أكد د. محمد الشرهان، رئيس جمعية صندوق إعانة المرضى، أن الصندوق يقوم بدور كبير في رعاية المرضى والحفاظ على صحتهم وحياتهم، مشيراً إلى أنه لولا أن الله سخر الصندوق والقائمين عليه لمساعدة غير القادرين على تحمل نفقات العلاج من المرضى؛ لكانت هناك مشكلة في الكويت.
وأضاف الشرهان، في حواره مع “المجتمع”، أن كل الدول الإسلامية -باستثناء دول الخليج- بحاجة إلى دعم ومساندة، فعندما تقوم بالتجوال في هذه الدول، وتزور المراكز الصحية والمستشفيات؛ تلاحظ الحاجة الماسة إلى الدعم والمساعدة.
أنتم وجه الكويت الخيري الصحي وإغاثة المرضى المحتاجين، حبذا لو تعطينا فكرة عن تاريخ الصندوق.
– نشأت فكرة الصندوق في ذهن مجموعة من الأطباء الكويتيين، من الخريجين الجدد، الذين عملوا في وزارة الصحة عام 1979م، حيث عايشوا حاجة المرضى في المستشفيات، خاصة الفقراء منهم، لذا عملوا على إنشاء مؤسسة صغيرة يكون الهدف من إنشائها تقديم المساعدة للمرضى المحتاجين، وكانت البداية الإنفاق من أموالهم الخاصة؛ بحيث كان يخصص كل طبيب مبلغاً شهرياً لدعم هذه المؤسسة حديثة العهد في ذاك الوقت، ثم بعد ذلك بدأ التفكير بطريقة مؤسسية، حتى ترى مؤسستهم الصغيرة النور بطريقة رسمية وترخيص من الدولة، ليتسنى من خلالها توفير الرعاية الطبية للمرضى المحتاجين، وقد أطلقوا على هذه المؤسسة اسم “صندوق رعاية المرضى”.
في ذاك الوقت، أوقفت الكويت إصدار تصاريح أو تراخيص جديدة للجمعيات والمؤسسات الخيرية؛ لذا تواصلنا مع القائمين على جمعية النجاة الخيرية التي تم تأسيسها حديثاً في ذاك الوقت -وبالتحديد عام 1978م، أي قبل ترخيص صندوق رعاية المرضى بعام واحد- ومن ثمّ وافق القائمون على الجمعية أن نكون إحدى اللجان التابعة لهم، ومن هذا المنطلق مارس الأطباء المؤسسون لصندوق رعاية المرضى أعمالهم، في تقديم الرعاية الطبية للمرضى المحتاجين.
وكان القائمون على جمعية النجاة الخيرية نِعْم الحاضن للجنة صندوق رعاية المرضى، وكانوا في قمة التعاون معنا، حيث أعطونا حرية التصرف والتخطيط، والتنفيذ، لذا نشكرهم على ذلك شكراً جزيلاً.
وفي عام 2005م، تم إشهار “جمعية صندوق رعاية المرضى” رسمياً كجمعية نفع عام، وبدأنا نعمل باستقلالية عن جمعية النجاة الخيرية.
من أهدافكم رعاية المرضى ومساعدتهم، هل لديكم شروط لذلك؟
– ليس عندنا أي نوع من التمييز بين المرضى، فمساعداتنا تشمل الجميع بصرف النظر عن الجنسية أو الدين أو العرق أو الطائفة، عدد المستفيدين سنوياً نحو 10 آلاف، كلهم على قدم المساواة في الخدمة، فعملنا إنساني من الدرجة الأولى، وتلك تعليماتنا لمكاتبنا الخارجية، ألا يكون هناك تمييز إلا على الحاجة الإنسانية.
ما مصادر تمويلكم؟
– مثلنا مثل بقية الجمعيات الخيرية في الكويت؛ مصادر تمويلنا الأساسية قائمة على الزكاة والصدقات، سواء من أفراد أو شركات أو مؤسسات، وبعض المستشفيات الخاصة إن أرادوا استبدال أجهزتهم الطبية، يتبرعون لنا بالأجهزة القديمة، ونحن نقوم بصيانتها والتأكد من مدى صلاحيتها للعمل، ونرسلها إلى الدول الإسلامية المحتاجة لهذه الأجهزة، كذلك علاقتنا مع وزارة الصحة جيدة، حيث مكننا ذلك من الاستفادة من بعض أجهزتهم الطبية التي يتنازلون عنها؛ وبالتالي نقوم بصيانتها وتجهيزها، والتأكد من صلاحيتها للعمل، ومن ثم نقوم بإرسالها إلى مواطن الحاجة، وكذلك لنا علاقات جيدة مع بيت الزكاة، والأمانة العامة للأوقاف.
البقالات الصغيرة الموجودة في المستشفيات، هل عائدها يرجع إليكم؟
– نعم، وعندما بدأنا في هذه “الكانتينات”، كنا نقدم السلع الغذائية البسيطة وغير الغذائية، للمرضى والمراجعين، فطلب منا مديرو المستشفيات أن تكون الخدمة على أعلى مستوى مثل “الكافيهات” العالمية، بحيث نقوم بتغيير الديكورات، وتحسين الخدمات، وغير ذلك، فقلنا لهم: إذن الوضع حينها سوف يختلف، والسعر سيكون أغلى بعض الشيء، لذا استعنا بأحد وكلاء “الكافيهات” العالمية، وساعدنا في تطوير الخدمة، إلى أن وصلنا إلى المستوى المطلوب من التطوير وتحسين الصورة، ثم تم الاستقلال عن هذا الوكيل، وأصبحنا ندير تلك “الكافيهات” بأنفسنا.
