عقد مجمع الفقه الإسلامي بالـهند الندوة الفقهية الثامنة والعشرين في الـجامعة الإسلامية دار العلوم الـمحمدية الواقعة في قرية “میل كهیرلا” بـمدیرية “بـهرتفور” في ولاية “راجستهان”.
شارك في الندوة نحو 300 عالم ومتخصص في الشریعة ومن أصحاب الإفتاء من داخل البلاد وخارجها.
دارت المناقشات في الندوة حول أربعة مواضیع ذات أهـمية بالغة وهي:
- أثر الـجـهل (عدم المعرفة) في الأحكام الشرعية
- قضایا متعلقة بوسائل تكنولوجیا الاتصالات والمعلومات
- الاتجار باللآلي والأحجار الكریمة
- التعزیر بالمال في الشریعة الإسلامية.
وقد صدرت عدة قرارات في كل موضوع من هذه الموضوعات نت خلال بحوث تفصيلية ومناقشات مستفیضة باتفاق الآراء.
وفيما يلي أبرز هذه القرارات:
قرارت بشأن أثر الـجـهل (عدم المعرفة) في الأحكام الشرعية
یـجب علی عامة من الـمـسلمين أن یكون لديهم علم تام بالأحكام الشرعية، ولا بد للعلماء من إعلامهم بها، فمن جملة الأعذار التي تسقط لأجلها الأحكام الشرعية، أو يطرأ عليها التخفيف أو التغیّر “الـجـهل”، وله حالات آتية من ناحية أصولية:
- یعد الـجـهل عذراً في الأحكام الفرعية ببعض الشروط.
- إن التكفیر قضية حاسـمة، فلذا ینبغي أخذ الـحیطة ولزوم الـحذر في تكفیر رجل أو جـماعة.
- إن الأمور العقدية التي لا تشتهر، ولا تعرف نسبتها إلى الأحكام الإسلامية بصورة عامة، لا يكفر من يقع فيها لجهالة، وإنما تبذل الجهود حتى يطلع عليها.
- الـمراد من قطعیات الدین هي الأمور الثابتة بكتاب الله أو السنة الـمتواترة أو الإجـماع.
- تنقسم الأحكام التي تعد من قطعیات الدین إلی قسمین:
الأول: أحكام عمت وشاعت بین الـمسلمین بحیث لا یبقی رجل مسلم إلا یعلمها ویقف عليها، مثل عقيدة ختم النبوة برسول الله صلی الله عليه وسلم، فهي من ضروریات الدین، ولا یعد الـجـهل فيها عذراً، ولا عبرة فيها بأي نوع من أنواع التأویل:
وثانيهما: أحكام لـم تبلغ إلی حد الشهرة، یعد فيها جهل العامي عذراً، فهو لا يكفر إلا أنه مادام مـلحاً علی إنكاره وجحوده بعد ما تم تزويده بالـمعلومات عن الـحكم الشرعي.
- إن الـمناطق والبقاع التي لا تتوفر فيها إمكانیات وفرص للوقوف علی الأحكام الشرعية یعتبر المسلمون ثمة معذورين في عدم الاطلاع على أحكام الشرع.
- لو يتمّ “المسّ بالشهوة” بجهالة أو خطأ یـسوغ العمل بـمذهب من مذاهب الأئمة المجتهدين غير الحنفية في عدم ثبوت حرمة الـمصاهرة.
قرارات بشأن قضایا متعلقة بوسائل تكنولوجیا الاتصالات والمعلومات
- إن الـهواتف الذكية من أهمّ مـخترعات الوقت الـحاضر، تتعلق بها الـمصالح والـمفاسد جـميعاً، فإن كان استخدامها لأهداف علمية دینية توجيهية أو لأغراض مشروعة أخری فیجوز؛ وإن كان استخدامها لأغراض غیر شرعية فلا یـجوز.
- یـجوز تخزين المصاحف وغيرها من الكتب الإسلامية في الـهواتف الذكية، كما لا بأس بالاستفادة منها.
- لو كان في الـهاتف القرآن الكریم، فلا یكون الـهاتف في حكم القرآن الأصلي إلی أن ظهرت آیاته علی شاشته، ولو ظهرت آیاته علی شاشته فلا یـجوز مسّها بغیر وضوء ولو كان علیها حارس الشاشة أو الزجاج.
- یـجوز إرسال رسائل مفیدة غنية بالـمعلومات الدينية والتوجیهات الإسلامية النافعة إلی الآخرین بشرط وجود الإجازة صراحة كانت أو دلالة، وسواء كانت مكتوبة أو مسجلة.
- لا تجوز الدردشة بین رجل أجنبي وامرأة أجنبية دون حاجة شرعية.
- یـجوز نصب كاميرات المراقبة في الـمدارس الإسلامية والـمساجد، وغيرها من الأماكن لأجل الأهداف الأمنية والـمصالح العامة الـمختلفة.
- لا یـجوز اختراق الـمعلومات الـمحفوظة على الإنترنت دون إذن صاحبها.
- علاقة الرجل مع زوجته تبتنى علی الثقة الـمتبادلة، لذا لا یـجوز لكل واحد منهما التجسس علی صاحبه، وحصول معلوماته بغير إذنه في عامة الأحوال.
