلسطينية مع “إسرائيلط دون أن يتم تحديدها كدولة.
وأضافت أن ذلك يتضمن إعلان “إسرائيل” ضمّ القدس المحتلة والمستوطنات إليها، دون معرفة مصير غور الأردن، إن كان سيبقى تحت الاحتلال أم سيكون خاضعًا للكونفدراليّة المقترحة.
ونوهت إلى أن قطاع غزة “لن يكون جزءًا من الكونفدراليّة”، إنما سيتم إخضاعه لرعاية أمنيّة مصريّة، رغم أن كافة الاتفاقيّات الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، تعتبر غزة والضفة “وحدة واحدة”.
وأشارت “هآرتس” إلى أنه من غير الواضح إن كانت الضفة الغربية ستحصل على اعتراف “إسرائيلي” أولًا، ومن ثم سيُعلن عن قيام كونفدراليّة، كشأن أردني- فلسطيني، أم أنه سيتم التوقيع على الاتفاق الكونفدراليّ بين القيادة الفلسطينية في الضفة والحكومة الأردنيّة، دون الاعتراف بدولة فلسطين.
وبيّنت الصحيفة العبرية أن المقترح “الإسرائيلي” الذي روّج له مبعوث الإدارة الأمريكية، لا يوضح إن كان ستتم إقامة برلمان وإقرار دستور مشتركين.
ولفتت النظر إلى أن الأردن رفض المقترح “خشية من أن يكون ذلك هو الوطن البديل على أرضه، وخوفًا أن يشكّل الفلسطينيّون أغلبيّة السكان بين حدود الرابع من يونيو1967 والحدود الأردنيّة- العراقيّة”.
وزعمت الصحيفة أن الأردن رفض الكونفدرالية حتى لا يتحول بهذا الاتفاق، إلى “حارس حدود لإسرائيل” وظيفته منع “العمليّات الإرهابيّة” (المقاومة)، انطلاقًا من الضفة الغربية ضد الاحتلال.
وذكرت أن الرئيس الفلسطيني يرى في الكونفدراليّة “قناةً للاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذ إنه يعتقد أنه لا يمكن أن تقوم كونفدراليّة بين كيانين ليسا دولًا، لذلك فإنه يصرّ على أن تكون إسرائيل شريكة ليس للإقرار بفلسطين كدولة من ناحية الفكرة، إنما بحدودها ومكانتها أيضًا”.
وتابعت: “الكونفدراليّة، التي يتصوّرها عباس ستلزم إسرائيل بإبرام اتفاقيّات اقتصاديّة جديدة، وتنسيق السياسات الخارجية مع الأردن والدولة الفلسطينيّة، وأن ترى فيهما شريكتين متساويتي القدر والمكانة”.
وأوضحت “هآرتس” أن التصور “الإسرائيلي” يرى الكونفدراليّة كاتفاق بين الضفة الغربيّة كـ “كانتون” (منطقة حكم ذاتي) معظم علاقاته مع الأردن اقتصاديّة، في حين يحدّد الملك الأردني السياسات الخارجيّة والأمنية للكونفدراليّة.
وادعت أنه في أوائل الثمانينيات، كان لدى الملك حسين “ملك الأردن” وياسر عرفات خطة لإنشاء كونفدرالية بين الأردن والضفة الغربية، بعد أن تنسحب “إسرائيل” إلى خطوط 1967 وبدون أي من أعضاء الكونفدرالية الذين يعترفون بدولة “إسرائيل.”
وأردفت: “كانت الخطة مقبولة إلى حد كبير ولكن تم التخلي عنها، ويرجع ذلك أساسًا إلى الخلافات حول تقسيم السلطات ووضع كل من الكيانات التي كان من المفترض أن تقوم بتجميعها”.
وأفادت بأنه في عام 1988، أوقفت الخطة أخيرًا عندما قرر الملك حسين قطع العلاقات السياسية بين الأردن والضفة الغربية، ومنذ ذلك الحين أثير من حين لآخر، بشكل رئيسي، من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ لكن تمت مقابلته بالرفض مرارًا.
