يتعرض الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية السابق عبدالإله بن كيران لحملة إعلامية مكثفة، بقصد تشويه سمعته، والحط من كرامته.
تلك الحملة التي شارك فيها خصومه السياسيون ومعارضون، دفعت ابن كيران، الشخصية السياسية البارزة والمؤثرة في المشهد السياسي المغربي، إلى الرد على هذه الادعاءات عبر البث المباشر في مواقع التواصل الاجتماعي وكشف حقيقة ما يروج عنه.
وبالرغم من أنه لم يعد مسؤولاً حكومياً ولا حزبياً، فإن التعاطف معه من قبل شريحة واسعة من المجتمع المغربي تم التعبير عنها خلال كلمته المباشرة، التي سجلت رقماً قياسياً من المتابعين.
ولم يجد منتقدو ابن كيران أي شبهة واحدة في الفساد ضده، فلجؤوا إلى غمزه ولمزه بعدما استفاد من معاش استثنائي منحه له الملك محمد السادس جرياً على عادة عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين الذين يحالون على التقاعد بعد انتهاء مهامهم.
وتحدث المنتقدون عن رقم كبير وصل إلى 130 ألف درهم مغربي شهرياً، قبل أن يخفضوه إلى 90 ألف درهم ثم إلى 70 ألفاً.
وحاولت الهجمة الإعلامية مقارنة ابن كيران برئيس الحكومة السابق أيضاً عبدالرحمن اليوسفي، وهو من الرموز الوطنية التي خدمت المغرب، وساهم في انتقال السلطة بشكل سلس من الراحل الملك الحسن الثاني إلى ابنه الملك محمد السادس.
لكن ابن كيران كشف أن معاشه الاستثنائي ليس استثنائياً، فهو أيضاً ممنوح للسيد اليوسفي وعدد من المسؤولين، وهو أمر بينه وبين جلالة الملك.
وأضاف أنه لم يجمع مثل بعض المسؤولين ثروة وهو في منصبه الحكومي، بل تحدى منتقديه وطلب من المجلس الأعلى للحسابات أن يدقق في ذمته المالية، وهو ما خفف من الحملة الإعلامية وأسكت بعض أبواقها.
وكشف مقربون من ابن كيران، وهو المعروف عنه نظافة اليد وصرف المال في وجوه الخير، حيث إن بيته لا يخلو من ضيوف كل يوم، أنه بعد شهور من إحالته على التقاعد، وبعد كف يده عن المطالبة بمعاشه الحكومي، لم يجد ما يصرف به على بيته، فوصل الأمر إلى الملك الذي أمر بصرف معاش استثنائي له.
وقال ابن كيران: إن الحملة لا تستهدفه كشخص، وإنما تستهدف حزب العدالة والتنمية، وقد بدأت منذ توليه رئاسة الحكومة عام 2011م، واستمرت دون توقف حتى عام 2016م، في سابقة تاريخية لم يعرفها المغرب من قبل.
واستعرت الحملة بعد تولي الحزب رئاسة الحكومة للمرة الثانية على التوالي، وذهبت إلى التنقيب في الحياة الشخصية لعدد من رموزه، بعدما لم يجد الخصوم أي طريق للضرب في الذمة المالية لهم.
ويرى مراقبون أن ابن كيران فهم السياسة في المغرب، وحارب المفسدين بقوة من موقعه ودافع عن الفقراء والفئات المهمشة، وهو ما دفع خصومه للتكتل من أجل إبعاده عن رئاسة الحكومة.
ويعتقد مناضلو حزب العدالة والتنمية أن الهجمة “عادية” وغير مفاجئة لهم. وفي هذا الصدد، قال عبدالعزيز الهناوي، عضو المجلس الوطني للحزب في تصريحات خاصة لـ”المجتمع”: إن الهجمة تندرج ضمن مسلسل قديم جديد من قبل الخصوم تريد استهداف الرأسمال الرمزي للرجل بعدما فشلت في إسقاطه مراراً، وهو في منصب رئاسة الحكومة، وكذلك هو استهداف لحزب العدالة والتنمية من خلال شخص ابن كيران الذي أصبح أيقونة الحزب شعبياً.
وأضاف أن الأمر مجرد حملة تأتي في سياق حرب استباقية عشية مرحلة سياسية جد دقيقة مرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية 2020-2021 والتي سيكون بالنسبة للخصوم كارثة كبرى أن يتقدم مرة ثالثة حزب العدالة والتنمية على بقية التشكيلات السياسية.
من جهته، قال الصحفي سليمان الريسوني: إن فتح نقاش جدي حول المعاشات الاستثنائية وطريقة صرفها، غير ممنوع، على ألا يقف ذلك النقاش عند ويل للمصلين، حيث لا يكون الغرض منه، فقط، هو سلخ جلد ابن كيران، بل أن يطال العملية برمتها.
وأضاف أن الحملة تضطر حتى معارضي ابن كيران إلى الدفاع عنه، كما هو الحال مع مصطفى مفتاح أحد ضمائر اليسار المغربي.
وتابع: كيف يهاجم بلا هوادة رئيس حكومة سابقاً على معاش تسلمه في ضوء النهار وفوق الطاولة، في حين أن مسؤولين سابقين راكموا الثروات في وقائع ملموسة دون سند من القانون ولا يلتفت إليهم.