- إن الـحفاظ علی الحیاة الشخصية حق أساسي لكل إنسان، فلذا لا یجوز سرقة معلوماته السرية إلا عند وجود حاجة ماسة.
- إذا وصل أحد إلی معلومات سرية لرجل آخر، ويبدو من تلك المعلومات أنه یرید الإضرار بأحد فیصح له أن یخبر ذلك الشخص الآخر عن الواقع.
- لو قام صاحب الحساب الإلكتروني علی أحد مواقع التواصل الاجتماعي بإخفاء معلوماته الذاتية فلا یجوز لأحد اختراق تلك المعلومات دون إذن صاحبها، وتوفیر البيانات إلی شركة، وأخذ الأجرة علی ذلك.
- یجوز استخدام كامیرات خفية لتوفیر الشهادة علی جرائم صاحب جريمة.
- تبذل الجهود المكثفة والقدرات والنفقات الهائلة في تطویر البرمجیات، فیمتلكها من قام بتطویرها، فلذا لا یجوز لشخص آخر أن يخترقها ويبیعها.
- لا یجوز اختراق أجهزة الكمبیوتر لأحد ولا إدخال الفیروسات فيها إلا لغرض القضاء علی المواد الماجنة الضارة غير الأخلاقية.
- النبأ الموثوق به الذي لا يخشى من إشاعته على أي ضرر فلا بأس بإشاعته، وأما ما يخالف الواقع أو يكون قابلاً للتحقيق أو يكون مضراً فلا يصح إشاعته.
- لا یجوز التحريف في كتابات أحد.
- لا یجوز للحكومة مشاركة المعلومات الشخصية لأحد مع الآخرین أو أن تنشرها بین الناس دون إذن صاحبها.
- یجوز الإعلان عن الأشیاء التي يشرع استخدامها بشرط أن لا یوجد في طريق الإعلان ما هو مخالف للشرع.
- لا یجوز رسم الكاریكاتیر لأحد تهكماً وسخریاً.
- لا يجوز لشركات الاتصالات أن توفر مسجلات المكالمات للمستهلكین إلی حكومة وغيرها، فإن هذا نوع من الخيانة في الأمانة.
قرارات بشأن الاتجار باللآلي والأحجار الكریمة
- السمسار أو الوسيط التجاري يكون أمیناً؛ فلا یجوز له أخذ مبلغ مالي علاوة على رسومه المحدّدة احتيالاً على البائع أو المشتري.
- یجوز للسمسار أن يشتري لنفسه بعد أن يخبر بذلك مَن يعمل له كسمسار، إلا أنه يجب عليه أن یُفصح عند البیع لدى مشتريه عن صفته في ذلك البيع.
- لا یجوز للسمسار أن يأخذ من البائع لزبون مصطنع أرضاه لهذه الصفقة مزوّراً بقيمة أقلّ، ثم یبیعه السمسار من الزبون الحقیقي بقيمة أكثر منها.
- یجوز لمسلم اشتراء المال في الأسواق التي تتوفر فيها الأموال المسروقة والمملوكة جميعاً إلا إذا كان يعلم يقيناً أنه مال مسروق فلا يجوز له ذلك.
- لو یثق المشتري بقول البائع عن بضاعته أنها ليست مسروقة، فلا حرج شرعاً في شرائها.
- یجوز أن یشتري شیئاً نسیئةً، ثم یبیعه بالربح بعد القبض عليه.
- لا یجوز بیع شيء إلی زبون آخر قبل إتمام العقد الأول، ولكن لا بأس بالوعد بالبيع.
- لا یجوز لسمسار وغيره شراء ورقة المبلغ الواجب أداؤه على قيمة أقلّ مما تم الاتفاق عليه.
- لا یجوز في الظروف العادية الاستقراض بالربح لأداء قیمة المتاع ولا لأداء القرض عن الآخر.
- یجوز للمشتري طلب الحطّ من قیمة المتاع بعد شرائه برضا البائع، لكن لا يجوز ذلك بالتزوير والاحتيال.
- لا یجوز شرعاً وخلقاً شراء مال يخلو من العيب والنقص بأقلّ من قیمته الأصلية بالقدح فيه، كما لا یجوز بیعه بأكثر من قیمته الحقيقية بوصف جودته التي ليست فيه.
- لو یطالب المستصنِع مالاً رخیصاً، ويحتاج الصانع إلی الغشّ فيه لإعداده على الصفة المذكورة، یسع ذلك بقدر عرف التجار المعروف والسائد فيه، ولكن یجب الإخبار عنه حال غشّ زائد.
- لیس هناك تحدید شرعي لحصول الربح، بل یجوز كل ثمن یتعین بالتراضي؛ ولكن الحصول على أكثر من قیمة السوق السائدة یُخالف مقتضيات المروءة والأخلاق الإسلامية.
- لو تعیّن الخصم عند الصفقة أو یوجد عرفه فيكون للمشتري حقٌ لمطالبة الخصم حسب الشرط والعرف، ولكن لو لم يكن عرف ولا یشترط ذلك صریحاً عند الصفقة فلا يسع المشتري مطالبة الخصم، وللبائع أن یخصم بنفسه لوشاء.
