– إجماع وطني وشعبي رافض للمخططات الأمريكية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية
– 3 من كل 4 «إسرائيليين» يرون أنها ستفشل وفرص نجاحها ضعيفة للغاية
– قلة استطلاعات الرأي العالمية التي تقيس اتجاهات المزاج العام حولها
– 99.3 % من عينة 1100 شخص أكدوا أن انقسام الفلسطينيين يشجع الإدارة الأمريكية على تمريرها
برغم أن الحديث عن «صفقة القرن» يشغل وسائل الإعلام والشعوب المعنية بالصفقة أو الراعية لها، فإن القليل من هذا الحديث المتنامي حاول التعرف على آراء الناس ومزاجهم العام فيما يُطرح من أفكار وموضوعات مرتبطة بتلك الصفقة؛ فمن خلال البحث في قاعدة بيانات بنك استطلاعات رأي عن كلمة «صفقة القرن» (Deal of the Century)، لم أجد أي استطلاعات للرأي حتى تاريخ كتابة هذا المقال، وثمة نتائج بسيطة تحت عنوان “خطة ترمب” (Trump Plan) أو “خطة كوشنر” (Kushner Plan)، أو ما يُطلق عليها اسم “مبادرة الشرق الأوسط”، وغيرها من المسميات المتشابهة، ولكنها لم ترتق لتكون شأناً يثير انتباه الأمريكيين ومستطلعي الرأي.
لقلة استطلاعات الرأي العالمية التي تقيس اتجاهات المزاج العام حول «صفقة القرن»، إلا تلك التي نُشرت في فلسطين والكيان «الإسرائيلي»، حيث اتضح أن هناك استطلاعات للرأي تمت في عامي 2018 و2019م، بيَّنت رفض ما يقرب من ثلاثة أرباع الفلسطينيين (73.4%) للصفقة التي تقوم ببساطة على مقايضة الأرض بالمال، وهي النسبة التي تشهد زيادة مستمرة خاصة في ظل تلاحق الأحداث المرتبطة بالمنطقة، مثل: إعلان «ترمب» للقدس عاصمة لـ»إسرائيل»، واعتبار الجولان أراضي إسرائيلية، وأخيراً انعقاد مؤتمر البحرين أو ما يُسمى بورشة عمل البحرين يومي 25 و26 يونيو 2019م.
ورفض السلطة الفلسطينية والرئيس الفلسطيني محمود عباس المشاركة في المؤتمر برغم الضغط الأمريكي وبعض دول الخليج، وهي كلها أسباب من شأنها زيادة الرفض لدى الفلسطينيين، وهو ما أثبتته نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز القدس للإعلام والاتصال بالتعاون مع مؤسسة «فريدريش إيبرت» في أبريل 2019م، الذي أوضح أن تلك الصفقة لا تتفق مع المزاج الشعبي الفلسطيني، حيث ظهر أن الغالبية العظمى منهم يرفضون إتمام «صفقة القرن»، وبالطبع هذا مع الانتباه إلى أنها ليست نفس الجهة التي أجرت استطلاع الرأي الذي تم في عام 2018م.
أما بالنسبة لموقف الفلسطينيين من بعض تفاصيل الحلول المتداولة، فقد رفضت الأغلبية (78.4%) أن تتضمن تلك الحلول أي اتفاقية سلام تفيد بتبادل للأراضي بين «إسرائيل» ودولة فلسطين، كما رفضت الغالبية أيضاً (83.9%) أن تتضمن أي اتفاقية سلام مستقبلية بقاء سيطرة أمنية إسرائيلية على أجزاء من الدولة الفلسطينية، وفيما يتعلق بمستقبل اللاجئين الفلسطينيين، رفض نسبة 63.4% من المستطلعين أن يتضمن أي اتفاق سلام مستقبلي اندماج اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المجاورة، مقابل 32.3% قالوا: إن ذلك مقبول لهم.
