– عام 1963م وضع المجتمع الدولي 13 صكاً قانونياً لمنع الأعمال الإرهابية تحت إشراف الأمم المتحدة
– التعريفات الدولية للإرهاب لم تحسم بشكل واضح إشكالية عدوان الدول وارتكابها جرائم “إرهابية” ضد المدنيين
– تعريفات الإرهاب في الشريعة الإسلامية ربطته بالاعتداء على المقاصد الخمسة الكلية للشريعة
– تعريف الإرهاب في الشريعة الإسلامية أدخلت فيه جرائم الدول ضد الأفراد الأبرياء
– كلام ابن تيمية عن الإرهاب يصلح أن يكون منطلقاً لتوحيد مفهوم الإرهاب عالمياً
– لحل إشكاليات مفهوم الإرهاب يجب الاتفاق على عناصر محددة لما يعد إرهاباً من عدمه
أصبح الإرهاب –شئنا أم أبينا- اللفظ الأبرز والأشهر دولياً منذ عدة عقود، فلا يكاد يمر يوم دون أن تحدث عملية أو جريمة ما توصم بأنها إرهابية، وغالباً ما يتم الربط بينها وبين الإسلام تحديداً، والذي يجري تصديره على نطاق واسع على أنه دين “إرهابي” أو على الأقل سند للإرهابيين وعقيدة لهم!
والواقع أن الغرض من هذا المقال لن يكون مناقشة تلك الادعاءات التي ترى أن الإرهاب إسلامي بالضرورة، ولكنه سيحاول أن يبحث في مفهوم الإرهاب نفسه من منظور القانون الدولي، ثم يعرض هذا المفهوم على مرجعية الشريعة الإسلامية لنتلمس موقفها من ذلك المفهوم لفظاً ومضموناً؛ بهدف طرح بعض الأفكار التي قد تساعد على ضبط هذا المفهوم بما يساعد على الوعي بظاهرة الإرهاب وبسبل تحجيمها عالمياً على أسس واقعية غير متحيزة أو مسيسة.
مفهوم الإرهاب من منظور القانون الدولي:
ظهر مفهوم الإرهاب أول ما ظهر في ملحق الأكاديمية الفرنسية عام 1798م حين وصم بالإرهاب حكومة الثورة الفرنسية التي كانت ترهب الشعب، وبخاصة الملكيين، وكلمة Terreur الفرنسية أصلها لاتيني ومشتقة من الفعلين اللاتينيين: Tersere، وTerrere، ويعنيان: جعله يرتعب ويرتجف، والاسم لهما terror وTerroris، ومنهما جاء الاسم الفرنسي Terreur؛ ومعناه اللغوي: رعب وخوف شديد، اضطراب تحدثه في النفس صورة شر حاضر أو خطر قريب، وأول عملية وُصفت بالإرهابية في العصور الحديثة كانت محاولة اغتيال “نابليون بونابرت” عام 1800م (د. عبد الله بن بيه، الإرهاب: التشخيص والحلول، ص17).
وجاء أول تعريف لمفهوم الإرهاب على المستوى الدولي عام 1937م عبر عصبة الأمم، التي عرفته بأنه: “عمل إجرامي، يهدف إلى إثارة الرعب والخوف، موجَّه لأشخاص معينين أو لمجموعة من الأشخاص، أو للعموم”، بينما اقترحت الجمعية العامة للأمم المتحدة تعريفه بأنه: “كافة الأفعال الإجرامية ضد دولة من الدول التي من شأنها بحكم طبيعتها أو هدفها إثارة الرعب في نفوس شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص أو في نفوس العامة”، ثم عادت الجمعية عام 1999م وأطلقت مفهوم الإرهاب على الأعمال الإجرامية التي من شأنها إثارة الرعب في نفوس العامة أو مجموعة من الأشخاص لأغراض سياسية غير مبررة، تحت أي ظرف، ومهما كانت طبيعة الاعتبارات السياسية أو الفلسفية أو الأيدولوجية أو الراديكالية أو العرقية أو الدينية أو أي اعتبارات أخرى تستغل لتبريرها.
