جهاز كمبيوتر أو هاتف ذكي متصل بالإنترنت، وبطاقة إلكترونيّة مرتبطة مع الحساب البنكيّ الخاصّ بك، هو كل ما تحتاج إليه لتقوم بعملية التجول بين العشرات من المتاجر الإلكترونية، ومشاهدة البضائع المعروضة، والمقارنة بين أسعارها، إلى أن تقوم بإتمام عملية شراء حاجاتك في غضون دقائق معدودة وأنت جالس على كرسيك الوثير تحتسي قهوتك، ومن دون الحاجة لتكبد عناء النزول للأسواق التقليدية، حيث تعرف التجارة الإلكترونية بأنها أي عملية بيع أو شراء أو تبادل المنتجات والخدمات والمعلومات باستخدام شبكة الإنترنت.
بالرغم من التطور والتقدم الكبير في قطاع تكنولوجيا المعلومات الذي يشهده العالم منذ سنوات، فإن البعض ما زال يعتقد أن هذا التقدم الهائل ينحصر تأثيره فقط في زيادة الرفاهية لدى الأفراد، وليس له انعكاسات وتطبيقات مهمة في مجال الأعمال، وإذا أردنا أن نعرف أهمية التجارة الإلكترونية، فلا بد من قراءة الأرقام والإحصاءات لمعرفة مدى تغلغل ونمو هذا النوع من التجارة في حياتنا اليومية أكثر من أي وقت مضى.
هذا، ويقدر عدد سكان العالم في نهاية عام 2019م بحوالي 7.5 مليار إنسان، يتصل 61% منهم بشبكة الإنترنت، مقارنة بـ49% عام 2015م، نصفهم تقريباً من الشريحة العمرية ما بين 25 – 54 عاماً(1)؛ الأمر الذي يعكس حجم إقبال الفئة العمرية الشابة والمتوسطة على التجارة عبر الإنترنت.
ويتوقع خبراء أن يتزايد الإقبال على التعاملات الإلكترونية في السنوات المقبلة، خصوصاً مع نمو سوق العملات الإلكترونية وتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي.
أرقام عالمية
وبإطلالة سريعة على حجم التجارة الإلكترونية العالمية، يتضح جلياً نمو هذا القطاع المهم عاماً بعد عام، حيث بلغت ما يقارب 4 تريليونات دولار هو الحجم الإجمالي للتجارة الإلكترونية بالعالم، منها 2130 مليار دولار من خلال تجارة التجزئة الإلكترونية تم تسجيلها عام 2018م، بحسب منظمة التجارة الإلكترونية (E-Commerce foundation)، وهي منظمة مستقلة تسعى لتعزيز التجارة الرقمية العالمية، ويزداد حجم التجارة الإلكترونية بمعدل 11% تقريباً سنوياً.
وبحسب شركة أبحاث السوق “Statista”، من المتوقع وصولها إلى 4.5 تريليون دولار أو أكثر في عام 2021م، هذا وبلغت مبيعات التجزئة الإلكترونية 12.1% من مبيعات التجزئة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بينما كانت 1.8% من مبيعات التجزئة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وقدر عدد الأشخاص الذين يشترون السلع عبر الإنترنت بنحو 1.66 مليار شخص(2).
ومن المتوقع أن تصل عائدات التجارة الإلكترونية عالمياً إلى 2700 مليار دولار بحلول عام 2023م، ويهيمن قطاع النسيج والملابس على أكبر حصة من المبيعات بحوالي 600 مليار دولار متوقعة مع نهاية العام الجاري، يليه قطاع الإلكترونيات بأكثر من 430 ملياراً(3).
ويرى خبراء مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن معظم أنماط التجارة الإلكترونية تتم بين الشركات إلى المستهلكين (B2C)، وترتكز في منطقة آسيا بنسبة 44%، وتعتبر قارة أوروبا الأعلى إنفاقاً لكل متسوق إلكتروني، ويعزى ذلك إلى النسبة المرتفعة لاستخدام الإنترنت، وأكد الخبراء أن ما بين 60 و80% من المتسوقين عبر شبكات الإنترنت هم سكان الدول المتقدمة اقتصادياً، يليهم المستهلكون من الدول ذات الاقتصادات المتوسطة، في حين يمثل المتسوقون من الدول الأكثر فقراً في العالم نسبة 2% فقط، وقالوا: إن عدد الشركات التي تعمل في هذا المجال لا يقل عن مليوني شركة حول العالم، بالإضافة إلى الشركات الصينية، وإن غالبية تلك الشركات تتركز في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بحوالي 1.3 مليون شركة(4).
