رغم اعتزاله الساحرة المستديرة في نوفمبر 2013م، فإن محمد أبو تريكة، لاعب المنتخب المصري والنادي الأهلي السابق، يظل أسطورة الكرة المصرية والعربية، ومسيطراً على قلوب المصريين والعرب، ولا يرى جمهور كرة القدم خليفة لـ«الماجيكو» –كما يطلقون عليه- في الملاعب حتى الآن، ويتم تكريمه في جميع المحافل الــــدوليـة والأفريقية والعربية، ودعوته إلى الكثير من المناسبات.
ولا شك أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تنصيب أبو تريكة «أسطورة على الكرة المصرية والعربية».
أخلاق أبو تريكة وتدينه داخل الملعب وخارجه ساهما في هذا الأمر، بالإضافة إلى وجهه البشوش، والابتسامة التي لا تفارقه في أي مباراة؛ حيث لم يحصل على بطاقة حمراء طوال تاريخه في كرة القدم، فهو متواضع ولا يتحدث كثيراً عن إنجازاته، بل يُرجع الإنجازات إلى جميع اللاعبين، ويتميز بأنه قليل الكلام، ويتسم بالخجل، وصاحب مواقف إيجابية.
تتعدد المواقف الإنسانية والدينية والقومية في حياة أبو تريكة التي جعلته ينال هذه المنزلة في قلوب متابعيه في أنحاء العالم.
يأتي على رأسها موقفه من المجزرة البشعة التي راح ضحيتها 72 من مشجعي النادي الأهلي في مباراة أمام النادي المصري بإستاد بورسعيد؛ حيث حرص أبو تريكة بعد الحادثة على زيارة أهالي شهداء المذبحة ومساعدتهم معنوياً ومادياً، وقرر عدم اللعب في أي بطولة مصرية محلية لحين استكمال محاكمة المتهمين والقصاص الكامل، وكذلك عدم المشاركة في كأس السوبر المصري آنذاك، وهاجمه الإعلام حينها، وطالب بتوقيع أقصى عقوبة على اللاعب بسبب قراره بعدم اللعب، لكن النادي الأهلي اكتفى بتوقيع عقوبة مالية عليه وحرمانه من «شارة القائد»، واتصل أبو تريكة بزملائه واعتذر لهم عما سببه لهم من ضغوط، لكنه لم يبدِ ندماً على قراره.
ومن المواقف التي تدل على ارتباط أبو تريكة بهويته الإسلامية تفاعله مع قضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى الصحف الدنماركية؛ حيث ارتدى قميص «فداك يا رسول الله».
بالإضافة لما سبق، حرص أبو تريكة على أن يرتبط بقضايا أمته ودينه حتى لو كان في ذلك مخاطرة على حياته الرياضية، فمن أكثر الصور انتشاراً له على صفحات الإنترنت صورته وهو يرتدي قميصاً طبع عليه شعار «تعاطفاً مع غزة»، الذي ارتداه تضامناً مع قطاع غزة ضد الحصار عام 2008م، وحصل على بطاقة صفراء من الحكم، وكان معرضاً للإيقاف بسبب لوائح «الاتحاد الدولي لكرة القدم» التي تدين استغلال المباريات لأحداث سياسية أو عنصرية.
أما مواقفه القومية، فهي عديدة ومتنوعة، منها أنه رفض تقاضي 50 ألف يورو نظير مشاركته في مباراة نجوم العالم ومنتخب الكويت الودية في افتتاح ملعب جابر الأحمد الدولي بالكويت، وأصر على أن يشارك في المباراة دون تقاضي أي مقابل، قائلاً: «شرف لي المشاركة في يوم عظيم وحدث كبير في بلد شقيق، وتقديراً للكويت، ولسمو الأمير، ومواقفه العظيمة»، وقد طلب سمو الأمير مصافحة أبو تريكة بين الشوطين؛ تقديراً لتاريخه، وأخلاقه، وموقفه الجميل، كما نقل المعلق الرياضي المصري أحمد الطيب الذي كان شاهداً على هذا الموقف.
ومن مواقفه القومية العظيمة أيضاً، أنه حينما احتدم الخلاف بين الشعبين المصري والجزائري عقب أحداث مباراة «أم درمان» الشهيرة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم عام 2010م، أعلن أبو تريكة عن دعمه وتشجيعه لمنتخب الجزائر في بطولة كأس العالم بجنوب أفريقيا.
قالوا عنه
فيما أكد عدد من نجوم كرة القدم مكانة «الماجيكو» في قلوب المصريين والعرب، فقد قال لاعب منتخب مصر والأهلي السابق محمد بركات: أبو تريكة من أفضل الشخصيات التي من الممكن أن تتعامل معها في حياتك، يساعد المحتاج، ويقف بجوار الضعيف.
فيما قال عنه مدرب النادي الأهلي السابق البرتغالي «مانويل جوزيه»: رجل يفكر في كل الناس طول الوقت، ويفكر في الفقراء، وحينما تحتاج أبو تريكة تجده.