وفي استطلاع رأي آخر أحدث أجراه مركز الدراسات وقياس الرأي العام بجامعة الأقصى في محافظات قطاع غزة خلال الفترة من 18 – 23 يونيو 2019م، تبين أن هناك إجماعاً وطنياً وشعبياً رافضاً للمخططات الأمريكية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، بدءاً بـ»صفقة القرن»، وانتهاء بمؤتمر البحرين، كما أن 99.1% من أفراد العينة أكدوا أنهم يؤيدون موقف منظمة التحرير الفلسطينية المعارض للصفقة، كما توصل الاستطلاع إلى أن نسبة 97.6% من أفراد العينة البالغ عددها 1100 شخص يعتقدون أن الظروف المحلية والإقليمية والدولية ساهمت في طرح «صفقة القرن» من الأساس، ومن جهة أخرى توصل الاستطلاع إلى أن نسبة 99.3% من أفراد العينة أكدوا أن استمرار الانقسام الفلسطيني يشجع الإدارة الأمريكية على تمرير الصفقة، كما أوضحت نتائج الاستطلاع بأن مؤتمر البحرين محاولة لتسويق الصفقة على الفلسطينيين، وبنسبة تأييد 98.9%، وهذه النتائج المرتفعة منطقية حينما نتذكر أن الاستطلاع مقتصر على أهل غزة.
الرأي العام «الإسرائيلي»
على الجانب الآخر، وفيما يتعلق بالرأي العام الإسرائيلي، أوضحت نتائج استطلاعات الرأي أعده «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» أن الإسرائيليين يرون أن الصفقة ستفشل، حيث أقر بذلك ثلاثة تقريباً من كل أربعة إسرائيليين، خاصة مع اعتقادهم بأن خطة الولايات المتحدة المنتظرة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ستفشل، وأن فرص نجاح خطة السلام هذه ضعيفة أو حتى ضعيفة للغاية، مقابل أقل من 5% فقط من المستطلعين مقتنعين بأن هذه الفرص طيبة جداً، وذلك على الرغم من أن غالبيتهم يقرّون بأن جهود الرئيس الأمريكي «دونالد ترمب» تصبّ في مصلحة «إسرائيل».
كما أعرب 77% من المشاركين في نفس الاستطلاع عن قناعتهم بأن مصالح الإسرائيليين مهمة بالنسبة للرئيس الأمريكي «دونالد ترمب»، بينما لم يتجاوز نسبة الذين يعتقدون أنه يراعي مصالح الفلسطينيين 30% من المستطلعين اليهود، و3.5% فقط من العرب.
من الواضح أن «صفقة القرن» مرفوضة بالنسبة للفلسطينيين، وأن هناك العديد من المطالب الفلسطينية التي تضمن لهم البقاء والعيش في أرضهم، التي لم يعد أحد ينصت إليها، فـ«صفقة القرن» قفزت من حوارات شفاهية لما يزيد على عام إلى مؤتمر عملي لتقديم مليارات الدولارات هنا وهناك، وهو ما نتج عنه حالة واسعة من الجدل، والرفض القاطع من جانب العديد من الدول العربية، مثل الكويت.
ومن المتوقع بعد انتهاء مؤتمر البحرين وتكشّف خيوط وملامح الصفقة أن تزداد بعض استطلاعات الرأي التي يُمكن في ضوئها عرض المزاج العام بشفافية ووضوح كما هو معتاد في تنفيذ بعض استطلاعات الرأي في موضوع الصراع العربي – الإسرائيلي، مع طرح مشاريع أو مبادرات تسوية كما حدث مع المبادرة العربية وغيرها، ويبدو -بكل أسف- أن نتائجها ستميل نحو القبول التدريجي لهذه الصفقة مع الضغط الأمريكي والحالة العربية المتردية والإعلام الرسمي.
_______________________
(*) مشرف عام مركز عالم الآراء.