روسيا.. احتفالات متنوعة
حول الاحتفال بالعيد في روسيا، يقول د. وسام البردويل، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا: إن الاحتفال بالعيد في روسيا أصبح خلال السنوات الأخيرة مؤشراً على الوجود الإسلامي بالبلاد، فالمسلمون هنا تجاوز عددهم 25 مليون مسلم، وصلاة العيد تحوّل المدن وكأنك في بلد مسلم، نظراً لكثرة أعداد المصلين، فبحسب وزارة الداخلية، بلغ عدد المسلمين في عيد الفطر الماضي بموسكو ربع مليون مصلٍّ.
وتكون أغلب الاحتفالات في المساجد، فليس كل بلديات المدن تمنح المسلمين ساحة أو حديقة لأداء صلاة العيد، وتتنوع عادات العيد بتنوع الشعوب والأعراق المسلمة، فالشعوب المسلمة تختلف في اللغات والأعراق، حتى إن لغة التواصل بين الجميع هي اللغة الروسية، ولهذا تجد الاحتفال متنوعاً؛ فهناك شعوب مسلمة، خاصة في شمال القوقاز، الأولوية في عاداتها خلال العيد هي صلة الأرحام وإعداد الموائد لإكرام الزوار، والمسلمون التتار لهم عاداتهم وأكلاتهم الخاصة، والبعض يقدمون هدايا بسيطة لمن يزورهم للمعايدة.
صربيا.. تهنئة جماعية
يقول د. خير الدين باليتش، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية في نوفي بازار: إن منطقة السنجق في صربيا والجبل الأسود لها خصوصيتها خلال رمضان، وهذه الخصوصية أيضاً تظهر في الاحتفال بالأعياد، حيث يجتمع المسلمون لصلاة العيد في المسجد، وبعد الصلاة يتبادل الناس التهاني بالعيد، ويشارك الجميع في الاحتفال، ويطوف الأطفال على كل بيوت المنطقة، والأهالي يعطونهم هدايا أو أموالاً، ثم يبدأ الأقارب في الزيارات والمباركة بالعيد، ومن العادات الجميلة هنا أن كل سكان المنطقة من الرجال يجتمعون في مكان بالحي يتقدمهم كبار السن أو الأئمة، ويقومون بزيارة كل البيوت لتهنئة الأهالي بقدوم العيد، كما يقدم الرجال الهدايا لأخواتهم الفتيات وكبار السن.
صلاة العيد في مالمو – جنوب السويد:
يحرص مسلمو مدينة مالمو في جنوب مملكة السويد على أداء صلاة العيد، ولكثرة المصلين تقام الصلاة في مصلى خارجي، تجتمع فيه عدة مراكز إسلامية.
وتعد صلاة العيد في مالمو أكبر تجمع لمسلمي إسكندنافيا، في عمل مشترك وموحد، يعطي حافزاً للمدن الأخرى لعمل نفس النشاط، فللسنة الخامسة على التوالي يصلي مسلمو مالمو صلاة العيد في حديقة عامة كبرى، تجاوز فيها عدد المصلين العام الماضي 6 آلاف مصلٍّ.
ويشرف على تنظيم صلاة العيد عدة مراكز الإسلامية في مالمو، أبرزها وأكبرها «الوقف الإسكندنافي»، و«الرابطة الإسلامية»، ويتطوع أكثر من 100 شخص لترتيب الصلاة، وتنظيم المسارات، وتوجيه المصلين للأماكن الفارغة، وفرش السجاد والحصير وكل ما هو متاح للصلاة عليه، وجميع الترتيبات الإدارية الأخرى.
وحرصاً على استيعاب الأعداد الغفيرة من المصلين، تم تأخير صلاة العيد إلى الساعة التاسعة صباحاً، إلا أنك ترى الناس يتسابقون إلى المصلى منذ السابعة صباحاً إحياء للسُّنة.
ويتم نقل تصوير الصلاة وخطبة العيد مباشرة عبر مواقع إلكترونية، وأحياناً محطات تلفزيونية داخلية.
ويحرص العديد من الناس على لبس الزي الشعبي لبلدهم الأم، ولا غرابة أن نجد دشداشة وغترة وعقالاً لشخص وحيد بين تلك الآلاف، يكون ضيفاً أو سائحاً.
وبعد خطبة العيد يهنئ الناس بعضهم بعضاً بالعيد وسط مشاعر الفرح والسرور، ثم ينقسمون إلى فئتين:
الأولى: يذهبون مباشرة إلى أعمالهم ومدارسهم، لأنه ليس يوم عطلة.
الثانية: يتوجهون إلى تجمعات عائلية أو زملائية، في البيوت أو المطاعم والمقاهي، وتناول إفطار العيد الذي لا يخلو من اللحم، وهؤلاء معظمهم إما متقاعدون، أو أخذوا إجازة في ذلك اليوم، أو أعمال حرة.