أمّا فكرة الحكم الذاتي في الضفة الغربيّة، فهي فكرة تم طرحها “إسرائيليًا” أكثر من مرّة، وتقوم على أساس وجود حكم ذاتي يدير الحياة البلديّة، دون أي تمثيل في المجتمع الدولي، واقتصاد يعتمد أساسًا على الاقتصاد الأردنيّ والمضايقات “الإسرائيليّة”.
مرد الكونفدرالية
ووحدة الكونفدراليّة، مردُّها إلى العام 1949 حين تم عقد مؤتمر أريحا، بين زعامات فلسطينيّة طالبت بوحدة الضفة الغربية مع المملكة الأردنية الهاشمية، وتمّت الوحدة فعلًا عام 1950 وأجريت انتخابات مناصفة بين ضفّتي نهر الأردن الغربية والشرقية.
وأصبح، بموجب الاتفاق، مواطنو الضفة الغربية مواطنين أردنيين واندمجوا في مؤسسات الدولة، دون أي اعتراف عربيّ ودولي، إلى أن احتل الكيان الصهيوني الضفة الغربية عام 1967، قبل أن يعلن الأردن فكّ الارتباط، في أعقاب إعلان رئيس منظمة التحرير، حينها، ياسر عرفات من الجزائر قيام دولة فلسطين.
وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قد كشف أمس الأحد؛ خلال لقاء مع أعضاء كنيست ونشطاء من اليسار الصهيوني أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اقترح عليه إنشاء دولة كونفدرالية مع الأردن.
ووفق صحيفة هآرتس، فإن “عباس أكد لترمب أنه سيوافق على ذلك في حالة واحدة فقط وهي إذا قبلت إسرائيل بأن تكون جزءًا من الكونفدرالية”.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن فكرة الكونفدرالية موجودة على جدول أعمال القيادة الفلسطينية منذ العام 1984، وإن موقف القيادة منذ ذلك الحين وإلى الآن يؤكد أن حل الدولتين هو المدخل للعلاقة الخاصة مع الأردن.
وأضاف أبو ردينة أن قرار الكونفدرالية يقرره الشعبان الفلسطيني والأردني.
غير قابل للنقاش
من جهتها، صرّحت جمانة غنيمات -وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، والناطقة باسم الحكومة الأردنية- بأن “فكرة الكونفدرالية بين الأردن وفلسطين غير قابلة للبحث والنقاش”.
وقالت في تصريح لموقع “عمون” الأردني إن “الموقف الأردني ثابت وواضح تجاه القضية الفلسطينية، ويقوم على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها “القدس الشرقية”.
وأضافت أن “جلالة الملك طالما أكد على أنه لا بديل عن حل الدولتين، وَقّاد الجهود الدبلوماسية لتكريس الموقف الأردني”، مؤكدة أن “مقترح الكونفدرالية ليس مطروحًا للحديث والنقاش”.
ومصطلح “الكونفدرالية” يعبر عن إطار سياسي ومؤسّساتي تندمج فيه عدة دول مدفوعة برغبة في تسيير مشترك لبعض المصالح دون أن تتخلّى أي منها عن أي جزء من سيادتها الوطنية، وإنما يقتصر الأمر على تفويض بعض الصلاحيات ومجالات التسيير للإطار الكونفدرالي؛ مثل الاقتصاد والمالية والجمارك.
ويتميز النظام الكونفدرالي باقتصاره على الإطار المؤسّسي دون ملامسته لتشعّبات الواقع الاجتماعي والسياسي، الذي يبقى تسييره من صلاحيات الحكومات الأعضاء.
وظهرت الكونفدرالية صيغة للنظام السياسي أول مرة سنة 1228 ميلادية، مع قيام كونفدرالية ليفونيا التي جمعت 5 وحدات سياسية صغيرة في منطقة البلطيق، وقامت على أراضٍ واسعة منها ليتوانيا وإستونيا