يحتفل زعماء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في لندن، اليوم الثلاثاء، بمرور 70 عاماً على قيام حلفهم، وسط تزايد انتقادات بعض الدول الأعضاء بالحلف من بينها فرنسا.
هذه الانتقادات يراها الكثير من مراقبي وخبراء خطط “الناتو” السياسية ومقدراته العسكرية بمثابة تهديد لكيانه، فمؤتمر لندن يعتبر مؤتمر بحث “الناتو” عن استرداد هويته التي فقدها جراء الانتقادات، وعجزه عن إحلال الأمن بالدول التي يشارك بإنزال عسكري فيها، مثل أفغانستان، وعدم استعداده لدراسة آراء وزيرة الدفاع الألمانية أنيجريت كرامب كارينباور التي تكمن مشاركة “الناتو” بالإشراف على حماية اللاجئين السوريين بالمناطق الآمنة التي تريد تركيا إنشاءها بسورية لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فالتزام “الناتو” الصمت يعني رفضه وعدم اكتراثه بوضع اللاجئين السوريين، وعدم دعم تركيا العضو المهم في الحلف بمساعدتها بحماية المناطق الآمنة.
يعاني الحلف من مشكلات بدأت مع رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترمب الذي استهدف “الناتو” بحملته الانتخابية، مؤكداً أنه لا يعير للحلف اهتماماً، مطالباً الدول العضوة بالحلف وخاصة ألمانيا زيادة مقدراتهم المالية التي تذهب إلى الحلف، منتهية هذه المشكلات بتأكيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحلف بأن “دماغه ميتة”، هذا الوصف الذي أخرج الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان عن سجيته الهادئة ليصف دماغ ماكرون بالميت وعليه العمل على إحيائه من جديد.
عدا عن ذلك، فإن بند الحلف المهم دفاع “الناتو” عن دولة عضو به من اعتداء خارجي لم ينفذ على الإطلاق وخاصة عملية “نبع السلام” التركية في الشمال بسورية، فبالرغم من دفاع زعيم “الناتو” ينس شتولتبيرج عن العملية التزم الصمت حيال مطالب بإخراج تركيا من الحلف، فموقف الحلف من تركيا جعل أنقرة تتجه نحو موسكو للتعاون من أجل وضع حد لمأساة الشعب السوري بالرغم من أن فلاديمير بوتين يدعم بشار الأسد لإبادة الشعب السوري.
وقد أفادت الخلافات بين أعضاء دول “الناتو” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي استطاع باجتياحه شبه جزيرة القرم وسلخه عن أوكرانيا وضمه إلى الحظيرة الروسية ودعمه لانفصاليين يريدون إقامة دويلة لهم بالشرق الأوكراني، إخافة دول بحر البلطيق (ليتوانيا وليتلند وإستونيا) العضوة بالحلف التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي السابق من اجتياح روسي لها؛ الأمر الذي كان وراء إرسال الآلاف من فرق “الناتو” إلى تلك الدول، إلا أنهم بقوا مكتوفي الأيدي تجاه عرض روسيا عضلاتها أمام “الناتو”، فالرئيس بوتين جزم أن “الناتو” ضعيف يعاني من سكرات الموت ولن يواجه موسكو.
ويطالب بعض السياسيين في ألمانيا ولا سيما من الحزب “البديل لألمانيا “المعادي للإسلام والأجانب وأوروبا ومن “التحالف اليساري” وبدعم من بعض أعضاء “الخضر” إلغاء حلف “الناتو”، فهو لم يعد له قيمة منذ انهيار حلف “وارسو” العسكري الذي ألغي بعد إلغاء الأنظمة الشيوعية بأوروبا الشرقية.
ولا أحد يستطيع التكهن ما إذا كان زعماء “الناتو” بمقدرتهم استرداد شخصية حلفهم الضائعة من جديد من خلال تأكيدهم على إعادة الهيبة لحلفهم، وأنه القوة الرئيسة في العالم أو سيتركونه عرضة للأفول بهدوء.