نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مقالاً لأحد كبار الباحثين الألمان في الطب يقول فيه: إنه استخدم الصيام لمساعدة مرضاه المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والروماتيزم وأمراض البطن وصداع الشقيقة والتهاب المفاصل.
وورد في المقال -الذي كتبه الأستاذ في المركز الطبي بجامعة شاريتي في برلين د. أندرياس مايكلسن- أن الصيام أحد أكبر التوجهات التي برزت في السنوات الأخيرة لخفض الوزن.
مضيفاً أنه شخصياً استخدم ما يُسمى الصيام على فترات متقطعة لمساعدة مرضى كانوا يعانون من عدة أمراض مزمنة، مثل: السكري، وارتفاع ضغط الدم، والروماتيزم، وأمراض البطن، وكذلك الآلام مثل صداع الشقيقة والتهاب المفاصل.
الصيام المتقطع
قال مايكلسن: إن هناك طرقاً مختلفة للصوم، لكنه أوصى مرضاه بعدم تناول وجبة الفطور أو وجبة الغداء حتى تمضي 14 ساعة مستمرة -على الأقل- بعد آخر وجبة.
مشيراً إلى أن هذا يجعل وجبة الغداء هي الأهم خلال اليوم، كما أنه يقلل الوقت الذي يُنفق يومياً في تعامل الجسم مع الطعام، ويطيل الوقت الذي يُنفق على تنظيف خلايا الجسم وصيانتها، وهما أمران لهما نتائج صحية إيجابية.
وأوضح أن هناك منطقاً في الامتناع عن الأكل لفترة محددة، حتى وإن تم تناول أي كمية من الطعام، مهما كثرت في الفترة الأخرى.
فعندما نأكل فإن أجسامنا تفرز أنسولين، وهو أمر يعيق العملية التي تُسمى “الالتهام الذاتي” التي تقوم بواسطتها الخلايا بتفكيك المكونات القديمة المحطمة لكي تطلق الطاقة وتبني جزيئات جديدة.
وتساعد عملية “الالتهام الذاتي” في إبطال شيخوخة الخلايا وبناء المناعة، كما يقول الكاتب، مؤكداً أن الصيام يشجع عملية الالتهام الذاتي ويسمح بعملية الجزيئات على العمل بكامل قوتها.
العقل السليم في الصيام
إن الصيام يمكن أن يسهم في تحسين صحة المخ والتمتع بالسعادة، ونقل عن تجارب معملية على الحيوانات بمختبر دكتور ماتسون بالولايات المتحدة أن الحيوانات التي صامت فترات متقطعة أظهرت قابلية أقل للإصابة بالشلل الرعاشي (باركنسون) والتصلب المتعدد وألزهايمر.
وفيما يتعلق بأي الوجبات التي يجب عدم تناولها إذا أراد الشخص الصيام فترات متقطعة، يفضل د. مايكلسن عدم تناول وجبة الفطور والاكتفاء بالقهوة وقليل من الزبدة في الصباح عند الاستيقاظ من النوم، وتناول وجبة غداء دون قيود في كميتها، مهما كثرت.
فوقت الغداء هو الوقت المثالي لحرق السعرات الحرارية واحتياج الجسم لأكبر كمية من الطاقة، وهذا بالطبع يخالف الحكمة المأثورة التي تقول: “افطر كأنك ملك، وتغدى كأنك أمير، وتعشى كأنك فقير”.
وقال الكاتب أيضاً: إن الصيام ربما يساعد في منع عودة السرطان، كما تشير النتائج الأولية لدراسة أجراها باحثون بجامعة كاليفورنيا ونُشرت عام 2016.
الصيام تدريب روحي
وختم مايكلسن مقاله بالقول: إن الصيام هو أكثر من مجرد تقييد السعرات الحرارية أو المواد الغذائية، مشيراً إلى أنه بالنسبة لكثير من الناس تجربة روحية أيضاً، إذ يواجه البشر على مدار حياتهم العديد من أنواع النقص، سواء كان ذلك في المال أو الإنجاز أو التواصل مع الآخرين.
وفي الصيام يتخلى الإنسان -عن وعي- عما يرغب في الحصول عليه، أو التمتع به، أي أنه تمرين على الحرمان الواعي للنفس، وهذا هو السبب في أن الصيام الناجح يزيد الفعالية الذاتية، لأننا نتغلب على حاجة غريزية بطريقة تعطينا القوة البدنية والعقلية.
وختم الكاتب باقتباس عبارة رائعة وردت في رواية هيرمان هيس “سيدهارثا”: “السحرة لا يفعلون شيئاً، لا يوجد سحرة، يمكن لأي شخص أن يأتي بأفعال ساحرة، ويمكن لأي شخص تحقيق أهدافه إذا كان يفكر، وإذا كان يستطيع الانتظار، وإذا كان يستطيع الصيام”.