وأظهرت المستشفيات إعجابها الشديد بذلك التطور، وهذا التغيير والتحسين في مستوى الخدمات التي نقدمها عبر تلك “الكافيهات”، وفي بعض المواقع احتفظنا فيها بالنظام القديم مع بعض التطوير الطفيف، لأن طبيعة الخدمات تختلف بين النظامين الجديد والقديم.
وعندما أثير موضوع حتمية إغلاق تلك “الكافيهات”، ووزارة المالية اقترحت عرضها في مزايدة، ذهبنا إلى الإخوة في وزارة المالية، وقلنا لهم: لا تنظروا إلى كم يدخل إلينا عبر تلك “الكافيهات”، بل انظروا أين تُنفق تلك الأموال، حيث إنها لا تدخل جيب أحد، فهذه الأموال يتم إنفاقها إما في مساعدة المرضى، أو في المرافق الصحية المختلفة.
ولولا أن الله سخرنا لمساعدة هذه الفئة من المرضى غير القادرة على تحمل نفقات العلاج، لكانت هناك مشكلة في الكويت، فهناك مرضى لا تتكفلهم الدولة، هل ندعهم يموتون؟!
لذا، فصندوق رعاية المرضى يقوم بدور كبير في رعاية المرضى والحفاظ على صحتهم وحياتهم، ولذلك ندعو الحكومة الموقرة أخذ ذلك في عين الاعتبار.
يعني من يشتري من تلك “الكانتينات” التابعة لكم يتبرع من حيث لا يدري، أليس كذلك؟
– نعم هو يستفيد الأجر والثواب، ونحن نستفيد من تلك الأموال في إنفاقها على المرضى المحتاجين، فالكل مستفيد بعون الله تعالى.
هل تقدمون المساعدة للمرضى خارج حدود الكويت؟
– معظم عملنا الأساسي يتم تقديمه للمرضى داخل دولة الكويت، لكن من يفضل العمل في القطاع الصحي خارج الكويت فعندنا إدارة المشاريع الخارجية، التي ترعى المشاريع الصحية خارج الكويت، ولدينا مكتبان في الخارج، أحدهما باليمن، والآخر بالسودان، ومكتب السودان كبير جداً ولله الحمد، حيث يدير 6 مستشفيات، و20 مستوصفاً، بالإضافة إلى البرامج الصحية الكثيرة التي يقوم بها، فيعتبر ثاني أكبر مركز خدمات بعد وزارة الصحة، ومكتب اليمن أحدث من نظيره في السودان، وهو ما زال في طور النمو.
هل يقتصر عملكم على المساعدة الطبية، أم عندم بعض المجالات التربوية والدعوية؟
– عندنا إدارة في صندوق رعاية المرضى اسمها “إدارة التوعية والإرشاد”، وظيفتها نشر الوعاظ والواعظات في مستشفيات وزارة الصحة لتوعية المرضى بالأمور الفقهية أثناء المرض، لرفع درجة إيمانهم، وزيادة توكلهم على الله تعالى، وتقبل المرض، واحتساب الأجر في ذلك، ولدينا مطويات ونشرات كثيرة تخدم هؤلاء المرضى.
كيف ترى الواقع الصحي في العالم الإسلامي؟
– هناك دول حباها الله بالرخاء والأموال والإمكانات مثل دول الخليج، ودول أخرى تعاني نقصاً شديداً في الإمكانات والأموال، وهناك دول دون الخط المعقول، وهي محتاجة إلى مساعدات إخوانهم، لسد الحاجات الصحية الموجودة عندهم.
فالواقع العام إذا قمنا باستثناء دول الخليج، سنجد أن كل الدول في حاجة إلى دعم ومساندة، وعندما تقوم بالتجوال في دول العالم العربي والإسلامي، وتزور المراكز الصحية والمستشفيات، ستلاحظ أنها في حاجة ماسة إلى الدعم والمساعدة، سواء على مستوى الأجهزة والكوادر الطبية، أو على مستوى المرضى أنفسهم، وخصوصاً الدول التي تعاني من كوارث طبيعية مثل إندونيسيا وغيرها، أو كوارث الحروب كالصومال واليمن.
هل نستطيع في العالم العربي والإسلامي أن نصل إلى مصاف الدول المتقدمة طبياً، بصرف النظر عن إمكانات كل دولة؟
– هذا الأمر يحتاج إلى وقت، لكنه ممكن، لأنك إذا سافرت إلى الدول المتقدمة ستجد الكثير من الأطباء العرب والمسلمين يعملون في أرقى وأكبر المستشفيات، وبالتالي المسلمون قادرون على مواكبة التطور والرقي، خاصة أنهم يعملون في مستشفيات تقدم خدمات عالية، ولكن المشكلة أن بعض الأنظمة لا تضع في اهتمامها الوصول إلى هذا التقدم الطبي الذي نطمح إليه، فإذا تم إصلاح النظام والاستعانة بآليات جديدة سواء في الإدارة أو التجهيزات؛ بلا شك نستطيع أن نرتقي لنصل إلى مصاف الدول المتقدمة.
فعندنا في دول الخليج، والدول الإسلامية بشكل عام، طاقات بشرية ممتازة، يُشار لهم بالبنان، وكثير منهم لهم براءات اختراع، ومنهم من ابتكر طرقاً في إجراء العمليات الجراحية تؤدي إلى نتيجة أفضل، وأطباؤنا العرب والمسلمون قادرون على النهوض والوصول إلى مصاف الدول المتقدمة طبياً، إذا توافرت لهم البيئة الحاضنة.