نشرت مجلة ناشيونال إنترست تدوينة للكاتب روبرت فارلي تحدث فيها عن أبرز الأماكن التي من المرجح أن تنطلق منها الحرب العالمية الثالثة.
وأشار الكاتب (وهو محاضر زائر في الكلية الحربية التابعة للجيش الأميركي) إلى أنه يوجد في العالم العديد من النقاط الساخنة التي يمكن أن تؤدي إلى حرب عالمية، مضيفا أن العالم تجنب الحرب بين القوى الكبرى منذ سنة 1945، رغم أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي اقتربا تماما من الحرب في عدة مناسبات خلال الحرب الباردة.
وأورد الكاتب أنه مع استمرار قوة الصين، وزيادة رفض روسيا للنظام الدولي على ما يبدو؛ عاد صراع القوى العظمى إلى القائمة.
بحر جنوب الصين
أصبح بحر جنوب الصين مغلفا بالصراع التجاري المتنامي بين الولايات المتحدة والصين، لكن هذا الصراع يتمثل الآن في الخطاب الساخن والتعريفات الجمركية وتبادل العقوبات الاقتصادية.
وصعدت الولايات المتحدة وكندا الصراع باعتقال المديرة التنفيذية لشركة هواوي الصينية منغ وانزو؛ مما دفع الصين لاتخاذ خطوات ضد المواطنين الكنديين والشركات الأميركية.
حتى الآن، لم يرتبط الصراع في بحر جنوب الصين بالحرب التجارية، ولكن مع تدهور العلاقات بين البلدين، قد يعمد أحد الطرفين إلى التصعيد إلى ما هو أبعد من الملفات الدولارية والخطابات والقضايا القانونية.
ولكن إذا أدركت الصين والولايات المتحدة أن العلاقات التجارية بينهما في خطر، وأن الصراع في تزايد، فإن أيا منهما قد يخلع القفازات (اتخاذ خطوات أكثر عدائية) في بحر جنوب الصين.
أوكرانيا
العالم يتذكر حادثة سيطرة روسيا على زوارق أوكرانية في ممر بحر أزوف، التي أدت إلى اندلاع توتر بين البلدين، كما أن إعلان الحكومة الأوكرانية الأحكام العرفية في البلاد يشير إلى إمكانية اندلاع فوضى في أوكرانيا.
الشيء المؤكد أن روسيا ليست مهتمة بزعزعة استقرار الوضع القائم في أوكرانيا قبل الانتخابات المقررة في أبريل المقبل، لكن هذه الانتخابات التي لن تُحدث تغييرا حقيقيا، قد تقود إلى حالة من عدم اليقين.
وفي ظل التوتر المتواصل بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، فإن أي تغيير (في أوكرانيا) وإن كان بسيطا، سيهدد التوازن الصعب الذي استمر سنوات، وهو ما من شأنه أن يذهب بأوروبا الشرقية إلى الفوضى.
الخليج
الأزمة السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط ذهبت إلى حالة من عدم الاستقرار؛ فالضغوط الاقتصادية على إيران مستمرة، والولايات المتحدة الأميركية تتخذ خطوات أكثر عدوانية تجاه إيران لتقويض تجارتها.
لا توجد مؤشرات على تراجع حرب السعودية في اليمن، وبينما تنحدر وتيرة الحرب في سوريا إلى حريق منخفض وبطيء، فإن روسيا والولايات المتحدة ما زالتا ملتزمتين بدعم شركائهما ووكلائهما.
لكن مثل أي حريق بطيء قد يندلع مجددا؛ فالاضطراب السياسي في إيران قد يقوض استقرار المنطقة، سواء عبر انتهاج طهران سلوكا عدائيا، أو محاولتها استهداف أحد أعدائها.
ويمكن أن يتحول التوتر بين الأتراك والأكراد في سوريا والعراق إلى صراع مفتوح في أي وقت.
ونظرا إلى الأهمية الإستراتيجية للمنطقة، فإن أي عدم استقرار يمكن أن يؤدي إلى صراع بين الولايات المتحدة وروسيا أو حتى الصين.
شبه الجزيرة الكورية
ومما لا شك فيه أن التوترات في شبه الجزيرة الكورية انخفضت كثيرا العام الماضي، والواقع أن آفاق السلام الدائم أكثر إشراقا بالتأكيد الآن من أي وقت مضي منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين.
لكن المزالق ما زالت خطيرة، فقد وضع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مكانته على المحك من خلال السعي لاتفاق مع كوريا الشمالية، التي لم تعمد إلى تعليق تجاربها الصاروخية.
فإذا ساءت العلاقة بين ترامب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، فإن العلاقة بين واشنطن وبيونغ يانغ ستسوء سريعا.
وخلاصة القول أن الوضع في شبه الجزيرة الكورية يبقى أكثر خطورة مما توحي به التوقعات الأكثر تفاؤلا.
أماكن غير متوقعة
القوى العظمى تميل إلى استخدام الموارد الدبلوماسية والعسكرية والسياسية إزاء الصراعات التي نعتقد أنها الأكثر خطورة، في حين لا تتلقى الصراعات الأقل أهمية اهتماما كافيا.
فالصراع التخريبي قد يندلع في البلطيق وأذربيجان وكشمير أو حتى فنزويلا، لكن الولايات المتحدة والصين وروسيا لا تعيرها بالا كثيرا.
وخلاصة القول أن النقاط الساخنة في العالم قد تتغير مع مرور الوقت، لكن أسس الصراع -أي تدهور الهيمنة العسكرية الأميركية والنظام العالمي المرافق لذلك- يعني أن المستقبل القريب قد يصبح أكثر خطورة من الماضي.