وبدءاً من عام 1963م، وضع المجتمع الدولي 13صكاً قانونياً لمنع الأعمال الإرهابية، أُعدت تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تناولت فقط بعض الجرائم الإرهابية كالاعتداء على الطائرات والمطارات والموظفين الدوليين والرهائن.. وذلك دون أن تعتمد أياً من تلك الاتفاقات والبروتوكولات تعريفاً موحداً لمفهوم الإرهاب، وهو أمر نأمل أن تتداركه الأمم المتحدة في الاتفاقية الدولية الرابعة عشرة التي تتفاوض حولها حالياً الدول الأعضاء، والتي يراد لها أن تكون اتفاقية شاملة بشأن الإرهاب الدولي تكمل الإطار القائم الذي تمثله الصكوك الدولية المناهضة للإرهاب (انظر: الصكوك الدولية لمكافحة الإرهاب، تقرير منشور على موقع: الأمم المتحدة في مواجهة الإرهاب).
ولم تقتصر محاولات تعريف الإرهاب على المنظمات الدولية وحدها، بل امتدت إلى الاتحادات الإقليمية وإلى الدول في تشريعاتها الداخلية كذلك، فمثلاً عرَّف الاتحاد الأوروبي الإرهاب بأنه: “هو العمل الذي يؤدي لترويع المواطنين بشكل خطير، أو يسعى إلى زعزعة استقرار أو تقويض المؤسسات السياسية أو الدستورية أو الاقتصادية أو الاجتماعية لإحدى الدول، أو المنظمات، مثل الهجمات ضد حياة الأفراد أو الهجمات ضد السلامة الجسدية للأفراد، أو اختطاف واحتجاز الرهائن، أو إحداث أضرار كبيرة بالمؤسسات الحكومية، أو اختطاف الطائرات والسفن ووسائل النقل الأخرى، أو تصنيع أو حيازة المواد أو الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، أو إدارة جماعة إرهابية، أو المشاركة في أنشطة جماعة إرهابية”.
كما عرفت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب عام 1998م الإرهاب بأنه: “كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به مهما كانت بواعثه وأغراضه، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم أو إلحاق الأذى بهم، أو تعريض حياتهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر”.
أما على مستوى الدول – منفردة – فلقد عرفت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا – على سبيل المثال – الإرهاب بأنه: “الاستخدام المدروس للعنف، أو التهديد بالعنف لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية في طبيعتها.. من خلال الترهيب والإكراه أو بث الخوف”.
وعلى هذا النحو جاءت الكثير من التعريفات الدولية للإرهاب، ومعظمها تركز على توافر عنصر التخويف وإثارة الرعب عبر التهديد بالعنف أو استخدامه بالفعل ضد أفراد أو مؤسسات أو دول.. لتحقيق أغراض أو أهداف معينة، بغض النظر على مدى شرعية تلك الأهداف من عدمه، فالتركيز الآن هو على السلوك الإجرامي بغض النظر عن الغاية منه، وهو ما أوجد لبساً بشأن ما تسمى بحركات التحرر الوطني، وقد يتصادم مع حق تقرير المصير الذي يستوجب أحياناً استخدام القوة المشروعة لأجل التحرير، ولمقاومة الاحتلال، وهو أمر حاولت المنظمات الدولية تداركه بالاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وباعتبار المساهمين في عمليات التحرير الوطني محاربين لا إرهابيين، إلا أنها لم تفلح تماماً في منع الخلط بين الإرهاب والمقاومة، وذلك نتيجة لضغوط من بعض الدول الكبرى التي تمثل الجانب المعتدي الذي تقاوم الدول الصغرى اعتداءاته.
ويلاحظ على التعريفات الدولية للإرهاب كذلك أنها لم تحسم بشكل واضح إشكالية عدوان الدول وارتكابها جرائم “إرهابية” ضد المدنيين الأبرياء، بصورة أفظع من تلك التي يرتكبها أفراد أو جماعات منظمة في غالب الأحيان، مثل ضرب مدينتي هيروشيما ونجازاكي بالسلاح النووي على سبيل المثال، وهو أمر بدوره يكشف مدى الخلل في التنظيم الدولي العالمي الذي يتحكم فيه الأقوياء في تحديد ما يعد إرهابياً وما لا يعد كذلك وفق مصالحها التي كثيراً ما تتناقض مع القانون الدولي نفسه، ناهيك عن أبسط القيم الإنسانية!