وبحسب منظمة التجارة الإلكترونية، فإن الصين وأمريكا تهيمنان على عالم التجارة الإلكترونية من خلال شركاتهما العالمية العملاقة، مثل: «علي بابا»، و»علي إكسبرس» (الصين)، و»أمازون»، و»إيباي» (أمريكا)، حيث بلغت مبيعات التجزئة الإلكترونية في الصين وحدها أكثر من 1.5 تريليون دولار في العام الماضي وحده، الذي كان ما يقرب من ثلاثة أضعاف منافسها التالي؛ الولايات المتحدة الأمريكية.
نمو متزايد بالشرق الأوسط
تبلغ نسبة عدد الشباب في منطقة الشرق الأوسط مقارنة مع المناطق الأخرى من العالم نسباً مرتفعة، وتعتبر هذه الشريحة هي الأكثر إقبالاً على الشراء الإلكتروني، مثلاً السعودية يشكل الشباب تحت سن 30 عاماً نحو 55% من السكان، ونحو 65% منهم يستخدمون الأجهزة الذكية؛ مما يؤدي إلى نمو مطرد في التجارة الإلكترونية.
في عام 2016م، وصل حجم قطاع التجارة الإلكترونية في مصر والسعودية والإمارات والأردن والكويت وقطر ولبنان إلى 10.37 مليار دولار، ليظهر ارتفاع بنسبة 26.2% عن العام الماضي، وتفوّقت دولة الإمارات من حيث حجم قطاع التجارة الإلكترونية بمبلغ 3.5 مليار دولار، متقدمة بذلك على السعودية ومصر والكويت والأردن ولبنان وقطر.
من حيث عدد المشترين على الإنترنت، احتلت مصر المركز الأول بحوالي 18 مليون مشترٍ، تلتها السعودية بـ12 مليوناً، ثم الإمارات بـ7 ملايين عام 2016م.
يظهر تحليل المشترين عبر الإنترنت وفقاً للجنس أن عدد المتسوقين عبر الإنترنت من الذكور أكثر من الإناث، وهذا الأمر يظهر بوضوح في مصر؛ حيث إن الذكور يمثلون 80% من كل عمليات الشراء عبر الإنترنت، أما في الإمارات، فإن نسبة الإناث تمثل 40% من كل عمليات الشراء عبر الإنترنت، بينما في السعودية نسبة الإناث 34%.
ويمثل الذين أعمارهم ما بين 30 و34 عاماً أكبر فئة من المتسوقين عبر الإنترنت في العالم العربي، كما يظهر الاستطلاع أن الفئة العمرية بين 18 و25 عاماً تمثل نسبة لا بأس بها من المتسوقين في السعودية مصر ولبنان، لخيار الأكثر شعبية بالنسبة للمتسوقين في المنطقة هو الدفع عند الاستلام، حيث يفضل 50% من المستهلكين هذه الطريقة والأكثر انتشاراً في مصر، حيث تصل نسبة المستهلكين الذين يدفعون عند الاستلام إلى 70%، مع وجود البطاقات الائتمانية الجديدة التي يمكن استخدامها بسهولة في التسوق(5).
_________
الهوامش
(1) تقرير منظمة التجارة الإلكترونية، عام 2019م، منظمة الأمم المتحدة.
(2) شركة أبحاث السوق «Statista”، تقرير عام 2017م.
(3) التجارة الإلكترونية.. من بناء الثقة إلى تحدي حماية الخصوصية، الجزيرة الوثائقية عام 2019م.
(4) منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، عام 2018م.
(5) تقرير المدفوعات، تقرير التجارة الإلكترونية، شركة بيفورت، عام 2016م، (آخر إصدار للشركة).