وصارت صلاة العيد صورة تميز مدينة مالمو عن غيرها من مدن إسكندنافيا، وأصبح يعبر عنها بشعار «مالمو غير».
صلاة العيد في ستراسبورغ – شمال شرق فرنسا:
تعد فرنسا من أكثر الدول الغربية استيعاباً للمسلمين من مختلف الأصول والأعراق، ويحرص المسلمون فيها على أداء صلاة العيد في كل مكان.
ويوجد في مدينة ستراسبورغ شمال شرق فرنسا مركز إسلامي متميز، يحوي مسجداً ومؤسسة تعليمية تسمى «معهد الأندلس»، وتقام فيه صلاة العيد بشكل مستمر، ويحضره الناس من كل مكان.
تقام صلاة العيد عادة في ساحة معهد الأندلس (مساحتها 1100م2)، وفي الحديقة الداخلية للمعهد، وفِي الساحات المجاورة، إلى جانب استخدام الشارع العام للصلاة ومساحته أكثر من 1500م2، ويغلق هذا الشارع لمدة 24 ساعة بمرسوم عمدة البلدية ليتمكنوا من استعماله للصلاة.
وقد تجاوز عدد المصلين 3 آلاف شخص، من الرجال والنساء والأطفال، شيباً وشباباً، وأشرف على المصلى أكثر من 50 متطوعاً، ويتم عادة نقل صلاة العيد تلفزيونياً عبر الإنترنت لعدة مواقع إلكترونية
(https://youtu.be/l55pMllDSxs).
ويحرص عمدة البلدية على حضور الصلاة، وكذلك نواب عمداء رؤساء البلديات المجاورة، وأعضاء المجلس البلدي، وممثل الشرطة، وبعض الدبلوماسيين المقيمين هناك، كون مدينة ستراسبورغ مقر الاتحاد الأوروبي، وبعض المسؤولين المحليين، الذين يحضرون بوقت مبكر ليشاهدوا هذا المنظر الرهيب من تدفق الآلاف نحو المصلى في وقت مبكر بالنسبة لهم (السابعة صباحاً)، وتقدم لهم الحلويات العربية والمغاربية التي يعشقها الجميع.
ويحرص خطيب العيد على الترحيب بهم قبيل الصلاة، وإتاحة الفرصة لهم لإلقاء كلمة للمصلين كونهم مواطنين فرنسيين.
ويتم توزيع الهدايا على الأطفال بعد صلاة العيد، والحلويات على الجميع، التي في الغالب تكون صناعة محلية من النساء المسلمات، وسط فرحة تعم الجميع.
وكعادة المصلين في بلاد غير المسلمين؛ إما أن ينطلقوا إلى أعمالهم ومدارسهم، أو إلى تجمعات عائلية أو زملائية، لتناول إفطار العيد.
أوغندا.. إفطار وغداء بالمسجد
عن استقبال العيد والاحتفال به في أوساط مسلمي أوغندا يقول د. هارون جمبا، الأمين العام لجمعية المدارس القرآنية في أوغندا: إن استقبال عيد الفطر لدى المجتمع المسلم في أوغندا لا يختلف كثيراً عن الدول العربية والإسلامية، حيث يبدأ المسلمون في الاستعداد لعيد الفطر مع بدء الأسبوع الثاني من رمضان، فيسارعون إلى شراء الملابس واحتياجات العيد، وفي العيد تكثر الموائد بين المسلمين، وبعد أداء صلاة العيد لا يرجع الناس إلى بيوتهم، وإنما يتناولون طعام الإفطار والغداء معاً في المسجد، وبعد الغداء تبدأ زيارات الأقارب والأصدقاء، كما أن سكان المدينة يعودون إلى قراهم لقضاء العيد مع الأهل والعائلة.
أفريقيا الوسطى.. ذبائح وتواصل مع غير المسلمين
يقول الشيخ زكريا أبو يحيى، داعية وناشط اجتماعي: يبدأ المسلمون في أواخر رمضان بشراء الملابس الجديدة للعيد، وهنا الملابس متنوعة؛ فمن الناس من يرتدي ملابس أفريقية مزركشة، وهناك من يرتدي ملابس قريبة الشبه بالبلاد العربية، وفي صباح يوم العيد يجتمع المسلمون للصلاة في المساجد معاً، ثم يبدؤون في التزاور والمباركة بقدوم العيد، ومن المسلمين من اعتاد أن يذبح في صباح يوم عيد الفطر على حسب قدرة كل بيت.
ومن الأمور المميزة هنا في أفريقيا الوسطى أننا كمسلمين نتبادل التهاني والزيارات في العيد حتى مع غير المسلمين، فيكون فرصة للتقارب والمودة أكثر بين كل مكونات المجتمع حتى من غير المسلمين.
