– رحل مصحوباً برثاء ودعوات العلماء والأمراء والفقراء والتلاميذ والشعراء لمآثره الخيرية والدعوية
– كان له دور في الدفاع عن القضية الكويتية بعد الغزو العراقي الغاشم في المحافل الإقليمية والدولية
تتدافع الأيام، وتتزاحم الليالي، وتظل ذكرى الصالحين تتعمق في نفوس الجميع؛ لما لمسوه من الفهم السديد، والإيمان القويم، والعمل الدؤوب لنصرة هذا الدين، وظلوا كذلك حتى لقوا الله وهم على ذلك.
في يوم الأحد 10 شعبان 1427هـ، الموافق 3 سبتمبر 2006م، ودَّع المجاهد الشيخ عبدالله المطوع (أبو بدر) الدنيا بعد رحلة طويلة عاشها في ميادين الجهاد المختلفة.
رحل المطوع مصحوباً برثاء ودعوات العلماء والأمراء والمحبين والفقراء والدعاة والتلاميذ والشعراء؛ لما تركه في نفوسهم من تأثير تربوي ومواقف عملية وأعمال خيرية نابعة من فهمه لدينه.
ولد الشيخ عبدالله بن علي بن عبدالوهاب المطوع القناعي عام 1345هـ/ 1926م بالكويت، ونشأ في أجواء عائلية ملتزمة، وتلقى تعليمه الأوليّ في الكويت، وعمل جاهداً على التقرب من العلماء وأصحاب الهمم العالية من العاملين للإسلام، وكان شقيقه الأكبر عبدالعزيز معاوناً له على ذلك.
الصحبة الصالحة
عند بلوغه سن الرابعة عشرة اشتغل في العمل التجاري وتنمية الموارد، وظل يتمرس في هذا المجال مما أهَّله لمزيد من معرفة الرجال، خاصة المنتمين للحركات الإسلامية، وفي مقدمتها «حركة الإخوان المسلمين»، التي التقى بمؤسسها الشيخ حسن البنا في رحلة الحج عام 1367هـ/ 1946م، حيث كان بصحبة شقيقه عبدالعزيز؛ فتأثرا بمنهج البنا في العمل للإسلام، وقد أهداهما كتابين كان لهما تأثير كبير على الرجلين، ومن ثَمَّ عادا وفي نيتهما السير على خطاه.
لم يكن من طبيعة عبدالله المطوع ولا شقيقه الركون للراحة أو الدعة؛ فحمل على عاتقه نقل الفكر العملي للإسلام إلى الواقع، وبالفعل أسهم في تأسيس «جمعية الإرشاد الإسلامي» عام 1371هـ/ 1952م، كأول عمل إسلامي مؤسسي بالكويت، التي أصبحت بعد ذلك «جمعية الإصلاح الاجتماعي» في مطلع الستينيات، وأصبح رئيس مجلس إدارتها.
تحركه عند الاحتلال
ظل المطوع مجاهداً ومنافحاً عن قضايا وطنه، ووقف بجانب قضية بلاده الكويت ونافح عنها بكل طاقته في جميع المحافل، وكان له دور كبير في الدفاع عن القضية الكويتية بعد الغزو العراقي الغاشم عام 1990م في المحافل الإقليمية والدولية، ومطالبة الدول العربية بالتعاون لطرد الغازي العراقي، واستثمر علاقاته مع العديد من التجار ورؤساء المراكز الإسلامية في مختلف دول العالم للوقوف مع الكويت، ونجح في ذلك.
كما كان له دور كبير في التوفيق بين التيارات السياسية لإنجاح مؤتمر جدة.
علاقته مع الحكومة
تعد علاقته مع الأسرة الحاكمة والسلطة السياسية في الكويت متميزة، فقد كان يذهب بنفسه شخصياً لسمو الأمير ليقدم له الرأي والمشورة والنصيحة، وكان يتواصل دوماً مع كبار الشيوخ والمسؤولين.
فلسطين في حياته
عمل كثيراً من أجل القضية الفلسطينية، ودعمها، ويذكر م. إبراهيم غوشة، أحد أعلام الحركة الإسلامية بفلسطين، في مذكراته، «أن الأخ المطوع كان له الدور الكبير في إقامة معسكر الشيوخ بمنطقة الأغوار في الأردن لمناجزة اليهود، وكان يقدم لهم الدعم المادي والمعنوي، بل كان يشجع الفلسطينيين المتواجدين في الكويت بالعودة لفلسطين للجهاد ضد اليهود».
وليس ذلك فحسب، بل وقف مع قضية الشعب الأفغاني، ودعم المجاهدين وقام بزيارتهم.
أعمال خيرية كثيرة
كان عبدالله المطوع من أبرز رجالات العمل الخيري، محباً له، ومنفقاً سخياً على جميع أوجه البر والخير، وكان يستقبل بمكتبه أصحاب الحاجات، ويسعى جاهداً إلى تلبية احتياجاتهم، حتى أصبح من الشخصيات البارزة في الكويت ومن أهل الخير والصلاح، وصاحب أيادٍ بيضاء كثيرة في مساعدة المحتاجين ونشر الخير بين الناس.
قالوا عنه
قال المستشار عبدالله العقيل: يشهد الله أنه كان سبّاقاً في كل ميدان من ميادين الخير، لا يجاريه أحد من أقرانه وإخوانه، وكان صاحب دعوة، ومربياً من الطراز الفريد المتميز الذي يسع الصغير والكبير، والأمير والفقير؛ بحيث يترك أطيب الأثر في النفوس لصدق نيته ونبل غايته، وحسن أسلوبه، وسعة صدره في استيعاب المخالفين من إخوانه أو خصومه على حد سواء، وكان يتميز بالصبر والمصابرة والعمل الدؤوب لتحقيق ما يؤمن به من أهداف الإسلام.
رحم الله أبا بدر المجاهد الشيخ عبدالله المطوع، حيث ترك في نفوس الجميع أثراً وبصمات، وخلف من الأعمال التي نحسبها تشهد له بالخير أمام الله سبحانه.