ولذلك كتب المفكر الأمريكي “نعوم تشومسكي” مقرراً – بحق – من أن مشكلة تعريف الإرهاب في أن كثيراً من الدول لا تبحث عن تعريف شامل للإرهاب، بل أقصى ما يشغلها هو التساؤل عن تعريف للإرهاب يستبعدها منه. (انظر كتابه بالمشاركة مع “جلبير الأشقر”: كيف تستبعد نفسك؟ السلطان الخطير- السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، دار الساقي، ص11).
والحقيقة أن هذا الأمر الذي ذكره “تشومسكي” يحتاج إلى تفسير أعمق يتعلق بمفهوم الأخلاق نفسه في الفكر الغربي الذي ينبني على العقلانية، والتي تتحدد هي الأخرى في الحصول على المنفعة المادية وتحاشي الألم؛ مما أدى إلى نسبية وهلامية وسيولة أخلاقية تمنع كثيراً من الثبات على مبادئ وقيم محددة، باعتبار أن الإنسان كائن “هوائي” في حاجة دوماً إلى أن تحكمه مرجعية مفارقة ملزمة، وهو الأمر الذي توفره بالتأكيد الشريعة الإسلامية، مقاصد وقيم وأحكام، على ما سنرى حالاً بإيجاز.
مفهوم الإرهاب في الشريعة الإسلامية:
الإرهاب لغة يرجع إلى لفظ رهبه رهباً ورهبة ورُهباً بمعنى: خافه، ويقال: أرهب فلاناً خوَّفه وفزَّعه، و”الإرهابيون” وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية (المعجم الوسيط، مادة “رهب”، وجاء لفظ الإرهاب في كثير من المعاجم العربية بالمعنى ذاته؛ أي: الإخافة والتفزيع).
وقد وردت مشتقات لفظ “الإرهاب” – لا اللفظ نفسه – في القرآن الكريم في اثني عشر موضعاً أكثرها يتعلق بالخوف والرهبة من الباري جلت قدرته، أو ردع المعتدين مثلما ورد في قوله تعالى: )وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ {60}) (الأنفال).
وأما اصطلاحاً فلم يرد لفظ الإرهاب بمعانيه المعاصرة التي أشرنا إليها من قبل، وإنما عبرت عنه مصطلحات أخرى حين تناولت جرائم مماثلة تماماً لتلك الموصومة بالإرهابية حالياً، بعضها يعاقب بالحدود المقررة شرعاً، وبعضها الآخر يعاقب تعزيراً، مثل جرائم الحرابة، والبغي، والإفساد في الأرض.. وغيرها من الجرائم التي تمت معالجتها بتوسع وتفصيل في كتب الفقه الإسلامي المختلفة، قديماً وحديثاً.
ولقد أدى شيوع مفهوم “الإرهاب” – على ما يبدو – إلى تبنيه من قبل العديد من المؤسسات الإسلامية، ومنها المجمع الفقهي الإسلامي الذي عرف الإرهاب – في دورة المجمع السادسة عشرة – بأنه: “عدوان يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان (دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه)، ويشمل صنوف التخويف والأذى، والتهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم، أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها”.
كما عرّف مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف “الإرهاب” – في بيان له – بأنه: “ترويع الآمنين، وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم، والاعتداء على أموالهم وأعراضهم وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية بغياً وإفساداً في الأرض”.
والمتأمل في هذين التعريفين يجد أنهما أقرا المعنى السلبي للفظ “الإرهاب” في اللغة العربية وهو “إثارة الفزع والترويع”، دون أن يقفا عند معناه الإيجابي “الردع”، وهو اختيار محمود باعتباره يراعي السياق والمقاصد والأدوات التي يستخدم في ظلها ذلك المفهوم، وإن كان الأولى بالطبع هو اعتماد لفظ آخر لا يثير اللبس في تحريمه؛ مثل الترويع.
ويحمد لهذين التعريفين كذلك تأكيدهما على كون الجرائم الإرهابية تمثل اعتداء على المقاصد الخمسة الكلية للشريعة الإسلامية (وهي: حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض)، لما يؤدي إليه ذلك من استبعاد الأفعال التي لا تمثل عدواناً بل دفاعاً عن تلك المقاصد، مثل الجهاد ومقاومة الاحتلال على سبيل المثال.
