– من مكاسب السلام النفسي الفوز بحياة سعيدة وقلب مطمئن وعقل هادئ وصحة نفسية وجسدية
– ترتيب الأولويات يساهم بتهدئة الحياة والسعي المستمر للوصول للأهداف بعيداً عن التوتر
– الفراغ أسوأ لص للسلام النفسي حيث يجعلنا نغضب لأتفه الأسباب
– كن أفضل صديق لنفسك فصارحها بمخاوفك وواجهها بلطف وتحدث معها بإيجابية
يقترب حيناً؛ فتحلو الحياة وتتسع وتملأ السكينة قلوبنا وعقولنا، ويبتعد أحياناً؛ فترتبك الحياة وتختل دفتها من بين أيدينا.. إنه السلام النفسي الذي يريح القلوب ويسعد العقول وأوكسجين الصحة النفسية وداعم رئيس لصحة الجسد.
نتوهم أننا لا يمكننا الاحتفاظ به، والحقيقة أننا نستطيع إطالة إقامته بعد الاستعانة بالله تعالى، وهو ما سنوضحه بخطوات عملية وحقيقية في الأسطر التالية، ونقدم الخطوات الواقعية لمنع الخسائر وصنع المكاسب.
يبحث الكثيرون عنه عند الأهل والأصحاب، وهو موجود داخلهم ينتظر إزالة الشوائب عنه ورعايته بمثابرة كزرع ليزدهر ولتطيب أعمارهم بثماره.
إذا أردنا الفوز بشيء نتنبه لمكاسبنا منه وخسائرنا إذا فقدناه، وتذكير أنفسنا بها، ولا نجلد أنفسنا عند فقدانه ولا نبرره، فالجلد والتبرير يؤذيان، والأفضل أخذ استراحة نفسية والاستعانة بالله والإلحاح بالدعاء لتوطين السلام بعقولنا وقلوبنا.
نبدأ بالخسائر، وأهمها اضطراب المشاعر وارتباك العقل وتأثيرهما على تفاصيل الحياة، وإضعاف قدرة العقل على التصرف الصحيح، وإجهاض البراعة باتخاذ القرارات الناجحة بأفضل توقيت، وسرقة الصحة النفسية، وما يلحق ذلك بأذى بالغ على صحة الجسد، وتراجع فرص الفوز بعلاقات إنسانية جميلة، وتناقص التصالح الذاتي، ونمو الضغوط النفسية.
البعض يبدو وكأنه ينعم بالسلام، ولكنَّ اشتعالاً داخله يؤذيه، وهناك من يبدو مشتعلاً خارجياً وداخلياً، وندعو بالأفضل؛ فلنتمتع بالسلام النفسي، ونتعامل بهدوء مع الناس، كمن لديه رصيد بالبنك ويحرص ألا يصل للخطر، فنحتفظ برصيد كبير داخلي من السلام النفسي لمنع الاضطراب النفسي والخارجي.
فلا نصبح كسلك الكهرباء غير المغطى بالبلاستيك، الذي يكهرب أي شيء يلمسه؛ فلننعم بالسلام، ولا نكون كالبالون المنتفخ الذي ينفجر بضغط طفل عليه.
تستحق المكاسب
من مكاسب السلام النفسي الفوز بحياة سعيدة، وقلب مطمئن، وعقل هادئ، وصحة نفسية وجسدية جيدة، وعلاقات اجتماعية ناجحة، وصنع نجاح مميز بالعمل، وتقدير مرتفع حقيقي للذات وهو من أهم مفاتيح التصالح مع النفس، وقدرة على التماسك أمام الأزمات وفي مواجهة الخصوم.
تستحق السعادة، ووسيلتك السلام النفسي، وهذا حقك على نفسك، فلتعش الحياة بمرونة، دون تفريط بالحقوق، وبحسن ترتيب الأولويات؛ فلا تتورط بمعارك تشتت مجهوداتك وتحرمك من تحقيق أهدافك، فترتيب الأولويات يساهم بتهدئة الحياة والسعي المستمر للوصول للأهداف التي تريدها بعيداً عن الحياة في توتر وصراع دائمين.