تايلاند.. إفطار جماعي بالمسجد
يمثل المسلمون في جنوب تايلاند حضوراً ملحوظاً، فالنسبة الأكبر منهم تتركز في الجنوب بمحافظاته الخمس (فطاني، جالا، ناراتيوات، ستول، جزء من سونكلا)، ويشكلون نسبة %80 من مسلمي تايلاند، وهناك المحافظات الجنوبية الأعلى، مثل فوكيت، وكرأبي، وفتلونج، وسوراتتاني، وغيرها، التي يقطنها نسبة لا بأس بها من المسلمين.
وعن احتفالات عيد الفطر لدى مسلمي تايلاند، يقول د. عبدالقادر فطاني، محاضر في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية جامعة الأمير سونكلا: أما بالنسبة للعيد هنا، يبدأ الناس بشراء ملابس العيد خاصة في العشر الأواخر، ويقومون بتنظيف البيوت، ويشترون الأطعمة اللازمة ليوم العيد، ويقومون بتنظيف المساجد وتزيينها، ومن يعيش من العائلة في مدينة أخرى أو يعمل يأتي لقضاء العيد بين الأهل.
ومن عادات المسلمين في تايلاند أن يفطر كل أهالي منطقة معاً صباح يوم العيد في المسجد، ثم يتجه الناس لتقديم التهنئة لأهل بيته من الوالدين والإخوة، فاليوم الأول للعائلة، يعدون الطعام معاً في بيت العائلة، واليوم الثاني لزيارة الأقارب، أما ثالث أيام العيد فهو للأصدقاء، وبالنسبة لكبار السن يبدؤون مباشرة بصيام ستة من شوال، وبعد الانتهاء من صيامها يحتفلون بإتمام صيام هذه الأيام الستة، ويتم التزاور في كل بيت من الصباح إلى المساء.
باراجواي.. احتفال جماعي بالمركز الإسلامي
يقول الشيخ إبراهيم الألفي، إمام المركز الإسلامي في العاصمة أسونسيون: يبدأ الاستعداد للعيد قبل قدومه بأيام، حيث يتم تنظيف المركز الإسلامي وتزيينه وتجهيز ألعاب للأطفال، وفي صباح يوم العيد، وبعد الصلاة وخطبة العيد، يكون هناك إفطار عام لجميع المسلمين داخل المركز، وهنا في الباراجواي توجد 3 مدن رئيسة تقام فيها شعائر رمضان كصلاة التراويح والإفطار، وأيضاً احتفالات العيدين؛ وهي المركز الإسلامي في العاصمة أسنسيون، والمركز الإسلامي في إنكرناسيون على حدود الأرجنتين، والمركز الإسلامي أو مسجد سيودادليسته على حدود البرازيل، والاحتفالات تكاد تكون متطابقة في المراكز الثلاثة، حيث يكون الهدف توفير مناخ الأعياد للمسلمين في وسط مجتمع غير مسلم.
الولايات المتحدة.. احتفالات متنوعة
حول احتفالات العيد يقول الشيخ كفاح مصطفى المرعبي، مدير مركز الصلاة في أورلاند بارك بشيكاغو: في شيكاغو يمكن أن نعتبر أن هناك مسارين في الاحتفال بالعيد؛ أولهما مسار العائلات المسلمة المهاجرة، وهؤلاء يكون بينهم تزاور وتهنئة بالعيد بعد الصلاة، فالجاليات العربية والمسلمة تحتفظ بجزء كبير من عادات بلادها التي جاءت منها، وهناك جمعيات تمثل كل جالية، ويتم تنظيم احتفالات جماعية وألعاب للأطفال لا يشترط أن تكون يوم العيد، وإنما في عطلة نهاية الأسبوع، أما المسار الآخر فهو يخص المسلمين الجدد، وهؤلاء يتم عمل احتفال لهم ودعوتهم مع بعض الأسر المسلمة، ليعيشوا روح وفرحة الأعياد.
جامعة أمريكية.. وعطلة العيد
خرج أحد الأساتذة من إحدى الجامعات الأمريكية من الدوام قائلاً لصاحبه: تهانينا.. غداً عطلة لأنه عيد لدى المسلمين.
نعم.. فقد استطاع رئيس المركز الإسلامي في تلك المدينة الصغيرة إقناع إدارة الجامعة بأنه من حقهم كمواطنين أمريكيين أن يأخذوا عطلة في يوم العيد، ووافق مجلس الجامعة على ذلك الطلب، وبدل تخصيص العطلة للمسلمين فقط، جعلوه عطلة رسمية للجميع.
ولعل كثيراً من الحكومات الغربية ليس لديها مانع من اعتبار يوم العيد عطلة رسمية للمسلمين، وكل المطلوب منهم تحديد يوم العيد قبل وقت كاف، وهذا ما جعل كثيراً من المراكز الإسلامية الاتجاه نحو التقويم الفلكي لتحديد يوم العيد، لما فيه من مصالح للمسلمين في عدة اتجاهات.>