- لو هیّأ الصانع الشيء المطلوب وسلّمه، ولكن وجد النقص في مستواه المطلوب والمستصنع یقبض ذلك الشيء، فیعتبر عرف التجار في مقدار الأجرة.
- لا بأس بالنقص في كتابة السعر لمصلحة ما بشرط أن يفهم العاقدان مراد القيمة المكتوبة فهماً تاماً.
- عندما یصنع الصانع الحُليّ، ویخرج منها الرماد والقطع المفيدة أو ما يسمى بتراب الصاغة في عرف الفقهاء، يعتبر ذلك في ملك المستصنع أصلاً، ولكن لو كان العرف إبقاءها عند الصانع أجرةً أو جزءاً من الأجرة، فیجوز له أخذها.
- لو كانت الخیوط التي تربط بالأحجار الكریمة أقلّ وزناً، ولكن عیّنت قیمتها باعتبارها أكثر وزناً بالتراضي فیجوز ذلك.
- لا یجوز شرعاً كتابة أقل من الوزن الأصلي بالضغط علی أحد، ولكن لو كان في عرف التجار عدم اعتبار قدرٍ مّا، فلا بأس بالنقص في كتابة القيمة بقدره.
- لا یجوز للتاجر شرعاً أداء القیمة أقل من القیمة المعینة خدعةً وكذباً، بل یجب عليه أداؤها بالكامل، وإن كانت قلیلة في الورقة لمصلحة.
- یجوز الخفض والرفع في القیمة نسیئةً ونقداً لو كان العاقدان متفقین علی ثمن معين عند العقد.
- لو تم أداء الدین المؤجل مبكراً فلا یجوز ترك بعضه إلا إذا كان تبرعاً لا مشروطاً ببدل التعجیل.
- لا یجوز بیع الألماسة الرديئة بإظهار أنها فاخرة، ولو باعها فلا خیار له لخفض قیمتها ما دامت في ملك المشتري بعینها، ولكن یجوز له استرداد نقوده بفسخ العقد واستئنافه، وإن كانت تلك الألماسة في حالة لا یمكن ردها فيها فیكون الخيار في خفض قیمتها بقدر النقصان.
- لو أعطى ألماسة كیمیائية مكان ألماسة أصلية فللمشتري خيار في استرداد جميع الثمن برد الشيء.
- لو اشتری أحد شیئاً، ثم باع بعضه بقیمة معینة من رجل آخر وشاركه معه فيه فیجوز.
- لا یجوز عقد الشركة مع أحد قبل الشراء، لكن لا بأس بالوعد بالشركة.
قرارات بشأن التعزیر بالمال في الشریعة الإسلامية
وافق أعضاء اللجنة بعد الإمعان والتفكير في قضية التعزیر بالمال علی إصدار قرارات آتية:
أ: وضعت الشریعة الإسلامية نظاماً محكماً للعقوبات للقضاء علی الجرائم والمعاصي، وهي تنقسم إلی قسمین: أحدهما: حدود، وهي عقوبات مقدرة شرعاً علی جرائم معینة، والثاني: التعزیر، وهي عقوبات غیر مقدرة شرعاً.
ب: التعزیر بالمال نوع من أنواع التعزیرات، وهو أن تفرض العقوبة المالية علی المجرمین كي یكفّوا عن جریمتهم بسبب الضغط المالي، يسوغ فرضها عليهم بشرط لزوم العدل فيها في الأوضاع الحالية التي لا توجد فيها صورة مؤثرة غیرها.
ج: یجوز فرض الغرامة المالية بسبب الغیاب بدون الإشعار به أو تقصير آخر لغرض الحفاظ علی النظام التعلیمي والتربوي، إما باستیفاء الرسوم للإقامة والإعاشة من الطلبة الذين كانت توفر لهم هذه الخدمة مجاناً، وإما بفرض الغرامة المالية الزائدة علی الطلبة الذين يدفعون الرسوم المعينة، وإما باختيار صورة مناسبة أخری، ولكن لا یصرف ذلك المبلغ إلا في الشؤون الخيرية.
د: یجوز فرض الغرامة المالية في المؤسسات غیر التعلیمية نحو الجمعیات الإسكانية ومجالس القرى لغرض الحفاظ علی الانضباط مع المراعاة لمقتضیات العدالة في ضوء توجيهات العلماء وأصحاب الإفتاء.
ه: یوجد الإفراط والتفریط في مجتمعاتنا تجاه الطلاق، ویؤدي ذلك إلی خلل كبیر، فیجوز للتغلب عليه وضع الشرط بلزوم المهر الزائد علاوة علی المهر المقرر عند عقد النكاح بتراضي العاقدین عند الطلاق ظلماً.
و: إذا طلق رجل امرأته ثلاثاً بدفعة واحدة ظلماً فیجوز لدار القضاء والمحكمة الشرعية أن تفرض الغرامة المالية المناسبة على الزوج على مطالبة المرأة، وينبغي مساعدتها بذلك المبلغ.