صلاح.. سفير الإسلام بأوروبا
ومن أبو تريكة إلى لاعب المنتخب المصري ونادي ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، حيث أصبح في فترة وجيزة جداً ظاهرة كروية، ونجماً يُقارع الكبار على صعيد اللعبة؛ من أمثال «كريستيانو رونالدو»، و«ليونيل ميسي»، حتى إن البعض يراه خليفة لهذين النجمين، وبات محبوب الكبار والصغار في العالم وبطلاً قومياً في بلاده.
وساهمت العروض الكروية المذهلة للنجم المصري بقيام جماهير نادي ليفربول بالهتاف باسمه وتنظيم أغانٍ له.
وفي مقالة لحاتم قدوس في صحيفة «لوموند» الفرنسية، نقلاً عن أحد المصريين المقيمين في إنجلترا، قال: إن جماهير «الريدز» (نادي ليفربول) أصبحت أكثر تسامحاً عند رؤيتها لملتحٍ مسلم في الملعب، فهي أصبحت ترى بأن كل الملتحين طيبون مثل محمد صلاح! مضيفاً: حتى إن عدد الجماهير العربية الحاضرة في الملعب زاد بسبب صلاح!
جاءت هذه التصريحات عقب ظهور أغنية من جماهير نادي ليفربول رددوا خلالها: «إذا كان جيداً لك فهو جيد لي أيضاً، وإذا سجل هدفين آخرين سأصبح مسلماً، وإذا جلس صلاح في المسجد فالمسجد سيكون مجلسي أيضاً»، وحتى الأطفال الإنجليز أصبحوا يسجدون بعد تسجيلهم أهدافاً تقليداً لسجود صلاح بعد كل هدف.
ومن جانبه، أشاد موقع «ليفربول إيكو» بأخلاق وسلوكيات النجم المصري محمد صلاح المحترف في صفوف فريق ليفربول الإنجليزي، بجانب موهبته الفنية الكبيرة التي ظهرت بمجرد انضمامه لـ«الريدز».
وقد أجرت صحيفة «ديلي ميرور» البريطانية حواراً مع مؤمن خان، الرئيس التنفيذي لمسجد «عبدالله كويليام سوسيتي» في مدينة ليفربول، أكد فيه أن النجم محمد صلاح غيّر أفكار الجماهير الإنجليزية السلبية عن المسلمين، ويعتبر خير سفير للإسلام في إنجلترا.
وقال مؤمن خان: محمد صلاح جعل الجماهير الإنجليزية تحب الإسلام، بفضل أخلاقه الكريمة، فضلاً عن تسجيله للعديد من الأهداف الحاسمة التي جعلته معشوق الجماهير الأول، سواء في الدوري المحلي أم دوري الأبطال.
وأضاف خان: صلاح غيّر أفكار الجميع هنا عن الإسلام، الجميع كانوا يخافون من المسلمين، ويعتقدون أنهم إرهابيون، ويفجرون المباني والكنائس، لكن «مو» غيّر كل هذه الأفكار السلبية، وجعلهم يفكرون في الإسلام بشكل أفضل، فهو خير سفير للدين في إنجلترا.
أعماله الخيرية
لفت النجم المصري محمد صلاح الأنظار بالأعمال الخيرية التي يقوم بها، وكشف عدد من المواقع الإخبارية المصرية عن تبرع صلاح بمبلغ 12 مليون جنيه مصري (680 ألف دولار أمريكي)، وذلك للمساهمة في شراء جهاز لزراعة النخاع الشوكي لمستشفى السرطان (57357) في العاصمة المصرية القاهرة.
ومنذ انتقال صلاح إلى فريق ليفربول، ساعد كثيراً من سكان المنطقة التي كان يعيش فيها بمصر، فبدأ بإنشاء جمعية خيرية لرعاية الأيتام ومساعدة الأسر الفقيرة في مسقط رأسه.
وتبرع صلاح لجمعية اللاعبين القدامى وساعدها لكي تبقى على أقدامها في خطوة رائعة وفاء لكل رموز كرة القدم المصرية.
كما تبرع أيضاً بمبلغ قدره 8 ملايين جنيه من أجل إنشاء معهد ديني.
وتبرع صلاح من أجل إنشاء قسم حضانة خاص في أحد المستشفيات بقريته، وذلك إثر وفاة كثير من الأطفال بسبب قلة الاهتمام والرعاية، وتبرع هداف فريق ليفربول لإنشاء وحدة خاصة لغسيل الكلى بقريته، بغية تسهيل التكاليف على سكان بلدته.
وكشف ماهر أنور أشتيه، عمدة قرية نجريج بمركز بسيون محافظة الغربية مسقط رأس صلاح، أنه يتبرع برواتب شهرية لـ450 أسرة من أبناء قريته.
وقـــال أشتــيه: إن اللاعب أسس جمعيــة خيريــــــة أطلق عليها اسم جمعية «محمد صلاح الخيرية»، يديرها صلاح البهنسي، أحد أبناء القرية، وتتولى تقديم أعمال خيرية يقوم بها اللاعب لأبناء القرية، ومنها توزيع رواتب شهرية لـ450 أسرة.
وأضاف أن هذه الأسر تضم أرامل ومطلقات وأيتاماً، مشيراً إلى أن اللاعب تبرع من قبل لإنشاء معهد ابتدائي وإعدادي للقرية، بالإضافة لوحدة إسعاف وجهاز تنفس صناعي.