كما أن التعريفين المذكورين استخدما ألفاظاً لا تدع مجالاً لاستثناء جرائم الدول في حق الأبرياء من الوقوع تحت مفهوم الإرهاب، بل نص التعريف الأول صراحة على ذلك، بينما ركز التعريف الثاني على السلوك الإرهابي نفسه؛ مما يعني ضمنياً التأكيد على إرهاب كل من يرتكب ذلك السلوك سواء كان دولة أو جماعة أو فرداً.
ويلاحظ أن التعريفين استخدما تعبيرين مختلفين عن محل الاعتداء الإرهابي المُجَرَّم، فالتعريف الأول جعل الإنسان (مطلق الإنسان) هو محل العدوان، بينما التعريف الثاني استخدم لفظ “الآمنين” تعبيراً عن هذا المحل، والواقع أنه لا يوجد فارق حقيقي بين الاتجاهين، باعتبار أن الفعل لن يُعدَّ إرهاباً إلا إذا مثل اعتداء غير مشروع على الإنسان الآمن، وهو مفهوم يقترب في معناه من لفظ “المدني البريء” الذي يحرم قانوناً ارتكاب العنف ضده أو التهديد به والتخويف منه، فضلاً عن أنه ينهى عما حرمه الإسلام تحريماً قاطعاً من استهداف “غير المقاتلين” سواء بقتلهم، أو بالتمثيل بهم، أو بالثأر منهم، أو بتخريب قراهم ومدنهم، أو قتل دوابهم، وقطع أشجارهم، أو غير ذلك من صور الاعتداء الأخرى.
يقول الإمام ابن تيمية: “وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا؛ فمن منع هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمن ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء إلا أن يقاتِل بقوله أو فعله، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان لكونهم مالاً للمسلمين والأول هو الصواب لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله” (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، دار المعرفة، ج 1، ص 104-105).
وهو أمر يحتاج إلى التوقف عنده قليلاً باعتباره من الممكن أن يسهم في توحيد مفهوم الإرهاب عالمياً.
نحو مفهوم عالمي موحد للإرهاب:
رأينا مما سبق أن مفهوم الإرهاب يعاني من إشكاليات عدة، بل هو نفسه قد وقع ضحية للإرهاب، إرهاب المستغلين له لتحقيق مآرب سياسية ولو على حساب ضحايا العمليات الإرهابية من الأبرياء، الذين يجري الاعتداء عليهم بغير حق من دول وجماعات وأفراد كل منهم يتهم الآخر بالإرهاب!
كما لمسنا كيف تأثر مفهوم الإرهاب بالأزمة الأخلاقية التي يعاني منها العالم، والتي تمثلت في نسبية هذه الأخلاق وسيولتها بما يمكن منها من يتلاعبون بها وبقيمها لحسابهم، فباتوا يحجمون عن الاتفاق على مفهوم موحد للإرهاب خشية أن يقعوا تحت طائلته، فلم يميزوا حتى بين الدفاع عن الإنسان والاعتداء عليه، وانشغلوا فقط باستبعاد أنفسهم وحماية مواطنيهم من دون بقية الناس.
لأجل ذلك فإنه لم يعد هناك من سبيل لحل إشكاليات مفهوم الإرهاب إلا عبر الاتفاق على عناصر محددة لما يعد إرهاباً من عدمه، وأرى أن العنصر الرئيس دوماً أن يكون الاعتداء – فعلاً أو تهديداً – موجهاً إلى المدنيين الأبرياء (أي من غير أهل الممانعة والمقاتلة على حد تعبير الإمام ابن تيمية سالف الذكر) لتحقيق أهداف معينة، سواء كانت تلك الأهداف مشروعة أو غير مشروعة؛ فالاعتبار ينبغي أن يتوجه دوماً لحماية الإنسان وقيمه ومبادئه الأساسية، ومن ثم تحريم كل فعل يستهين به وبنفسه وعرضه وكرامته ومعتقده وماله وعقله، سواء كان الفاعل فرداً أو جماعة أو دولة، وهذا ما يدعو إليه الإسلام دوماً الذي حان الوقت للاعتراف الدولي لا ببراءته من الإرهاب، بل بأهمية ثوابته في الحماية من الإرهاب ومن الانحرافات الأخلاقية غير الإنسانية بصفة عامة، وخاصة تلك التي تفرق بين إنسان وآخر في الحقوق الأساسية التي تشمل الجميع.