تجاهل الأمور البسيطة، وردد لنفسك بحزم: لا يليق إهدار ثانية بها، وسارع بفعل أي شيء تحبه لشغل العقل، ومكافأة النفس بكلمات؛ مثل: أنا أتحسن وأجيد احترام عقلي وأشغله بما يفيدني، أنا رائع وأفضل مما توقعت، مع التربيت على النفس بحب واحترام.
لنتذكر أن الحياة لن تسير دائماً كما نريد؛ فبعض الأمور التي نحبها ونريدها بشدة لن نحصل عليها وقتما نشاء –مهما قاتلنا للفوز بها- وأمامنا خياران لا ثالث لهما:
الأول: هزيمة أنفسنا بالتركيز عليها، وزرع الإحساس بالحزن والغضب بقلوبنا وعقولنا ليتسلل المرض النفسي ثم الجسدي –لا قدر الله- مع تناقص الإيمان؛ لتراجع قدراتنا على التركيز بالعبادات لانشغالنا الزائد بما نريده.
الثاني: التسليم بصدق لله تعالى، وندعوه سبحانه أن يشغلنا بما يحبه ويرضاه، ويرزقنا أدب الخضوع لمشيئته عز وجل، ونعيم المتوكلين وراحة الموقنين، بأن الوهاب يمنحنا الأفضل في أحسن توقيت ولا شأن لنا بذلك -بعد الأخذ بالأسباب- ثم نصلي ركعتين ندعو فيهما الرزاق ليمنحنا القوة نحن وكل المسلمين في كل زمان ومكان، لنكون خيراً وأحب، ويصرف عنا وعنهم الشرور، ونتصدق ونستغفر، وسنشرح الصدور، ونضع خطة لشغل أوقاتنا بما يضيف إلينا؛ فالفراغ أسوأ لص للسلام النفسي حيث يجعلنا نضخم التألم، ونغضب لأتفه الأسباب، وننسى شكر الله تعالى على واسع عطائه، والشكر هو الحافظ للنعم ويزيدها.
احذر وانتبه
من سارقي السلام النفسي بعض من نعرفهم، يتحدثون دوماً وكأن الحياة سلسلة من العذاب المتصل، ويجب الفرار منهم، فلننتبه ولا نمتص سمومهم ونغير موضوع الحديث ولا نحاول تغييرهم؛ فسيقاومون بشدة ويجهدوننا ولنقلل التواجد معهم.
يغيب السلام النفسي للخوف من الغد، ومن المرض، وللاهتمام الزائد بالأبناء وبمن نحب، ونود تذكر الوصية النبوية الشريفة: “من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا”، ولا يتعارض ذلك بضرورة صنع أفضل ما يمكننا، واليقين برحمة الله الواسعة، وزرع حسن الظن بالله بقلوبنا وعقولنا.
الخوف من المرض مطلوب، فقط ليدفعنا للوقاية وتحسين اللياقة البدنية والحصول على قدر جيد من الراحة والترفيه لتجديد الطاقات، والإلحاح على الله بالدعاء ليرزقنا تمام العفو والعافية.
وبالنسبة للأولاد، فلنتوكل بصدق على الله بعد أداء واجباتنا نحوهم دون إفراط أو تفريط.
من أهم مفاتيح السلام النفسي تحسين العلاقة بالله عز وجل، واليقين أن لا أحد يستطيع إيذاءك بشيء لم يقدره الله لك، ولا يستطيع منع شيء عنك، وبذا تحس بالسكينة.
وقيل: “إن ثلثي السكينة بالقبول”؛ فنقبل ما لا نستطيع تغييره، فالبديل تنفس المرارة والوجع والإنهاك النفسي والذهني الذي يسرق البهجة ويورث الأمراض.
