ودعت مدينة ظفار العمانية المهندس “مسلم حوف قطن”، أحد قادة العمل الإسلامي والخيري زوكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية سابقا؛ حيث وافته المنية وهو يقرأ القرآن بعد صلاة الفجر يوم السبت الماضي.
ويعد المهندس مسلم قطن من الشخصيات العظيمة التي ساهمت في أكثر من موقع في وطنها؛ حيث شغل منصب وكيل وزارة الزراعة، وكان عضوا للمجلس الاستشاري للدولة؛ وكذلك كان له دور في القطاع الخاص؛ إذ أسس مكتب ابن خلدون والمدائن للاستشارات الهندسية؛ حيث قدم خبراته في العديد من المشاريع التنموية.
وفوز انتشار خبر وفاة المهندس قطن نعاه الآلاف من محبيه ومواطنيه على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث انتشر على موقع تويتر وسم “رحيل المهندس مسلم حوف قطن“؛ حيث حوى العديد من مآثره وأدوراه في العمل الخيري والإسلامي.
العف النبيل
وتحت عنوان “مسلم قطن: العفُّ النبيل” كتب الدكتور عبدالله الغيلاني نعيا للفقيد جاء فيه:
عرفته منذ نيفٍ وثلاثين عاماً، لم تكن العلاقة خلالها علاقة كمية تقاس بعدد الأعوام، بل كانت علاقة نوعية خيطها الناظم “نهضة الأمة، و”نصرة الإسلام” ومظلتها الجامعة “القيام بالقسط”، والدعوة إلى الحق.
وكما هي الحال في مثل تلك السياقات، فقد كانت مكتنزة بجدل لا يكاد يخبو حتى ينبعث وحوارات لا تلبث أن تهدأ لتجد ما يستفزها فتعود أشد توهجاً وأكثر اضطراما؛ نتفق حيناً ونختلف تارة. لم يكن جدلاً هازلاً بل حجاجاً يدور حول هموم الأمة ويسعى إلى تلمس أدوائها ورتق فتوقها، وعند هذه المحكات تتكشف معادن الناس وتستبين طوياتهم وتظهر خصائصهم. ثلاثون عاماً ما وقفت منه على لفظ فاحش أو كلمة نابية، أو قول مسف، بل لم أرَ منه عبوساً ولا غلظة… كان عف اللسان طاهر القول جزيل اللفظ مع قوة في الحجة وثبات على الموقف.
عرفه الناس بعنوانه المهني الأبرز: وكيلاً لوزارة الزراعة. وغابت عنهم مآثره الكبرى التي قضى عمره يحرث أرضها ويتعهد غراسها حتى أينعت. نعم، لقد أبلى في الوظيفة العامة بلاءً حسناً، ثم خرج منها نظيف اليد لم يتلوث بشيء من لعاعتها، وتلكم هي سجية من يموتون في المساجد بين صفحات القرآن. ولكن محامده أوسع من أن تُختزل في وظيفة عامة شغلها ثم انصرف عنها.
إن الفكرة الإسلامية المعتدلة التي اعتنقها ثم طفق يبشر بها لهي المرتكز الذي قامت عليه جل شمائله، وتشكلت تبعاً له جل مسلكياته واستقرت جل خياراته. فالحمد لله أولاً ثم لمدرسة الاعتدال الإسلامي التي ما فتئت تخرج رجالاً هم منارات هدى ومعالم إرشاد، ولا غرابة… فتلكم هي مخرجات المحاريب.
كان أبو أحمد نبيلاً بفطرته، وأحسب أن تربيته الدعوية قد كرست فيه تلك السجية حتى استحكمت في بنيته النفسية وطغت على شمائله كلها -وما أكثرها-، فلا يرفع له لواء إِلَّا اتبعه، ولا تعترضه سانحة إِلَّا اهتبلها، ولا يطرقه طارق إِلَّا أجابه.
و لو شئنا أن نلبس أبا أحمد وصفاً جامعاً لما وجدنا أدق من “العفّ النبيل” نحسبه كذلك والله حسيبه وهو حسبنا ونعم الوكيل.
تلك شهادتي فيه، وما شهدت إِلَّا بما علمت، وما كنت للغيب حافظاً.
واللهَ أسأل أن ينزله منازل الصديقين، وأن يجعله فوق كثير من خلقه يوم القيامة، ويبوئه من الجنة منزلاً.