وفي كل صلاة فرص لزرع السكينة وتجديد الاستعانة بالله والتركيز بكل ما نقوله ونفعله بالصلاة وسنغتسل من الهموم، ولنتدبر قول الشيخ محمد الغزالي: “إحساس المؤمن أن زمام الأمور لن يفلت من يد الله؛ يقذف بمقادير كبيرة من الطمأنينة في فؤاده، إذ مهما تقلبت الأحوال فلن تبت فيها إلا مشيئة الله، والحق أنه لا معنى لتوتر الأعصاب واشتداد القلق إزاء أمور تخرج عن نطاق إرادتنا”.
لنهتم بترتيب عقولنا وطرد الفوضى منها لأنها عدو بشع للسلام، فنطرد الشوائب من العقول؛ مثل الاحتفاظ بالغضب من أمور انتهت، أو القلق الزائد.
ويتساءل كثيرون عن كيفية الجمع بين السعي للأفضل والتمتع بالسلام النفسي، تخيل لو كنت تجري في سباق وتتساءل باستمرار: متى سأصل لنهاية السباق؟ فلن تصل لآخره، وقد تسقط أرضاً لفرط التفكير والتوتر، ولكنك لو دعمت نفسك بقول: لقد عبرت ثلث المسافة، لقد عبرت النصف؛ فستزيد طاقاتك.
خصص دقائق يومياً لتُغمض عينيك وتقول: الحمد لله، لقد فعلت كذا وكذا اليوم، وتحسنت بكذا وكذا.
تذكر دائماً:
– أكبر لص للسلام النفسي مقارنة أنفسنا بالآخرين.
– تقبل اختلافات الناس بالأفكار والطبائع والتصرفات.
– خطط كيف تفوز بأفضل تعامل مع الحياة كما هي وليس كما تتمناها.
– احرص على الاسترخاء يومياً، والقيلولة.
– هدئ إيقاعك النفسي ولا تفعل أي شيء بسرعة؛ الأكل، الكلام، الحركة، العمل.. فالتعامل بهدوء يمنحك الراحة والإتقان، ويبث السلام بعقلك وبحياتك.
– اكتب ما تريد عمله سيهدأ عقلك وترتبه.
– نظم بيتك وحياتك وستنعم بالراحة والسلام.
– غادر منزلك قبل ميعادك بدقائق ستتحرك وتتصرف بهدوء أكبر.
– في عطلة نهاية الأسبوع مارس هواية، وقلل تصفح الإنترنت والفضائيات.
– لا تفعل أكثر من شيء في نفس الوقت.
– اكتب يومياتك، وتخلص من ذكرياتك السيئة.
– ركز على الامتنان لكل النعم التي لديك واقرأها يومياً.
– مارس المشي ولو بحجرتك.
– ركز على ما يمكنك فعله، وتجاهل –مؤقتاً- الباقي.
– كن مرحاً وابتهج.
– ركز على ما يعجبك بمن حولك، وليس بما يضايقك.
– دلل نفسك؛ تنزه وحدك، وتناول طعاماً بهدوء وحدك بمطعم.
– كن أفضل صديق لنفسك؛ صارحها بمخاوفك وواجهها بلطف وانصحها.
– ضع أهدافاً لحياتك، وكن مرناً.
– تحدث لنفسك بشكل إيجابي؛ قل: بالرغم من مشكلاتي سأجد لها حلولاً ولن أتعجل.
– جدد ثقتك بنفسك دوماً.
– اكتب لنفسك الأفكار والتصرفات والأشخاص الذين يسرقون سلامك النفسي، وسارع بتغيير ردود أفعالك لتنجو، واقرأها يومياً لتقلل ضررها.
– ضع السلام النفسي هدفاً لا تتنازل عنه.
– تقرب إلى الله تعالى بالسكينة والسلام النفسي.